نشرت مجلة “فورين أفيرز” مقالا لحسين أغا وأحمد سامح الخالدي من كلية سانت أنطوني بجامعة أوكسفورد، وسيكون مقالهما المطول “الحساب الفلسطيني: حان الوقت لبداية جديدة” ضمن عدد آذار/مارس- نيسان/ إبريل وقالا فيه إن “النزاع العربي- الإسرائيلي قد انتهى”. وأشارا لاتفاقيات التطبيع العربية مع إسرائيل في الأشهر القليلة الماضية، من البحرين والإمارات إلى السودان والمغرب. وهناك دول قد تنضم للقائمة وأقربها عمان فيما اتخذت السعودية خطوات بهذا الشأن. وهناك دول عربية تحتفظ بعلاقات مع إسرائيل بحيث أصبح التطبيع مسألة وقت. هذا بالإضافة لمصر والأردن اللتين وقعتا اتفاقيات سلام سابقا.
وتم التخلي عن شعار الوحدة العربية ضد إسرائيل “من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر” لصالح التطبيع، ويعبر هذا عن تحول قوض الموقف العربي المتمثل بمبادرة 2002 والتي اشترطت الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 مقابل التطبيع الشامل.
لكن الحكومات العربية قدمت أولوية للمصالح الوطنية على حساب القضية المركزية: فالمغرب طبع مقابل اعتراف أمريكي بالصحراء الغربية. والسودان من أجل شطب اسمه عن قائمة الدول الراعية للإرهاب، والإمارات للحصول على الأسلحة المتقدمة.
وفي الوقت الذي انتهى النزاع بين دولة وأخرى إلا أنه لم ينته مع الفلسطينيين. فإعادة تعريف “السلام” من أجل مواءمة احتياجات الحكومات العربية لن ينهي مشكلة إسرائيل مع الفلسطينيين ولن يحلها، فهناك 13 مليون فلسطيني ينتشرون في الأرض المقدسة وفي الشتات وهناك سبعة ملايين منهم يعيشون في الأرض الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الأردن ولن يذهبوا إلى أي مكان.
كما أن التاريخ لا يدعم الجدال وهو أن السلام بين إسرائيل والدول العربية سيفتح الباب أمام السلام مع الفلسطينيين وإجبارهم على الإذعان للوقائع الجديدة والعزلة. فالحركة الفلسطينية الحديثة نشأت من ركام الهزيمة والشعور بالعزلة وتخلي الدول العربية عن الفلسطينيين بعد نكبة 1948. وبالنسبة لإسرائيل فاتفاقيات التطبيع تعني أنها ليست في وارد تقديم تنازلات للسلام مع الفلسطينيين. وستؤدي على المدى القصير لتعزيز الوضع الراهن. لكن المشهد الجديد الذي تشكل عبر التعامل العربي غير المسبوق، والإحباط الفلسطيني وانحراف إسرائيل نحو اليمين ستقدم كلها في النهاية دينامية جديدة للوضع الجامد.
نهج جديد
ونظرا لحرمان الفلسطينيين من العمق العربي، أي استعداد الدول العربية لدعم القضية الفلسطينية، فعلى الفلسطينيين الآن التفكير بشكل عميق وإعادة ترتيب الكفاح وكيفية معالجة ما أوصلهم إلى هذه النقطة وكيفية تغييرها. وليست هذه المرة الأولى التي يجد فيها الفلسطينيون أنفسهم أمام هذه اللحظة، فبعد النكبة شعر الفلسطينيون بالخيبة من تخلي الدول العربية عنهم وقرروا الاعتماد على أنفسهم. وفي 1964 ولدت منظمة التحرير الفلسطينية والتي سيطر عليها ياسر عرفات في عام 1969، وما بدأ كعمليات عسكرية معزولة ساهم في تشكيل الحركة الوطنية الفلسطينية الحديثة. ونجحت المنظمة في توحيد الفلسطينيين وفرض حضورها على المجتمع الدولي وتأكيد هوية فلسطينية وسياسية منفصلة وتحقيق الحكم الذاتي لبعض الفلسطينيين. ولكنها فشلت في إنهاء النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي وتحقيق دولة ذات سيادة والحكم، وهو ما يدعو لبداية جديدة.
