منذ قرابة سبع سنوات، تنتظر فئات عدّة من الأسرى الفلسطينيين إتمام عملية تبادُل بين المقاومة والعدو، يُطلَق بموجبها سراح أربعة جنود من جيش الاحتلال، أُسر اثنان منهم خلال حرب غزة عام 2014، مقابل الإفراج عن آلاف الأسرى بِمَن فيهم أصحاب الأحكام العالية والأطفال والنساء والمرضى، في سيناريو لا يقلّ كمّاً ولا نوعاً عن «وفاء الأحرار».
حينما أعلنت المقاومة الفلسطينية أسْر الجندي أرون شاؤول خلال معركة الشجاعية في حرب 2014، أُقيمت احتفالات داخل سجون الاحتلال، حيث انبعث أمل جديد لدى الأسرى الفلسطينيين بقرْب كسر إرادة العدو والإفراج عنهم، ثمّ تجدّدت الاحتفالات بعد إعلان فقدان جندي آخر في الحرب، خصوصاً مع وجود اثنين قَبْلهما في قبضة المقاومة. منذ ذلك اليوم، يتابع الأسرى أخبار عملية التبادل بصورة حثيثة، على أمل وصول خبر بتقدُّم المباحثات والاتفاق على الصفقة التي عقدتها الحركة الأسيرة من خلالها الإفراج عن قرابة ثلثَي الأسرى. واليوم، يتجدّد الأمل مع وعود المقاومة في ذكرى «يوم الأسير الفلسطيني» الواقع في 17 نيسان/ أبريل من كل عام.
تتنوّع فئات الأسرى التي تنتظر التبادل، ويتقدّمها الأطفال والمرضى والأسيرات الذين يُنظَر إليهم على أنهم الفئة الأولى التي سيُجرى الإفراج عنها حتى خلال المفاوضات وقبل إتمام التبادل، لقاء المعلومات التي سيحصل عليها الاحتلال عن جنوده الأسرى. ولا يتوقّع المنتمون إلى تلك الفئة، والذين يبلغ عددهم قرابة 300 أسير وأسيرة، تعنّت العدو في إطلاق سراحهم، على غرار ما جرى في التبادل المُسمَّى «وفاء الأحرار» عام 2011. وسبق أن رفضت سلطات الاحتلال الاستجابة لمبادرة رئيس «حماس» في غزة، يحيى السنوار، الذي عرض تقديم معلومات عن الجنود الأسرى مقابل الإفراج عن الأطفال والنساء والمرضى خلال جائحة «كورونا»، والمقصود قرابة 200 أسير آنذاك، علماً أن هذا العدد قد يتضاعف مع الوقت جرّاء الأوضاع المأسوية في السجون واستمرار الاعتقالات في الضفة الغربية ومناطق أخرى.
في المرتبة الثانية، ينتظر «عمداء الأسرى» الذين أمضوا أكثر من 20 عاماً في سجون الاحتلال إنهاء ملفّهم كأولوية ضمن المفاوضات غير المباشرة، إذ يبلغ عددهم 62 من ضمنهم 25 اعتُقلوا قبل توقيع اتفاق أوسلو عام 1993. لكن تتعقّد الأمور أمام الذين يصفهم العدو بأن «أيديهم ملطّخة بالدماء»، ومن ضمنهم قادة الحركة الأسيرة الذين يُمثّلون «جوهر» العملية التفاوضية التي ستخوضها المقاومة مع الاحتلال. ومن هنا، سينصبّ التركيز عليهم، خاصة أن جزءاً منهم لم يتمّ الإفراج عنه خلال التبادل الأخير، ووعدتهم قيادة المقاومة بأن يكونوا على رأس المفرَج عنهم في التبادل المقبل، وجميع هؤلاء صدرت بحقهم أحكام بالسجن المؤبّد لمرّة أو أكثر ويبلغ عددهم 543.
تتطلّع قيادتا المقاومة والحركة الأسيرة إلى اتفاق أشبه ما يكون بتبييض السجون
وبينما تتصدّر لدى «حماس» أسماء مِن مِثل عبد الله البرغوثي وعباس السيد وجمال أبو الهيجا وحسن يوسف وآخرين، يحوز القيادي في «فتح» مروان البرغوثي، والأمين العام لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» أحمد سعدات، اهتماماً كبيراً، إذ تضعهما المقاومة على رأس مطالبها في التبادل المقبل، وفق ما تفيد به مصادر مطّلعة حسب "الأخبار"
. وعلى رغم تسلّط سيف الوقت على الأسرى الذين ينتظرون الإفراج على أحرّ من الجمر، إلا أنه ثمّة اتفاق ضمني بين المقاومة وقيادة الحركة الأسيرة على وضع قضية الوقت جانباً، مقابل تحقيق إنجاز يليق بالأسرى ويؤدي إلى الإفراج عن أكبر عدد منهم، بل يؤدي إلى حالة أشبه ما تكون بتبييض السجون، على أن يلزَم الاحتلال تنفيذ بنود صفقات التبادل السابقة والجديدة أيضاً، بحسب المصادر نفسها.
وطوال سبع سنوات، جرى الحديث بين حين وآخر عن تطوُّرات في مباحثات التبادل بين «حماس» والاحتلال عبر الوسيطَين المصري والألماني بصورة أساسية وغيرهما، فيما يعوّل العدو على تليين الحركة موقفها وقبولها صفقة تبادل متدنّية لا تشبه تلك التي أُفرج فيها عن 1048 أسيراً مقابل الجندي جلعاد شاليط، وهو ما ترفضه المقاومة بصورة قاطعة. لذلك، شرع العدو، خلال السنوات الأخيرة، في البحث عن بدائل للضغط على «حماس»، فربط أيّ تحسُّن في الوضع الاقتصادي ورفع الحصار عن غزة بإنهاء ملفّ الجنود، كما أنه لا يزال يبحث عن وسطاء يمكنهم الضغط على الحركة. وفي هذا الإطار، اقترح مقرّبون من رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، إشراك الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، في المباحثات، بهدف دفعه إلى الضغط على «حماس» التي يوجد عدد من كوادرها على الأراضي التركية، من أجل التنازل عن شروطها، على أن يحصل إردوغان في المقابل على دعم اقتصادي إسرائيلي.