إسرائيل اليوم - بقلم: يوآف ليمور "أجريت الجيش الإسرائيلي أمس تحقيقات أولية أكدت بشكل كامل بأن صاروخ أرض – جو الذي سقط في ساعات متأخرة من الليل في النقب لم يطلق عن قصد، بحيث يسقط على أرض إسرائيلية. بخلاف التخوف الأولي في أن تكون محاولة مقصودة للمس بإسرائيل، بل وربما بـ”مفاعل ديمونا”، أوضح بأن هذا كان مجرد “تسلل” لصاروخ كان يستهدف ضرب طائرات سلاح الجو وواصل طيرانه إلى الأراضي الإسرائيلية.
إن إطلاق صواريخ كهذه موضوع عادي بعد الهجمات المنسوبة لسلاح الجو في سوريا. وليلة أول أمس، كان هناك هجوم كهذا، كان موجهاً نحو أهداف نوعية على نحو خاص في الساحة الشمالية. وردت منظومة الدفاع الجوي السورية بإطلاق نحو عشرة صواريخ من عدة أنواع نحو طائرات سلاح الجو التي نفذت الهجوم. كل الصواريخ أخطأت الطائرات، ولكن واحداً منها من طراز SA5 واصل طيرانه باتجاه إسرائيل وسقطت شظاياه في النقب.
يدور الحديث عن حدث شاذ. وغالباً ما تدمر الصواريخ السورية نفسها في الهواء، وتسقط شظاياها في البحر. في حالة سابقة وقعت قبل نحو أربع سنوات، أطلق صاروخ من طراز “حيتس” نحو صاروخ سوري واصل طيرانه باتجاه إسرائيل. وأول أمس أيضاً، جرت محاولة اعتراض للصاروخ السوري. فقد أطلق المعترض نحو الصاروخ المهاجم ولكنه لم ينجح في إصابته.
ينبغي لهذا الحدث أن يقلق إسرائيل لعدة أسباب. الأول هو الحاجة العاجلة لاستيضاح سبب فشل الاعتراض. هل ينبع هذا من اختيار غير صحيح لصاروخ الاعتراض أم لأسباب أخرى. مسار طيران صاروخ أرض – جو باعث على التحدي على نحو خاص، لأن الصاروخ غيّر مسار طيرانه في أثناء الطيران ويبحث كل الوقت عن أهداف جديدة يصيبها. منظومة الدفاع الجوي وإن كانت تملك منظومات الاعتراض الأكثر تقدماً في العالم، ولكنها طورت لغرض التصدي لتهديد الصواريخ والمقذوفات الصاروخية. ومطلوب الآن إعطاء جواب لتهديدات جديدة أيضاً – من صواريخ جوالة وطائرات مسيرة وحتى صواريخ أرض جو.
السبب الثاني هو التخوف من أن يكون أحد ما في سوريا يفكر بوجود ابتكار جديد، فيبدأ في إطلاق مقصود لصاروخ أرض جو باتجاه الجنوب. للصواريخ المتطورة من هذا الطراز الذي سقط في النقب مدى بمئات الكيلومترات. صحيح أنها غير دقيقة ولا يمكن توجيهها كي تضرب هدفاً محدداً، ولكن يمكن أن يجنن سكان إسرائيل بواسطتها. وإحصائيا أيضاً، أن تجبي ثمناً بالأرواح أو بالممتلكات.
السبب الثالث هو الثقة التي يمكن لمثل هذه الأحداث أن تمنحها للسوريين ولأسيادهم الإيرانيين. فالميزان في الساحة الشمالية يميل بالقطع في صالح إسرائيل: أمام آلاف الهجمات الناجحة التي نفذت في السنوات الأخيرة، نجح السوريون في حالة واحدة في إصابة طائرة إسرائيلية اضطر طياراها على أن يتركاها. والحدث الأخير من شأنه أن يدفع دمشق بأن تؤمن بأنه يمكن تثبيت ميزان ردع جديد حيال إسرائيل. ولهذا كان تدمير البطارية التي أطلقت الصاروخ الذي سقط في البلاد (وبضع بطاريات أخرى) حرجاً ليس فقط لإحباط تهديد فوري، بل وأيضاً لجباية ثمن ولإبقاء ميزان الردع القائم.
سيملأ السوريون في غضون وقت قصير مخازنهم ببطاريات وصواريخ جديدة، برعاية روسيا التي تواصل لعبتها التهكمية في الساحة الشمالية. صحيح أن موسكو تدعي بأن هذا السلاح يأتي للدفاع عن النفس من جانب النظام السوري، ولكنه عملياً يؤدي إلى تصعيد يحذر منه الروس أنفسهم. إن الصواريخ الأرض جو المتطورة لا تهدد فقط طائرات سلاح الجو، بل كل الطيران المدني في الساحة (بما فيها الطائرات التي تطير في سماء إسرائيل منها وإليها، وأي إطلاق بالخطـأ من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد خطير.
ثمة تحذيرات بهذه الروح رفعت مرات عديدة إلى روسيا في السنوات الأخيرة، ولكن يبدو أن الحكم في موسكو يفضل الربح المالي على كل اعتبار آخر. قد تسعى روسيا بهذا، وبقدر ما، للجم أمر يعد في نظرها عدواناً إسرائيلياً على سوريا، إلى جانب تعزيز مكانتها كجسر بين الطرفين.
ولهذا السبب، وعلى خلفية الحدث الأخير، فإن إسرائيل ملزمة بوضع حقائق ناجزة أمام سوريا وألا تسمح بتغيير قواعد اللعب في الساحة الشمالية. هذا حرج لكل سبب ممكن، حتى لو استدعى الأمر تعظيم النشاط الهجومي في الفترة الحساسة الحالية.