اعتبر تقرير إسرائيلي أن روسيا معنية بتعميق تأثيرها داخل لبنان، وتنظر إلى هذه الدولة على أنها استمرار مباشر لمصالحها في سورية وحوض البحر المتوسط. ويأتي الاهتمام الروسي بلبنان في ظل الأزمة الكبيرة التي تواجهها الدولة اللبنانية في كافة النواحي، وخاصة في المجالات السياسية والاقتصادية والصحية إثر انتشار جائحة فيروس كورونا. وأوصى التقرير صناع القرار في إسرائيل بأن يكون الموضوع اللبناني أحد مواضيع الحوار بين تل أبيب وموسكو.
وحسب التقرير، الصادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب أمس، الأربعاء، فإنه بإمكان روسيا مساعدة لبنان في حل مشاكل مركزية، مثل الاستثمار في مجالي الطاقة والتطعيمات ضد كورونا، "لكن من الواضح أنه ليس بمقدور روسيا حل مشاكل لبنان العميقة".
ورصد التقرير تكثيف الاتصالات بين روسيا ومسؤولين لبنانيين، إثر زيارة المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، إلى موسكو، منتصف الشهر الحالي، وإجرائه محادثات عبر الفيديو مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ولقائه مع رئيس الوزراء، ميخائيل ميشوستين، ووزير الخارجية، سيرغي لافروف.
ودعا ميشوستين إلى تحسين التبادل التجاري بين الدولتين، وأن ينشئ لبنان ظروفا لجذب استثمارات روسية، فيما دعا الحريري شركات روسية إلى الاستثمار في الاقتصاد اللبناني وطالب بالتبرع بلقاح "سبوتنيك في" الروسي للبنان. كما تحدثت تقارير عن مداولات بين الجانبين حول ترميم مرفأ بيروت، بناء محطات توليد كهرباء ومشاريع بنية تحتية. وقبل ذلك التقى الحرير ولافروف في أبو ظبي.
واستضافت موسكو وفدا من حزب الله، في منتصف آذار/مارس الماضي، وبحث مندوبون عن الخارجية والبرلمان الروسيين معه الأزمة السياسية في لبنان والوضع في سورية. واستقبل لافروف وفد حزب الله.
وأضاف التقرير إلى أنه "إثر الهيمنة الروسية في الحلبة السورية، يشكل لبنان حيزا لدفع مصالحها. ومن وجهة النظر الروسية، تشكل سورية ولبنان ’أدوات متداخلة’ من الناحيتين الأمنية والاقتصادية، وهكذا فإن انعدام الاستقرار في إحداها يؤثر على الأخرى".
وأشار التقرير إلى أن "بحوزة روسيا أدوات متنوعة من أجل التأثير على الوضع في لبنان، وبين أسباب ذلك أن قوات الجيش الروسي في سورية، التي تنتشر على طول الحدود السورية اللبنانية في السنوات الأخيرة، لها علاقة بمصالح لبنان الأمنية".
وكان بوتين قد أعلن، بعد زيارة الحرير إلى موسكو، أنه يؤيد موقف الحريري بما يتعلق بتشكيل الحكومة. "ويبدو أن اللبنانيين يعون محدودية قدرة روسيا على الإسهام في اقتصادهم، ويستغلون اتصالاتهم مع الروس كرافعة ضغط أخرى من أجل الحصول على المساعدات التي وعدهم الغرب بها، والمشروطة حتى الآن بتشكيل حكومة تدفع إصلاحات".
وأضاف التقرير أن روسيا حافظت على علاقات مع كافة القوى اللبنانية، من خلال قنوات رسمية وغير رسمية، وتسعى إلى إعادة 1.5 مليون لاجئ سوري إلى سورية بتمويل دولي. ولبنان يشارك في مؤتمرات تعقدها روسيا في هذا السياق.
وأشار التقرير إلى أن روسيا معنية بموطئ قدم في مجال الطاقة اللبناني، الذي يتوق لمساعدة خارجية. وفي هذا السياق، فازت شركة الغاز "نوفاتيك" الروسية، إلى جانب شركتين فرنسية وإيطالية، بعطاء لاستخراج الغاز في البحر المتوسط، الذي يتنازع لبنان وإسرائيل على قسم منه. واستثمرت شركة النفط "روسنفط" الروسية الحكومة في منشأة تخزين نفط في طرابلس. وحصلت شركات روسية، في الأشهر الأخيرة، على امتياز تجاري في سورية للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط، فيث منطقة الحدود البحرية السورية – اللبنانية.
وتابع التقرير أنه "إثر العقوبات الأميركية الصارمة على سورية وأجزاء من المؤسسة المالية اللبنانية، ثمة فائدة لشركات روسية، تخضع لعقوبات ومعتادة على العمل في ’المجال الرمادي’، بالنسبة للبنان، وخاصة في صفقات تشارك فيها سورية".
واعتبر التقرير أنه "بالنسبة لإسرائيل، ليس كافيا متابعة الضلوع الروسي في لبنان، وإنما ثمة حاجة إلى طرح الموضوع اللبناني في إطار الحوار الجاري بينها وبين روسيا. وحتى الآن، اعتُبرت موسكو بنظر إسرائيل أن عنوانا للحلبة السورية فقط، فيما الانشغال السياسي في السياق اللبنان تم بالأساس من خلال الولايات المتحدة. إلا أنه ثمة أهمية لتوسيع الحوار مع روسيا حول اهتمامات إسرائيل بما يتعلق بالوضع في لبنان، وكذلك بشأن دور حزب الله السلبي في الحلبة الداخلية اللبنانية، وكذلك بشأن تصعيد التوتر مقابل إسرائيل على طول الحدود اللبنانية، وكذلك بما يتعلق بتموضعه في سورية بشكل قد يؤدي إلى اشتعال في الجبهة الشمالية".
وخلص التقرير إلى أن روسيا، التي تقيم علاقات رسمية مع حزب الله، من شأنها أن تشكل قناة لنقل رسائل (إسرائيلية) إلى حزب الله. إضافة إلى ذلك، نقترح دراسة ما إذا كانت مصلحة موسكو الحفاظ على حصتها في سوق الغاز الأوروبي مع المبادرين إلى نقل الغاز من الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط إلى أوروبا، الذي تشارك فيه إسرائيل. وفي موازاة ذلك، ينبغي العمل من أجل توسيع الحوار حول الوضع في لبنان وانعكاساته على المنطقة مع شريكات إسرائيل في الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، فرنسا وبريطانيا".