قالت صحيفة “الغارديان” في افتتاحيتها إن موقف الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن من الجولة الأخيرة من الحرب بين إسرائيل وحركة حماس كان متوقعا، لكن المتغير الجديد في المعادلة هو أن مواقف حزبه الديمقراطي والرأي العام تتغير وعلى الرئيس أن يستجيب للتغيرات الجديدة.
وقالت إن من أكثر الملامح القاتمة في النزاع الذي تكشف في الأيام الأخيرة هي العادية المطلقة له وبخاصة من عاشوا في تفاصيله. فقد عانى الصغار من العنف وأكثر من مرة.
وأشار مجلس اللاجئين النرويجي إلى أن 11 طفلا استشهدوا في الغارات الإسرائيلية على غزة قتلوا أثناء مشاركتهم في برنامج للمساعدة النفسية وتمكينهم من التعامل مع صدمات الحرب. ومن بين 228 فلسطينيا استشهدوا في الجولة الأخيرة كان هناك 63 طفلا، مقابل 12 إسرائيليا من بينهم طفلان. وعلقت الصحيفة أن الطرفين في الحرب لا يهتمان بحياة المدنيين، ولكن المعاناة الكبرى كانت للأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا في الغارات أو فقدوا آباءهم وإخوانهم ودمرت مدارسهم والعيادات الطبية التي يحصلون على العناية الصحية منها.
وأعلنت إسرائيل في وقت متأخر من يوم الخميس أنها وافقت على وقف إطلاق النار وأكدت حركة حماس أن الحرب ستتوقف في منتصف الليل، وبدا الطرفان وبعد 11 يوما من المواجهة يبحثان عن مخرج، وزاد الرئيس جوزيف بايدن قبل يوم من نبرته حيث أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في آخر مكالمة هاتفية معه أنه يتوقع خفضا نوعيا في التوتر في الطريق لوقف إطلاق النار.
وترى الصحيفة أن هذا هو أسلوب الولايات المتحدة التي تبدأ في كل نزاع يخص إسرائيل بالحديث عن حقها بالدفاع عن نفسها، ثم منع مجلس الأمن من تمرير أي قرار يضع ضغوطا على إسرائيل. وبعدها تبدأ بالحديث بشدة عندما تشعر أن القرار بات قريبا، إما من أجل استخدام ما تبقى لها من نفوذ بحكمة أو الظهور بمظهر المؤثر.
وتؤمن هذه الإدارة أن من الأفضل الضغط بشكل سري وخاص وليس الحديث علنيا. ورغم كون هذا الأسلوب مقنعا إلا أن واشنطن لم تظهر ضغطا كافيا في أحاديثها الخاصة. ويعكس هذا النهج أسلوب الرئيس في إدارة عمله وتجربة باراك أوباما المرة الذي أظهر له نتنياهو احتقارا دفع الولايات المتحدة لعدم استخدام الفيتو في تصويت مهم بمجلس الأمن لوقف الاستيطان بالأراضي الفلسطينية المحتلة.
لكن حماسة دونالد ترامب المطلقة لنتنياهو والهدايا التي قدمها له أضعفت الفلسطينيين وجرأت رئيس الوزراء. لكن خليفة ترامب عاد للوضع القائم في علاقة الولايات المتحدة مع إسرائيل. لكن هناك شيء تغير، فمواقف جزء من حزبه والرأي العام تتغير. فالدفعة من النواب الديمقراطيين التقدميين وحركة “حياة السود مهمة” ولدت دعما جديدا للفلسطينيين. وهناك الكثير داخل المجتمع اليهودي الأمريكي من ينتقدون وبشكل متزايد إسرائيل. وفي هذه المرة جذب النزاع انتباه الرأي العام. ولدى بايدن الكثير مما يشغله في الداخل وعلى المسرح الدولي ويريد أن يبعد هذا إلا أن هذه الحرب أظهرت له أن النزاع لن يختفي طالما لم يتم حل المشاكل الجوهرية. فظلم الاحتلال المترافق مع التوسع الاستيطاني جعل من حلم الدولة الفلسطينية بعيدا. وفي الوقت الذي تحرم فيه إسرائيل المواطنين الفلسطينيين من نفس الحقوق التي تمنحها لليهود، ربما فضلت الولايات المتحدة ألا تفكر في كل هذا. وعلى المدى البعيد قد تجد إسرائيل نفسها غير قادرة على التعويل على حليف مذعن كأمريكا.