شوارع دمشق لم تكن في حركتها المعتادة صباح اليوم إنها عطلة رسمية في الذكرى الخامسة بعد المئة لإعدام 21 من المثقفين وطالبي الحرية، في بلد لم يعد إحصاء "الشهداء" فيه سهلا.
"عبثا حاول المحتل خنق صوت الحرية" تقول وزارة الداخلية السورية في بيان للذكرى، وتضيف: "فأعدمهم جمال باشا السفاح عام 1916 حيث ارتقى 14 منهم في ساحة البرج في بيروت و7 في ساحة المرجة بدمشق"، ولاحقا أطلق اسم "ساحة الشهداء" على الساحتين.
في إشارة إلى الأزمة التي تشهدها البلاد منذ 10 سنوات، تتحدث الوزارة عن "السوريين الذين قدموا آلاف الشهداء دفاعا عن الوطن يحيون الذكرى الخامسة بعد المئة لعيد الشهداء من القادة الوطنيين والمفكرين والمثقفين الغيارى من قادة مقاومة الاحتلال العثماني البغيض".
ورغم أن إحصاء دقيقا بعدد ضحايا تلك الأزمة، (وكل طرف يطلق توصيف "الشهداء" على من يسقطون ضمن صفوفه)، إلا أن معظم التقديرات تشير إلى أنهم بمئات الآلاف.
شهداء عام 1916 الذين علقوا على المشانق صاروا أشهر الشهداء في التاريخ السوري الحديث، كذلك اشتهر اسم الحاكم العثماني على بلاد الشام جمال باشا، الذي صار لقب السفاح جزءا من اسمه.
شفيق أحمد المؤيد العظم، وعبد الحميد محمد شاكر الزهراوي، وعمر عبد القادر الجزائري، وشكري علي العسلي، وعبد الوهاب أحمد الإنكليزي، ورفيق موسى رزق سلوم، ورشدي أحمد الشمعة."
جرجي موسى حداد، وسعيد فاضل بشارة عقل، وعمر مصطفى حمد، وعبد الغني محمد العريسي، وعارف محمد سعيد الشهابي، وتوفيق أحمد البساط، وسيف الدين أبي النصر الخطيب، وعلي عمر النشاشيبي، ومحمود جلال سليم الآمدي البخاري، وسليم محمد سعيد الجزائري الحسني، بترو باولي من اليونان وكان مقيما في بيروت، وأحمد طبارة، ومحمد الشنطي اليافي من يافا، أمين لطفي الحافظ.
ويذكر مؤرخون أن جمال باشا وجه لأولئك المثقفين تهما بينها التعامل مع استخبارات أجنبية "بريطانية وفرنسية" ضد الحكم العثماني، والعمل على الانفصال عن الدولة العثمانية.
وكان السفاح في تلك الفترة قائدا للجيش الرابع وحاكما على سوريا وفلسطين والحجاز، وتزامنت تلك الإعدامات مع الحروب التي كان العثمانيون، وبداية نهاية دولتهم.
وأعدم جمال باشا تلك الشخصيات بناء على محاكمات عرفية صورية اجريت في بلدة عالية اللبنانية، وهي الإعدامات التي جعلت لقبه "السفاح" أشهر من اسمه "جمال".
في 2018 ومع توالي هزائم العثمانيين، لاذ "السفاح" بالفرار بمساعدة الألمان المتقهقرين، ووصل إلى سويسرا، قبل أن تصدر محكمة عسكرية في السلطة العثمانية الجديدة بحقه حكما غيابيا بالطرد من الجيش والإعدام، حسب الموسوعة العربية التي تضيف أنه قضى اغتيالا عام 1921، وتقول إنه "لم يبق لجمال باشا في ذاكرة العرب إلا صورة السفاح البغيض"