المواجهة البحرية بين إيران وإسرائيل... رسائل سياسيّة لواشنطن

الأربعاء 07 أبريل 2021 10:33 م / بتوقيت القدس +2GMT
المواجهة البحرية بين إيران وإسرائيل... رسائل سياسيّة لواشنطن



القدس المحتلة /سما/

ربطت تحليلات إسرائيلية بين الهجوم الذي تعرضت له السفينة الإيرانية "سافيز" في البحر الأحمر، أمس الثلاثاء، والذي يُنسب إلى إسرائيل، وبين المحادثات الجارية في فيينا حول البرنامج النووي الإيراني والعقوبات الأميركية على طهران. في حين أشار تقرير إسرائيلي إلى خلافات بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حول الطريقة التي يدير فيها الجيش الإسرائيلي المواجهة البحرية مع طهران.

وأشارت التحليلات إلى أن المواجهة البحرية الإيرانية – الإسرائيلية التي خرجت مؤخرا إلى العلن؛ تأتي في سياق رسائل موجهة من إيران وإسرائيل على حد سواء، إلى إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، مفادها أنه على واشنطن أن ترفع قضايا الشرق الأوسط، وخاصة تلك المتعلقة بإيران وإسرائيل، على رأس سلّم أولوياتها.

واعتبر محلل الشؤون الأمنية والعسكرية في موقع "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني، رون بن يشاي، أنّ تصاعُد المواجهة البحرية بين إسرائيل وإيران، وتزامن الهجوم الذي تعرضت له السفينة الإيرانية مع المباحثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، أمس، في فيينا، تعتبر رسائل صريحة لواشنطن بأنه "إذا لم تتم معالجة جذرية للمشاكل بين إسرائيل وإيران، فقد يتدهور الوضع نحو شفير حرب شاملة".

وادعى بن يشاي أن "السلطات الإيرانية استخدمت السفينة "سافيز" كقاعدة بحرية عائمة لهدفين رئيسيين: تأمين الشحن الإيراني في البحر الأحمر والسماح للقوارب السريعة والقيادة البحرية للحرس الثوري بمهاجمة السفن المدنية أو العسكرية بما يخدم مصالح إيران. على سبيل المثال، توفر القوارب السريعة على متن السفينة، والتي يبحر بها أفراد الحرس الثوري، الحماية لناقلات النفط الإيرانية أو سفن الأسلحة الإيرانية التي تبحر عبر قناة السويس إلى البحر الأحمر لتهريب حمولتها إلى سورية ولبنان".

ورجّح بن يشاي أن الهجوم الذي تعرضت له "سافيز" من تحت سطح البحر استهدف مروحية السفينة أو دفتها الموجودة في مؤخرة السفينة، وشل السفينة الراسية فوق وسط البحر لفترة طويلة جدا، وذكر أنه "من الصعب جدًا إصلاح واستبدال الأجزاء التالفة في وسط البحر. وبالتالي، سيتعين على الإيرانيين إرسال سفينة لسحب ‘سافيز‘ إلى ميناء كبير بما يكفي حيث يمكن إصلاحها. قد يستغرق سحب السفينة وإصلاحها أسابيع، إن لم يكن شهورًا".

واعتبر بن يشاي أن الهجوم الذي تعرضت له "سافيز"، يعبر عن التصعيد الحاصل في الحرب البحرية السرية بين إسرائيل وإيران، والتي برزت في تقارير صحافية أجنبية خلال الفترة الماضية، في البحر الأحمر والبحر الأبيض، وأشار إلى أن الهجوم هدف إلى "الرد على الهجوم الذي تعرضت له سفينة الشحن المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي أودي أنجي في بحر العرب، نهاية آذار/ مارس الماضي؛ ردع إيران والتأكيد على التفوق البحري الإسرائيلي في المنطقة في البحرين الأحمر والأبيض، في محاولة لمنعهم من مهاجمة أهداف بحرية إسرائيلية أو تهريب النفط والأسلحة إلى سورية ولبنان".

والهدف الثالث الذي أورده بن يشاي هو "التأكيد لواشنطن أن إسرائيل ستواصل حربها على النشاط الإيراني في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك في سورية ولبنان والعراق واليمن. هذا على الرغم من حقيقة أن الأميركيين يبذلون جهودًا جبارة للتوصل إلى تسوية مع إيران".

وأشار بن يشاي إلى أن "العلاقة بين المحادثات حول البرنامج النووي الإيراني في فيينا والحرب البحرية تكمن في النقطة الأخيرة"، مشددا على أن المسؤولين في إسرائيل "يلاحظون أن إدارة بايدن تسعى إلى تحييد المواجهة مع طهران من أجندتها على المدى القريب، وبالتالي معالجة الأزمة التي أحدثها انتشار جائحة كورونا محليا والعمل على تطوير البنية التحتية والتعامل مع الصين وروسيا في ما يتعلق بقضايا خارجية مرتبطة بالأمن القومي الأميركي".

