أفادت صحيفة “القدس العربي” أن خلافات كبيرة ظهرت خلال الأيام الماضية، في قائمة “حرية” المشكلة من بعض أنصار الأسير مروان البرغوثي، وناصر القدرة، القيادي المفصول من حركة فتح، وصلت لحد توجيه انتقادات حادة للأخير، على خلفية ما أدلى به مؤخرا من تصريحات، هزت صورة القائمة بشكل كبير في غزة، في الوقت الذي يتهم فيه القدوة من أنصاره بأنه تخلى عنهم في ترتيب القائمة الانتخابية، لصالح شخصيات أخرى دفع بها أنصار البرغوثي.
ويتردد حاليا أن هناك خلافا حادا انفجر مطلع الأسبوع الجاري، نجم عنه فتور في العلاقات، على خلفية تصريحات القدوة الأخيرة، التي انتقد فيها التنظيمات الإسلامية، والتي فهمت على أنها تمثل رأيه المعادي لها، ما انعكس سلبا على صورته خاصة في قطاع غزة، حيث فهمت تصريحاته على أنها موجهة للقطاع أيضا.
وكان القدوة قال بأن له مشكلة مع الإسلام السياسي أو ما وصفه بـ “الإسلاموية السياسية”، وقال إنه يتوجب استعادة قطاع غزة جغرافيا وسياسيا.
وقد جاءت تصريحاته هذه في الوقت الذي دعت فيه قيادة حركة فتح، إلى ضرورة إنجاز الوحدة الوطنية مع حركة حماس، وذلك بتشكيل حكومة وحدة بعد الانتخابات، وهو ما أظهره أمام الناخبين بمظهر المعادي للوحدة الوطنية، وأن قرار طرده من حركة فتح لم يكن فيه ظلم للرجل.
ووفق الصحيفة، فإن تصريحات القدوة بقدر ما لاقت انتقادات علنية وحادة من تنظيمات مثل حماس والجهاد الإسلامي، لاقت أيضا انتقادات أشد لكنها لم تكن معلنة، من حلفائه (أنصار فريق البرغوثي)، كونه يمثل رأس القائمة التي يشاركون فيها، وتلاقي دعمهم.
وخلال الأيام القليلة الماضية جرت اتصالات مع القدوة، انتقدته بسبب تلك التصريحات، وقد طلب منه رسميا بعدم الحديث عن أي أفكار سياسية مجددا لوسائل الإعلام، قبل الاتفاق معهم عليها.
وجاء ذلك في ظل عدم استبعاد أنصار مروان بأن يخرج القدوة، في حال لم يتم وضع حد له، في تصريحات جديدة، تسيء للقائمة، خاصة وأنه سبق تصريحاته الأخيرة، أن ظهر خلال مقابلة افتراضية على منصة “زووم” مع عدد من النشطاء وأعضاء الجاليات في الخارج، وهو يتطاول بطريقة غير لائقة، على سيدة فلسطينية، قاطعت حديثه خلال النقاش.
وهنا يدور الحديث عن “جدول مصطلحات” يجري الاتفاق عليه مع القدوة، لعدم تسجيل أي تجاوز جديد في المرحلة القادمة، خاصة مع قرب انطلاق الدعاية الانتخابية، إذ يرى مقربو مروان أن القدوة بتصريحاته أضر بالقائمة كثيرا في الشارع الفلسطيني بشكل عام، خاصة وأن مروان يقدمه أنصاره بأنه من دعاة الوحدة الوطنية مع حماس، وأنه كان من بين من صاغوا “وثيقة الوفاق الوطني” التي وضعها الأسرى في السجون، وتبنتها الفصائل الفلسطينية.
وبما يدلل على ذلك، اضطر القدوة، بعد يوم من تصريحاته المثيرة حول الإسلام السياسي، للتراجع عنها، وقال في تصريح نشره الملتقى الوطني الديمقراطي، على صفحته الرسمية في “فيسبوك”: “نحن شركاء في الوطن مع المقاومة الإسلامية، ونريد استعادة الوحدة وإنهاء الانقسام، ونريد شراكة حقيقية بعيدة عن المحاصصة والصفقات السياسية، التي تسعى لتجديد الوضع القائم ووجوهه، وإشكالياته وقصوره”، وتلا ذلك أن خرج في لقاء تلفزيوني قال فيه “أرفض توجيه أي اتهام لي بالهجوم على الإسلام، وتم تحريف كلامي بطريقة مزعجة وكاذبة”.