الغضب من التطبيع
وأشار الكاتبان إلى أن القيادة الفلسطينية ردت على اتفاقيات التطبيع بنوع من الغضب واتهمت الدول العربية بطعنها في الظهر، لكن النقد تلاشى، ذلك أن القيادة عقدت اتفاقية مع اسرائيل في 1994 وواصلت التنسيق الأمني معها مما قطع عليها الطريق للاحتجاج على الترتيبات الأمنية بين إسرائيل والدول العربية. كما ولا يمكن للفلسطينيين التأكيد في نفس الوقت أن مأزقهم يظل مركزيا للقضية العربية ويتمتعون بالحق بمعالجته كما يرون. فمن خلال التأكيد على مصالحهم الوطنية و”الإرادة المستقلة” التي عادة ما وردت في بياناتهم السياسية، لم يترك الفلسطينيون مساحة للدفاع عن أنفسهم ضد من يزعمون أن لهم الحق الاستجابة لسيادتهم ورسم مسارهم المستقل. وباختصار فقد فشلت الدبلوماسية الفلسطينية بشكل ذريع. ويرى الكاتبان أن هذا نتاج لفقدان منظمة التحرير المصداقية كمؤسسة صناعة قرار وهيئة ممثلة. فمبادئها التأسيسية عام 1968 تمت لزمن آخر، خرقها القادة في ممارساتهم. كما أن البرنامج السياسي للمنظمة الذي يقوم على حل الدولتين، يستند على دعائم الوثيقة التأسيسية التي ترفض مبدأ التقسيم. ولم تتم مراجعة ميثاق المنظمة أو تم تحديثه منذ عام 1996. وأنشئت المنظمة لكي تكون مظلة ممثلة لكل الفصائل الفلسطينية لكن هذه الفصائل لم تعد تعكس المجتمع الفلسطيني. كما أن نظام الحصص الذي يعطي كل فصيل حصة بناء على حجمه نظام بائد ولا يمكن أن يخدم كأداة للتشارك في السلطة. وهناك عدة فصائل، وبخاصة التي كانت تمولها الأنظمة العربية انتهت ولكنها لا تزال تحتفظ بمقاعدها.
وفي الوقت الذي تسعى فيه المنظمة للوحدة إلا أن لغتها لا تزال لغة الماضي. وبداية فلسطينية جديدة لا يمكن أن تبدأ بنفس الوجوه والمعتقدات والآليات والتي قادت إلى النفق المسدود اليوم. وكان أهم مميزة لمنظمة التحرير أنها أعطت صوتا وعنوانا ومنبرا للنقاش الوطني الحقيقي، تحاول فيه الفصائل تجاوز خلافاتها من أج الأهداف العامة. وتعرضت القيادة للنقد لكن لم يتم التشكيك أبدا في شرعيتها. لكن المنظمة لم تعدل أهدافها وشكل عملها لتحقيق أهداف الدولة، فبنيتها وعملها عصية على الإصلاح. ومن هنا يحتاج الفلسطينيون إلى أدوات جديدة للتمثيل والفعل السياسي التي تعكس الوقائع الجديدة والمنظور في المستقبل. وقد يقتضي هذا مجلسا تأسيسيا جديدا بمهمة وميثاق وبرنامج سياسي جديد يتحدث عن كل الفلسطينيين ويتجنب اللغة التي لا معنى لمنظمة التحرير القديمة، وهي لغة متجذرة في منتصف القرن العشرين ولا مكان لها في القرن الحادي والعشرين.