واعتبر أن "البرنامج النووي الإيراني يعد مصدر إزعاج للأميركيين لأن إدارة بايدن تعهدت بعدم السماح لإيران بأسلحة نووية ولأن واشنطن تخشى أن استمرار طهران في تطوير أسلحة نووية، قد يدفع إسرائيل إلى مهاجمتها، وبالتالي قد تندلع حرب في الشرق الأوسط ستنجر إليها الولايات المتحدة، سواء أرادوا ذلك أم لا. لذلك، فإن الأميركيين على استعداد لتقديم تنازلات لضمان عودة الإيرانيين للالتزام ببنود الاتفاق النووي".

نتيجة لذلك، بحسب بن يشاي، "هناك تخوف إسرائيلي، إذ يعتقد المسؤولون في الأوساط الاستخباراتية الإسرائيلية أن الإيرانيين لا يسعون للوصول إلى سلاح نووي خلال الفترة القريبة، وإنما يعمل المسؤولون في طهران على أن تصبح إيران دولة شبه نووية، وأن المحادثات في فيينا، والتي قد ستستمر لعدة أشهر، ستسمح لهم بإحراز تقدم كبير في هذا الاتجاه"، وشدد على أن "إسرائيل تحاول عرقلة هذه العملية لكنها تواجه صعوبات جمة". ولفت إلى "تقلص تأثير الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو على الإدارة الأميركية الحالية".

واعتبر أن "إحدى الطرق المتاحة أمام نتنياهو للتأثير على إدارة بايدن"، تكمن في ما وصفه بـ"الدبلوماسية الحركية السرية"، والتي تتمثل بمهاجمة أهداف بحرية إيرانية، وعلى الجهة الأخرى، اعتبر أن إحدى وسائل الضغط المتاحة لإيران لتحقيق مكاسب في المحادثات مع واشنطن، هي إدارة "مواجهة بحرية محدودة" لتذكير الأميركيين أن مصالح السعودية والإمارات وحلفاء الولايات المتحدة العرب في المنطقة تحت التهديد الإيراني ومهددة بالتعرض للضرر كذلك.

خلافات في أجهزة الأمن الإسرائيلية حول إدارة المواجهة البحرية

وعلى صلة، نقل المحلل العسكري في موقع "واللا" الإلكتروني، أمير بوحبوط، عن مصادر في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن "هناك خلافات داخل الجيش الإسرائيلي وبين الأجهزة الأمنية الأخرى في إسرائيل كذلك حول إدارة المواجهة البحرية مع إيران" وطريقة الرد على الهجوم الذي تعرضت له السفينة الإسرائيلية في بحر العرب.

واعتبر مسؤولون في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن "نجاح الإيرانيين بمهاجمة سفينتين مدنيتين إسرائيليتين تشير إلى فشل قادة المعركة، ولا توجد كلمة أخرى"، مشددين على أن "المعركة يجب أن تكون سرية وغامضة وغير مباشرة. ولا يمكنها أن تعرّض المصالح المدنية الإسرائيلية للخطر"، بحسب بوحبوط.

وأضافوا أنه في هذه المرحلة، "يستحيل تجاهل الواقع الأمني ​​المعقد الذي نشأ في المنطقة"، خصوصا خروج المواجهة إلى العلن بعد التقارير التي وردت مؤخرا في وسائل الإعلام الأجنبية، وفي ظل نفي الولايات المتحدة أي علاقة لها في الهجوم الذي تعرضت له السفينة الإيرانية "سافيز"، الثلاثاء.

وردا على سؤال من القناة 12 الإسرائيلية عن التقرير الذي أفادت فيه صحيفة "نيويورك تايمز" بأن تل أبيب أبلغت واشنطن بتنفيذها الهجوم على "سافيز"، قال وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، اليوم الأربعاء، إن "إسرائيل ستواصل العمل والتصرف أينما سيتطلب منها الأمر".

وقال غانتس إنه "يتعين على إسرائيل الاستمرار في الدفاع عن نفسها، ولا نخفض مستوى التأهب في أي لحظة، وسنواصل التصرف أينما سنواجه مشكلة عملياتية أو حاجة عملياتية"؛ وامتنع غانتس عن الاعتراف مباشرة بمسؤولية إسرائيل عن الهجوم الذي تعرضت له السفينة الإيرانية، موضحا أنه "لا يقصد في تصريحه أي خطوات محددة تتخذها إسرائيل".