مع إغلاق باب الترشُّح للانتخابات التشريعية عند منتصف الليل، تَدخُل «فتح» المعركة بثلاث قوائم مختلفة.
اختُتم تسجيل القوائم الفلسطينية لانتخاب نوّاب «المجلس التشريعي» مع 36 قائمة، كانت آخرها التابعة لـ«اللجنة المركزية لحركة فتح»، باسم قائمة «حركة فتح»، بعد مخاض صعب نتيجة الخلافات الداخلية في عدد من المناطق في الضفّة الغربية المحتلة، عقب إخفاق المفاوضات مع القيادي الأسير مروان البرغوثي، الذي ذهب إلى تشكيل قائمة بالمشاركة مع عضو «المركزية» المفصول أخيراً، ناصر القدوة.
وطوال اليومين الماضيين ظهرت ورطة «فتح» بعجزها عن إعداد قائمة موحّدة تُرضي قواعدها التنظيمية في مختلف المناطق، خاصة مع ظهور اختلافات واعتراضات على أسماء المرشّحين في القدس ونابلس وجنين، إلى حدّ هجوم قيادات «فتحاوية» في قباطيا على عضو «المركزية» عزام الأحمد، واتّهامه بالتدخُّل لوضع اسم إحدى قريباته على رأس أسماء جنين، والعاشر على مستوى الوطن.
خلال ذلك، تقدّم أكثر من 12 «فتحاوياً» باستقالاتهم من الحركة، أو اعتذروا عن الترشُّح ضمن القائمة الرسمية، من جرّاء تأخُّر طرح أسمائهم، وأبرزهم الأكاديمي عدنان ملحم من طولكرم الذي حلّ في الرقم 108، ورياض السلفيتي الذي يحمل الرقم 65. هكذا، تتعقّد الحسابات لدى قيادة «فتح» بفعل المعطيات المستجدّة، ودخول قائمة البرغوثي والقدوة على الخطّ، ما يعني أنها لن تستطيع الحصول على المركز الثاني حُكماً، بل ربّما تحصل «المجموعات المنشقّة» على أعداد أكبر من تلك التي ستحصل عليها القائمة الأمّ، وهو ما يمثّل تهديداً فعلياً لشخص رئيس الحركة، محمود عباس، وفريقه في «المركزية». وتضمّ القائمة الرسمية، كما نُشر في وقت متأخّر أمس، خمسة من أعضاء «المركزية» وثلاثة محافظين، ويتقدّمهم نائب رئيس الحركة، محمود العالول، واللواء جبريل الرجوب الذي أحاله عباس على التقاعد بعد ترقيته، في جزء من الاستعدادات الانتخابية.
الآن، تُواجه «فتح» قائمة قوية لـ«حماس»، إلى جانب تكتُّل قوي داخل الحركة نفسها، وكلاهما مناهض لسياسات عباس، وهو ما أشار إليه ضمناً رئيس مركز «مسارات»، هاني المصري، عند إعلان البرغوثي - القدوة قائمة «الحرية» التي تهدف إلى «تحقيق التغيير الذي يحتاجه النظام السياسي الفلسطيني»، وهو ما أكمل شرحه مقبل البرغوثي، شقيق الأسير مروان، بالقول إن الرجلين اتّفقا على إحداث تغيير في بنية النظام، وعلى الأقلّ البنية الفوقية فيه. وإكمالاً للخطوة المشتركة، سيرأس القدوة القائمة، تليه زوجة البرغوثي، فدوى، ومعهما جمال حويل، وأحمد غنيم، واللواء سرحان دويكات، إضافة إلى ما بين 60 إلى 80 مرشحاً، على أن يجري ترشيح البرغوثي للانتخابات الرئاسية.
وبفعل تتالي المؤشرات التي تُرجّح خسارة قائمة «المركزية»، ترتفع الأصوات داخل الحركة بإلغاء الانتخابات أو تأجيلها، إذ لم تخلُ تصريحات عدد من قادة الحركة من التمهيد لمثل هذا القرار، عبر التذرُّع بموقف الاحتلال الرافض لإجراء الانتخابات في القدس المحتلة، وهو ما دفع الأحمد إلى القول: «هذا كلام جواسيس... أوّل مرّة أعلن فيها الرئيس أبو مازن أنه لا انتخابات بلا القدس وغزة، والقدس تحديداً، كانت مِن على منبر الأمم المتحدة عام 2017، وكرّر ذلك أمام كلّ الأمناء العامين، وملفّ القدس غير قابل للمساومة. القدس يجب أن تشارك ترشيحاً وانتخاباً، وفي كلّ مراحل العملية الانتخابية، مثلها مثل بقية الضفة». كذلك، قال عضو «اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير» أحمد مجدلاني، المقرّب من عباس، إن الاحتلال أبلغ الاتحاد الأوروبي منع الانتخابات في القدس، واصفاً القرار الإسرائيليّ بأنه «عنصري بامتياز»، لتعود وكالة «وفا»، التي نشرت الخبر، وتعمد إلى تعديله وحذف الجزئية المتعلّقة بمنع الانتخابات، بعد نفْي متحدّث باسم الاتحاد الأوروبي.
ويأتي قرار البرغوثي تشكيل قائمة سريعة مع القدوة كجزء من مخطّط الأول لتجاوز خطّة «فتح» التي أرادت حشره تحت ضغط الوقت، وتمرير القائمة التي أقرّتها من دون شروطه. وعلمت «الأخبار» أن شخصيات كبيرة في «فتح» ترشّحت على قائمة جديدة تضمّ نقابيين تابعين للحركة في الضفة تحت اسم «قائمة فلسطين تستطيع»، أبرزهم نقيب المعلّمين السابق، بسام زكارنة. كذلك، علمت «الأخبار»، من مصادر «فتحاوية»، أن اجتماعاً مهمّاً ستَعقده «مركزية فتح» خلال اليومين المقبلين للتباحُث في مآلات الانتخابات وحالة التشظّي وتدنّي فرص الفوز، بما يشمل إمكانية تأجيل أو إلغاء الانتخابات، بل بدأت جهات عديدة اتّصالات مكثّفة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عربية لوضعها في صورة الاستحقاق الذي قد يفضي إلى فوز «حماس»، ما سيمثّل أزمة جديدة أكبر من تلك التي تعيشها السلطة.
إلى ذلك، ثمّة توجُّه لدى عدد كبير من كوادر «فتح» في غزة لدعم قائمة البرغوثي، ومنحها الثقة على حساب القائمة «الرسمية»، اعتراضاً منهم على سياسة التضييق على كوادر التنظيم وقطع الرواتب والفصل الكيدي التي انتهجتها القيادة الحالية.