تداخل
ولاحظ الكاتبان التداخل بين السلطة الوطنية التي أنشئت بعد اتفاقيات أوسلو عام 1994 ومنظمة التحرير التي احتفظت بهيكل أعطاها شكل صناعة القرار نظريا لكن تم تهميشها عمليا. ومن هنا أدت الخطوط الغامضة بين الجسمين لسيطرة السلطة الوطنية على كل مؤسسات منظمة التحرير بشكل شل عمل كلاهما. وما يجب عمله هو تحديد عمل السلطة في المجال الإداري وتحريرها من السياسة لكي تكون قادرة على إدارة الفلسطينيين الذين تتحكم بهم. وفي المقابل يجب إنشاء مؤسسة جديدة لمنظمة التحرير كهيئة ممثلة وعنوان سياسي للفلسطينيين ومتحررة من مسؤوليات العمل المدني وبتفويض للحديث والعمل نيابة عن الفلسطينيين في كل مكان. وكانت هذه الرؤية ضمن اتفاقيات أوسلو لكن لم يتم تطبيقها. ومن أخطاء اوسلو أنها همشت فلسطينيي الشتات، فدولة في الضفة وغزة لا تستجيب لتطلعاتهم او تحل مشاكلهم الأمنية. ومن هنا فبداية جديدة لا يمكن أن تقوم على مسارات رام الله فقط. وأي برنامج سياسي يجب أن يقدم مساحة واضحة وصوت لمن هم خارج الضفة وغزة والتأكد من حصولهم على حقهم من التمثيل في المؤسسات الفلسطينية.
كما أن الإرادة المستقلة يجب أن تبدأ من موقف واضح حول ما يمكن تحقيقه- ومراجعة لأولويات وأهداف الفلسطينيين والتي تذهب بعيدا عن الشعارات القديمة. ويعني التحرك أماما إعادة معيرة جوهرية للطموحات الفلسطينية. وبات حلم تقرير المصير من خلال الدولة بعيدا، ولا يمكن أن يعيش الفلسطينيون أسرى غياب الدولة والعيش في المجهول بانتظار مخلص لن يأتي.
التفكير بالحقوق الفردية
ويفهم أن الحركة الوطنية أعطت أولوية للمصالح الجمعية ولم تهتم بالحقوق الفردية، مثل حق العمل والتفكير والحياة والتحرك وما إلى ذلك. وعلى القادة الفلسطينيين التفكير بهذه الموضوعات، وبخاصة أن السلطة الوطنية لا تقدم نموذجا مرغوبا عن الحكم، كما أن حكم حماس في غزة منذ عام 2007 أقل جاذبية وجلب المعاناة والفقر والمعاناة لأكثر من مليوني نسمة في القطاع. ويعاني الفلسطينيون في الشتات وتحديدا في لبنان وسوريا ترد في أوضاعهم المعيشية. ومهما تحملت إسرائيل من مسؤولية فيجب أن يتحمل القادة الفلسطينيون حصتهم من المسؤولية أيضا.
وعليه فتعريف المسار الجديد صعب، “فالمقاومة المسلحة” التي رفعتها منظمة التحرير في 1968 تم الابتعاد عنها لصالح الدبلوماسية. وباتت محدودية القوة واضحة حتى لحماس.
