كيف نجح غانتس في تحقيق "المفاجأة" بالانتخابات؟

الأربعاء 24 مارس 2021 09:16 م / بتوقيت القدس +2GMT
كيف نجح غانتس في تحقيق "المفاجأة" بالانتخابات؟



القدس المحتلة /سما/

مثّلت النتيجة التي حققها حزب "كاحول لافان" برئاسة وزير الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، إحدى المفاجآت الكبرى في انتخابات الكنيست الـ24؛ وبعد تشكيك استطلاعات الرأي في إمكانية عبور الحزب الذي مثّل البديل لحكم بنيامين نتنياهو في الانتخابات السابقة، لنسبة الحسم، تمكن "كاحول لافان"، بحسب النتائج الرسمية المرحلية بعد فرز 97% من الأصوات، من الحصول 8 مقاعد برلمانية.

وبعد رحلة الصعود خلال الجولات الانتخابية الثلاث السابقة، وتحالفه مع "يش عتيد" وشخصيات عسكرية وسياسية، وطرح نفسه على أنه بديل نتنياهو، تحوّل غانتس من شخصية حملت رمزية الوحدة من أجل إسقاط "حكم الفساد والحفاظ على سيادة القانون"، إلى شخصية ترسخت بذهن الناخب الإسرائيلي على أنها مكروهة وساذجة وغير محنكة سياسيا وغير قادرة على قراءة المواقف والتعامل معها.

وخلال الحملة الانتخابية الأخيرة، تحول غانتس من مرشح محتمل لرئاسة الحكومة الإسرائيلية إلى شخصية منفرة تعلو الأصوات من المعسكر الذي يمثله مطالبة إياها بالانسحاب من المشهد السياسي "بعد فشلها في الوفاء بالوعود التي قدمتها ومنع نتنياهو من تشكيل حكومته الخامسة" التي كان غانتس جزءا مهمشا منها.

ومع ذلك، نجح غانتس في مخالفة توقعات استطلاعات الرأي ونجح في تجاوز نسبة الحسم، وحصل - حتى هذه اللحظة - على 8 أعضاء كنيست. وفي معرض إجابتها عن كيفية حصول ذلك، ومخالفة توقعات استطلاعات الرأي، ذكرت صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية، أن الأمر يتلخص بنقطتين: نجاح الحملة الانتخابية لـ"كاحول لافان" من تحويل نقاط الضعف لدى غانتس إلى مزايا، والاستفادة من ميزانية تمويل حزبية كبيرة، مستمدة من حزب مكون - على الورق - من 35 عضوًا في الكنيست.

وبحسب قانون تمويل الأحزاب، يحصل كل حزب على ميزانية وفقا لعدد أعضاء الكنيست التابعين له، كل عضو كنيست يحصل على 1.3 مليون شيكل، وقبل الانتخابات يمكن لكل حزب أن يحصل على سلفة تساوي جميع أعضاء الكنيست. بالإضافة إلى ذلك، كان لدى "كاحول لافان" مقعد للجلوس في الحكومة، وفّر له القدرة على اتخاذ القرارات واتخاذ الخطوات العملية التي يمكن أن تخدمه في الانتخابات.

صنع التعاطف

نجاح الحملة الحالية لـ"كاحول لافان" ينبع من التوصيف الصحيح للأهداف وتحديد العقبات والتعامل معها. كما تضمنت محاولة للاستفادة من الدوافع الإنسانية والعاطفية. بعبارة أخرى؛ تم تصميم الحملة وفقًا لأبعاد وقدرات "شخصية غانتس الجديدة"، والامتناع عن تقديمه كـ"مرشح نموذجي وفقا للكتاب"، والتركيز على شخصية على مستوى الجمهور الإسرائيلي، مختلفة تمامًا عن شخصية السياسي المصقول.

في الحملة الانتخابية الأخيرة، كان من المفترض أن تتحول أوجه قصور غانتس إلى مزايا، ولكن لكي يحدث ذلك، كان عليه شرعنة ترشحه مجددا للكنيست، لذلك ركز في خطاباته على دعوة ما يوصف بـ"معسكر التغيير" في إشارة إلى المعسكر المناوئ لنتنياهو، إلى التخلي عن الإيغو والتوحد تحت مظلة واحدة؛ كانت ردة الفعل حملة استخفاف بشخصه، لكن في المقابل، منحه ذلك شرعية الترشح والقول: "حاولت أن أتحد ولم أجد استجابة من الشركاء الطبيعيين".

ومن جهة أخرى، كان على "غانتس" التغلب على حالة السخط العاطفية التي تولدت ضده لدى جمهور عريض من الناخبين الذين اعتبروا أنه خانهم بانضمامه إلى حكومة تحت رئاسة نتنياهو؛ ولتخطي هذه العقبة، ركّزت حملة غانتس على "استقامة" الرجل وأن دوافعه لانضمامه إلى حكومة نتنياهو بعيدة عن الحقد الشخصي أو الانتهازية. سمحت هذه الخطوة لغانتس أن يقول: "أنا صادق ومستقيم، لقد فعلت ذلك من أجلكم".

بالإضافة إلى ذلك، كان لدى غانتس ما لم يكن لدي أي مرشح من المعسكر المناهض لنتنياهو: مقعد على طاولة الحكومة. سمح منصب غانتس كرئيس حكومة بديل وموافقته المطلوبة على أي خطوة، مساحة جديدة للمناورة والدعاية؛ فعلى سبيل المثال، الإصرار على فتح الأنشطة الاقتصادية بعد كل إغلاق، سمح له بإصدار بيان بعد كل جلسة للحكومة واستعراض الخطوات التي منع نتنياهو من اتخاذها والخطوات التي اتخذها بمبادرته وما ينوي الاستمرار في فعله، ما منحه بعضا من الشرعية ورمم الثقة بينه وبين الناخب المحبط.

كما أن التحول بخطاب غانتس، الذي كرّسه في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية، والاعتراف بالأخطاء التي ارتكبها واستعراض نفسه على أنه سياسي يخوض تجربته الأولى في هذه الحلبة ويكتسب الخبرة غير أنه "ينضوي على نوايا خالصة"، خلقت نوعا من التعاطف معه.

وفي الأيام الأخيرة التي سبقت الانتخابات، بدأت حملة غانتس في اكتساب الزخم الجماهيري اللازم، وينبع ذلك بالدرجة الأولى، من خوف الجمهور من إجراء انتخابات خامسة وإدراك الناخب أن دورا فريدا سيكون لغانتس لمنع استمرار هذه الدوامة السياسية المتواصلة منذ أكثر من عامين.