«الأونروا» وضرورة التدخل الاستثنائي لإنقاذ اللاجئين في لبنان..علي هويدي

الجمعة 26 مارس 2021 12:47 م / بتوقيت القدس +2GMT



حرمان اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية من الدولة المضيفة ومنذ عقود، وتراجع تقديم خدمات «الأونروا» نتيجة الأزمة المالية المزمنة، وتدهور قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار في السوق الموازية، وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والسلع الغذائية بشكل ليس له مثيل، لا سيما منذ تشرين الأول 2019، والتلويح برفع الدعم عن المحروقات والطحين والأدوية..، ناهيك عن تأثير جائحة كورونا على اللاجئين وارتفاع نسبة الإصابات إلى حوالى 8 آلاف إصابة وأكثر من 240 حالة وفاة حتى منتصف آذار الحالي، ونسبة بطالة وصلت إلى ما يقارب من 90% وفقر إلى حوالى 80%.. يُحتّم على «الأونروا» ومن ورائها الدول المانحة ومن يعنيه أمر اللاجئين في لبنان إلى المسارعة واعتبار وضع اللاجئين في المخيمات والتجمعات والمناطق حالة استثنائية تقتضي التحرك الاستثنائي لتوفير الضرورات الحياتية اليومية من إغاثة وصحة بشكل أساسي.
المبادرات المشكورة والمهمة التي تنشط في أوساط اللاجئين في المخيمات والتجمعات وتشرف عليها الفصائل واللجان الشعبية والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني.. بالإضافة إلى مبادرات فردية وعائلية تغطي جزءاً من الحاجات، لكن حتماً ليست لديها القدرة لها على تغطية كل الضروريات، مع غياب أي أفق لحل سياسي أو اقتصادي يُمكن أن ينقذ لبنان وبالتالي ينعكس على أوضاع اللاجئين فيه.
مؤشرات خطيرة أخرى بدأت تبرز وتتفشى في أوساط اللاجئين في المخيمات والتجمعات نتيجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي والآخذ بالتفاقم، ومنها على سبيل المثال لا الحصر؛ ارتفاع ملحوظ في نسبة الطلاق، والإحجام عن الزواج، وارتفاع نسبة العنوسة، وارتفاع نسبة المشاكل الأسرية والاجتماعية، وزيادة نسبة المصابين بحالات الاكتئاب، وتهافت على الرغبة بالهجرة ولو أدت التكلفة إلى الاستدانة أو بيع الحلي أو بيع المنازل أو الأثاث، مع ارتفاع نسبة المتاجرين والمتعاطين للمخدرات لا سيما بين الشباب، وارتفاع نسبة السرقات، وارتفاع نسبة الإقبال على التدخين وتعاطي الأرجيلة بين الشباب، وغياب لأي مشاريع تنموية في المخيمات تأخذ بعين الاعتبار خططاً تراكمية، التهافت اليومي على طلب ربطة الخبز من بعض المؤسسات، إحجام بعض المؤسسات عن تلبية حاجات كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة في مراكزها بسبب «كورونا»، وبالتالي زيادة العبء على العائلات.
لا إحصاءات دقيقة لعدد اللاجئين الفلسطينيين الفعليين في لبنان الذي يتراوح بين 260 و 280 ألف لاجئ حسب تقديرات «الأونروا» في سنة 2015. إحصاء الوكالة في (2018-2019)، أشار إلى وجود 533,885 لاجئاً مسجلاً، بينما أشار إحصاء أجرته دائرة الإحصاء الفلسطيني في رام الله ولجنة الحوار اللبناني الفلسطيني في نهاية 2017 إلى وجود 174 ألف لاجئ، وحسب تقديرات اللجان الشعبية والمؤسسات الأهلية بان العدد يتراوح بين 280 و 300 ألف لاجئ فلسطيني، وهذا لا يشمل عدد اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سورية إلى لبنان الذي يُقدر بحوالى 17 ألف لاجئ.
وكان مسح اقتصادي واجتماعي أجرته وكالة «الأونروا» بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت عام 2015 قد أشار إلى أن 95% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ليس لديهم تأمين صحي ويعتمدون اعتماداً كلياً على «الأونروا»، وأن ثلثهم يعانون من أمراض مزمنة (أمراض القلب، أمراض السرطان المختلفة، أمراض تصيب الجهاز التنفسي، كالربو والأزمات التنفسية، والانسداد الرئوي، السكري).
وبعد مرور 6 سنوات على المسح لا يوجد أي مؤشر على أن هذه النسبة قد تراجعت، إن لم تكن قد زادت. أي أن ثلث اللاجئين الفلسطينيين في لبنان معرضون للموت بسبب انتشار فيروس كورونا بين اللاجئين في المخيمات وخارج المخيمات نتيجة نقص المناعة، والضرر حتماً لن يقتصر على اللاجئين وسيتعداه للجوار.
المطلوب الآن ليس وضع الخطط لتنفيذ برامج وقائية أو البدء بمشاريع تنموية، بل المطلوب تدخل سريع وفوري للعلاج وإنقاذ من يمكن إنقاذه من الغرق ويصارع من أجل البقاء، من خلال استنفار محلي ودولي، يشمل الدولة المضيفة، والأمم المتحدة، والدول المانحة من خلال وكالة «الأونروا»، ومنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية والأهلية ومنظمات العمل الأهلي.
وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بات استثناءً يحتاج إلى استثناء في التدخل والتدخل السريع.