وفي الوقت الذي تحسرت فيه منظمة التحرير على ثلاثة عقود من المفاوضات العبثية إلا أن الحل ظل لديها هو العودة إلى طاولة المفاوضات على أمل حصولها على إطار أفضل من السابق، لكن ما تم عرضه عليها كان أقل دائما من الماضي. وحتى في موضوع المفاوضات التي قبل فيها الفلسطينيون بدولة على جزء من فلسطين، فقد ظلت المفاوضات الفلسطينية غير متميزة عن النقاط التي يتفاوضون عليها ومواقفهم الحقيقية. فلا وضوح بين ما يصرح به الممثلون علنا وما يقولونه على طاولة المفاوضات. بخلاف الإسرائيليين الذين لم يكشفوا أبدا عن مواقفهم الحقيقية وحددوا الموضوعات الاساسية بالظروف المتغيرة. وفشل الفلسطينيون بعمل هذا عرضهم لتهم عدم المرونة والتصلب. ولأنهم قدموا تنازلات قبل الحل النهائي وكانت الخطة التي قدموها تشبه التي سبقتها فلم يكن لديهم ما يقولونه أو يتفاوضون عليه. ولهذا وجدوا أنفسهم في مصيدة بدون مخرج. وجرى القادة الفلسطينيون وراء الولايات المتحدة مع انهم عارضوا سياستها المتحيزة مع إسرائيل. وظلوا يناشدونها بالتدخل والضغط على إسرائيل وانتظروا الخلاص منها. وبنفس السياق فقد كان التعويل على “المبادرات” الأوروبية على أمل تغيير الموقف الأمريكي مضيعة لوقت دبلوماسي مهمز وكذا توقع تغير الإدارات الأمريكية والحكومات الإسرائيلية على امل وصول إدارة صديقة. وعندما لم يحدث أغلقوا الباب وانتظروا.
قيادة تابعة
ووعد القادة الفلسطينيون شعبهم بالحرية والدولة لكنهم لم يفعلوا ما وعدوا بهم بل وأغلقوا الباب أمام التفكير الجديد ولم يفعلوا شيئا لتطوير المجتمع. وأصبحت القيادة تابعة وليست مصدرا للإلهام. ولم يعد لدى جيل ما بعد أوسلو الوسائل والمؤسسات للتعبير عن نفسه. وصار موزعا بين تقليد الشعارات القديمة التي لا يؤمن بها أو الانتظار للدعم من الخارج. وبدلا من التأكيد على الاستقلال الوطني انتشر التذمر والشكوى وحس الإستحقاق من القيادة الفلسطينية التي تبحث دائما عن عون من الخارج. مما زاد من الفساد في السياسة الفلسطينية.
وأصبح موقف منظمة التحرير الفلسطينية يقوم على التمسك بالقانون الدولي على أمل أن يأتي المجتمع الدولي وينقذها، وهو موقف واهم منذ أن حلت الدبلوماسية محل الكفاح المسلح. ولم يكن القانون الدولي صديقا للفلسطينيين منذ وعد بلفور وحتى النكبة وقرارات مجلس الامن المتعاقبة. وأحيانا منح القانون الدولي مساعدة للفلسطينيين بعد احتلال إسرائيل عام 1967 للقدس الشرقية والضفة وقطاع غزة وحقهم بالدولة ومنع الضم والإستيطان، لكن هذا لم يكن بدون رغبة أطراف الإلتزام به مثل الدول الأعضاء في مجلس الامن. ولا يوجد دليل على هذا اليوم من خلال دمج القدس الشرقية في إسرائيل واعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على الجولان. كما أن النزاع الفلسطيني ليس نزاعا قانونيا. ولم يحل القانون الدولي النزاع في القرم وقبرص وكشمير وكوسوفو. ولم تنسحب إسرائيل من سيناء وغزة وجنوب لبنان من خلال القانون الدولي. بل عبر مزيج من قوة السياسة والدبلوماسية. وأضعف الفلسطينيون موقفهم من خلال رفضهم مقترحات ثم التراجع والعودة إليها، من قرار التقسيم 1947 ورفض الخطة المصرية- الإسرائيلية 1977 وغيرها. والتمسك بالمبدأ مهم لكن الرفض ثم التراجع عن الموقف تحت الضغط ليس جيدا. وعلى الفلسطينيين التركيز على ما يمكنهم تحقيقه بشكل مرحلي. وقد تكون اتفاقيات التطبيع فرصة من مثل ربط تطبيع السعودية بوقف الضم والتوسع الإستيطاني. ومن الاساليب التي أفقدت الفلسطينيين المصداقية لدى إسرائيل والرأي العام الفلسطيني وهو التهديد بأفعال لا تريد التخلي عنها، ولمجرد الضغط على إسرائيل كما هو الحال في موضوع التنسيق الأمني.