ويعود الخلاف الظاهر بالأفكار السياسية بين الطرفين “القدوة والبرغوثي”، إلى التحالف المفاجئ بينهما، وذكرت الصحيفة، ” أنه لم يكن هناك أي تواصل بين الفريقين خلال الفترة السابقة، للاتفاق على برنامج مشترك، وأن ما حصل فقط في اليوم قبل الأخير لإغلاق باب الترشح، كان لقاء واتصالات أجريت بينهما، فقط لوضع أسماء قائمة المرشحين، بسبب خلاف البرغوثي مع اللجنة المركزية، وتشبثه بخيار الترشح لمنصب الرئاسة، دون الانتظار للانتهاء من مرحلة الانتخابات التشريعية أولا، حسب الاتفاق السابق.
وقد ظل البرغوثي يرفض كل النداءات التي وجهها القدوة، بعدما فصل من حركة فتح، وقرر تشكيل قائمة منفصلة، حتى أن أنصار البرغوثي كانوا قد وجهوا باللائمة للقدوة، بعد قراره، قبل أن يغيروا الموقف بشكل مفاجئ.
وفي دلالة على عدم رضا أنصار البرغوثي عن تصريحات القدوة الأخيرة، كان حاتم عبد القادر، القيادي في حركة فتح والمقرب من البرغوثي، قال إن تصريحات ناصر القدوة تخصه فقط ولا تعبر عن مواقف الأسير مروان البرغوثي أو كل أفراد قائمة الحرية، لافتا إلى أنهم يحترمون “الإسلام السياسي”، وقال “إن اختلفنا معه في بعض الجوانب، فالساحة الفلسطينية تتسع للجميع”.
إلى ذلك، فقد واجه القدوة مؤخرا انتقادات حادة من أعضاء فريقه، بعد أن تخلى عنهم، بعدما دخل في قائمة مع البرغوثي، بأن بدل أماكن ترتيبهم في القائمة، من مواقع متقدمة إلى مواقع في ذيل القائمة، حيث حل بدلا منهم أعضاء فرضهم الفريق الآخر، ما اضطر عددا منهم للانسحاب، وإنهاء العلاقة مع القدوة بشكل كامل.
من بين من انسحب، هناك من اتهم القدوة في مجالس خاصة بـ “الانتهازية”، وأنه قبل ذلك على أمل أن يحظى بدعم من أنصار البرغوثي يزيد من فرصته في بلوغ مقاعد البرلمان، وقد عبر عن ذلك صراحة لـ”القدس العربي” أحد المنسحبين من قائمة القدوة، رغم أنه كان من بين الأوائل الذين واكبوا بدايات تأسيس الملتقى الديمقراطي.
في السياق، فإن قيادة حركة فتح لا تأبه كثيرا للقائمتين اللتين سجلهما كل من محمد دحلان وناصر القدوة، وكلاهما مفصولان من الحركة، وباتت الحركة بعد التواصل مع قواعدها التنظيمية، خاصة بعد اختيار قائمة مرشحيها، وتسجيل القائمة، مرتاحة كثيرا لما تعرف بـ “القاعدة الصلبة” التي ستتجه للتصويت للقائمة الرئيسة، وفي ظل الخلافات في المواقف والآراء ما بين أنصار البرغوثي والقدوة.
وجاء ذلك بعد أن فشل القدوة الذي حصل على تأييد الأسير مروان البرغوثي، في تدعيم قائمته بأي من القيادات الفتحاوية المؤثرة، بعد أن فشل أيضا أنصار مروان في إقناع أسرى محررين من غزة، بالمشاركة في القائمة.
وفي داخل أطر حركة فتح، بدأت حملة تنظيمية لوضع حد لطموح القدوة، باعتبار أنه لم يرث ياسر عرفات زعيم الحركة السابق، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية وأول رئيس للسلطة الفلسطينية، بسبب صلة القرابة، حيث أنه ابن شقيقة الرئيس الراحل، وأن الإرث النضالي للرئيس ياسر عرفات هو إرث خاص بحركة فتح، وليس بشخوص.
والمعروف أن القدوة الذي عمل في السلك الدبلوماسي، وشغل منصب وزير الخارجية الفلسطينية، لا يملك صفات الرئيس الراحل، ولا يتمتع بقاعدة جماهيرية على الأرض، لا على مستوى تنظيم حركة فتح، ولا على المستوى الشعبي أيضا.