حذّر السيناتور الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا، ليندزي غراهام، ومورغان دي أورتاغوس، المستشار السياسي والمتحدث السابق لوزارة الخارجية الأمريكية، إدارة بايدن من العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وتضييع سنوات من التقدم في الشرق الأوسط.
وفي مقال تحت عنوان: “خطة إنقاذ بايدن لإيران بـ90 مليار دولار” قالا إن العودة مرة ثانية إلى خطة العمل المشتركة الشاملة الموقعة مع إيران في 2015، أو كما تعرف باسم “الاتفاق النووي الإيراني” ستكون بمثابة حدث زلزالي وسيقود إلى الفوضى وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط. وأضافا أن الرئيس جوزيف بايدن ورث عن الإدارة السابقة “شرق أوسط” هادئا نسبيا، لكن بدون تحديات، بل وشهد عدة اتفاقيات تاريخية بين دول عربية وإسرائيل، بعد عقود بدون تحركات نحو الاعتراف بالدولة العبرية.
في المقابل، نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا قالت فيه إن إدارة بايدن تفكر برفع العقوبات المتعلقة بالإرهاب عن المصرف المركزي الإيراني. وبعبارات أخرى “وبعد وعد في شهادة أمام الكونغرس بصفقة طويلة الأمد وقوية مع إيران، يسارع فريق بايدن الدبلوماسي باتجاه التسوية. ومع أن العودة للاتفاق النووي لن تحصل في ليلة وضحاها، لكنها قد تحصل وبسهولة هذا العام. ولو أعاد بايدن الولايات المتحدة لخطة العمل المشتركة الشاملة 2 فإنه يكون قد أوقف الزخم الإيجابي في الشرق الأوسط من خلال زعزعته استقرار القوة السلمي الذي ورثه”.
وأعطت الاتفاقية الأولى إيران المال، فحتى إعادة فرض العقوبات من جديد في 2018، كان المصرف المركزي الإيراني يتحكم بـ120 مليار دولار من احتياطات النقد الأجنبي. وحجزت العقوبات الأمريكية هذه المليارات في حسابات الضمان، وأجبرت الضغوط إيران على سحب الأموال من الحسابات التي ظلت مفتوحة.
وبعد عامين من استراتيجية أقصى ضغط، لم يتبق لدى إيران من الاحتياطي الأجنبي سوى مبلغ زهيد، 4 مليارات دولار. وفي الوقت نفسه حرمت العقوبات الأمريكية إيران من موارد بـ70 مليار دولار كانت تدعم الميزانية، وذلك بسبب العقوبات على النفط التي خفضت صادرات النفط بمليوني برميل يوميا. ولم يترك تراجع الحظوظ الضخمة أمام إيران سوى خيارات اقتصادية قليلة، واضطر النظام لتخفيض ميزانيات الدعم للجماعات الوكيلة عنه في المنطقة.
وفي الوقت الذي قاومت فيه إيران الانهيار، إلا أن بقية الشرق الأوسط تنفس الصعداء. وكان التقدم في اتفاقيات إبراهيم التي عقدت في آب/ أغسطس بين إسرائيل والإمارات معدية. وعليه فالتحالف من جديد مع إيران يهدد بتقويض معظم التقدم الذي تحقق. وفي الوقت الحالي يمكن للنظام الإيراني الحصول على 90 مليار دولار في اللحظة التي سينهي فيها بايدن العقوبات.
وبعد كل هذه، قيدت العقوبات 40 مليار دولار من النفط والمبيعات المكثفة في آسيا والشرق الأوسط، أما الـ50 مليار الأخرى، فليست متاحة للنظام. ولو تم إحياء خطة العمل المشتركة الشاملة، فستحصل إيران على 50 مليار دولار من صادرات النفط بقيمة السوق اليوم. وسيتم رفع العقوبات الأخرى التي قد تقوي قطاع الحديد والأدوية اللذين يستخدمان لتمويل الحرس الثوري ومغامراته الخارجية. وسيعود الإقتصاد الإيراني للانتعاش، ولن يمضي وقت طويل قبل أن تبدأ حقائب المال إلى حزب الله وحماس. وستذهب هذه المليارات إلى الدولة الراعية للإرهاب. ورغم تخفيض الميزانية العسكرية إلى أقل من 20 مليار دولار في العام، إلا أن إيران تنفق من الناحية التاريخية، ومنذ 2012، نحو 16 مليار دولار لدعم حلفائها في العراق وسوريا واليمن، وترسل سنويا 700 مليون دولار إلى حزب الله في لبنان.
ويقول الكاتبان: “لسنا بحاجة للتكهن أين ستنفق إيران الأموال التي ستحصل عليها من تخفيف العقوبات، فبدلا من إنفاق الأموال التي حصلت عليها قبل ستة أعوام على أبحاث السرطان والبنى التحتية، زادت من ميزانيتها الدفاعية بأرقام قياسية. ونشر الحرس الثوري الفوضى والموت، وسيحدث نفس الشيء مرة أخرى”.
وتعني العودة الجديدة للاتفاق أن القيود الأصلية بناء على شروط الاتفاق الأصلي تكون قد انتهت هذه المرة. وفي غضون عقد من الزمان، لن يكون هناك قيد على تخصيبه إيران لليورانيوم كماً ونوعاً، ولا قيود على عدد أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، ولا حظرا على استيراد الصواريخ الباليستية، ونهاية الحظر على عدد من الممنوعات الأخرى.
وتعني العودة الجديدة سباق تسلح بالمنطقة، لكن إيران سيكون لها السبق، وعندها سيتم تقويض كل التقدم الصعب الذي حققته الولايات المتحدة. إلا أن بايدن يسير مسرعا نحو هذا المصير، رغم الخطر الواضح والمحدق. وبحسب قانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني عام 2015 الذي وقّعه الرئيس في حينه باراك أوباما، يُطلب من الفرع التنفيذي تسليم أي نص يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. ولدى الكونغرس 30 يوما للمراجعة والتصويت على الصفقة. ولكن هذه المرة يخطط فريق بايدن للمناورة حول هذه القواعد. ولو استطاع الفريق تحقيق صفقة، فعندها يمكن لوزارة الخارجية الزعم أنها عادت إلى نفس الاتفاق الذي صوّت عليه الكونغرس، بدون النظر إلى أن البنى التحتية للبرنامج النووي الإيراني مختلفة عن تلك التي كانت عليه في 2015.
ولكن قانون المراجعة قد يمنح زعيم الأغلبية أو الأقلية في أي من المجلسين، النواب والشيوخ، فرصة لتقديم مشروع قانون يمنع تخفيف العقوبات التي يريد بايدن التفاوض عليها، وهو ما يضمن تصويتا في المجلسين. وعلى زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، وزعيم الأقلية في مجلس النواب كيفن ماكارثي، ممارسة هذا الحق ومساءلة أعضاء المجلسين بشأن دعمهم إرسال هذه المليارات لدولة تعتبر الراعي الأكبر للإرهاب بحسب قول الكاتبين.
وربما كانت المفاوضات مع إيران جديرة بالاهتمام، لكن أعضاء الكونغرس والشعب الأمريكي يستحقون عملية شفافة، وعليهم محاسبة إدارة بايدن بما وعدت به: “صفقة أحسن”.