مبادئ التفاوض
وفي ظل إدارة بايدن يأمل الفلسطينيون بالعودة للمفاوضات، لكن إدارة بايدن لن تهتم طالما لم يكن لدى الطرفين ما يمكن التفاوض عليه. ويتحدث الفلسطينيون عن دولة ضمن حدود عام 1967 ومؤتمر دولي. وفي هذا السياق يرى دعاة التطبيع أن عقد اتفاقيات مع إسرائيل ستجبر الفلسطينيين على التنازل خشية تركهم وحدهم. وهناك رأي آخر يتبناه بعض الفلسطينيين ودول الخليج ومصر ويرى أن المطبعين سيكون لهم وزن كبير لدى الإدارة الأمريكية وإسرائيل للدفاع عن مصالح الفلسطينيين بدلا من دفاعهم وحدهم. ومع أن كل رأي يحمل بعضا من الحقيقة، إلا أن أي مفاوضات مستقبلية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار المبادئ التي تم تجاوزها. الأول هو فشل اتفاقيات أوسلو وتعاملها مع النزاع وكأنه بين طرفين ويمكن حله بين الإسرائيليين والفلسطينيين. فمستقبل الضفة الغربية لا يمكن تقريره بعيدا عن الاردن مصالح الأردنيين. فالتاريخ والديمغرافيا والجغرافيا تملي أن أجندة أوسلو عن الأمن والحدود ووضع القدس مهمة للأردن ولإسرائيل والفلسطينيين. ولمصر مصلحة في غزة باعتبارها أدارت القطاع لعقدين، ومن هنا فمصيره لا يمكن تقريره بدون القاهرة. ودور أردني ومصر جديد مهم ويعطي ثقلا للفلسطينيين الذين لن يستطيعوا تأمين أرضهم من الإختراق الإسرائيلي المستمر. ومركز الجذب الأردني على الضفة الغربية واضح، حيث يرى الضفاويون في عمان مركزا اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. وبنفس السياق تمارس مصر تأثيرا على غزة كما هو واضح من رعايتها للوساطة بين حماس وإسرائيل. ومصر مهتمة بغزة نظرا لارتباطها بأمن سيناء. وفي الأردن الفلسطينيون هم غالبية، ولهذا قد ترى بعض الجهات أن محاولة إشراك الأردن هو جزء من جهود إضعاف الحكم الهاشمي. لكن عمان لا خيارات أمامها لأن مصالحها الأمنية تقتضي منها لعب دور وإلا كان البديل هو العنف الفلسطيني- الإسرائيلي. وقد تتردد مصر بلعب أي دور مباشر في غزة وتحمل مسؤولية مليوني نسمة معظمهم لديه ميول إسلامية وتاريخ في المقاومة والنشاط. لكن مشكلة مفتوحة في القطاع قد تقنع القاهرة للعب دور غير مباشر. وتظل مشكلة الإنقسام بين الضفة- غزة معوقا للكيان الفلسطيني المتقلص. ورغم محاولات المصالحة بين فتح وحماس إلا أن الإنقسام متعمق، ولم تقدم أي من الحركتين أي نوع من الحل وكيفية رأب الصدع، كما أن استمرار الإنقسام سيلقي بظلال من الشك على مزاعم منظمة التحرير أنها ممثلة لكل الشعب الفلسطيني، بالإضافة لتراجع فرص احتواء حماس. وفي الوقت الذي أعلن فيه عن انتخابات فلسطينية إلا أن الهدف منها هو أضفاء شرعية على النظام السياسي المريض وليس نقل السلطة. وهناك حاجة للفصل بين اللغة السياسية الإسرائيلية والفلسطينية عندما يتم التفاوض، فالأمن يظل بالنسبة للفلسطينيين محليا وبالنسبة لإسرائيل إقليمي ومعناه واسع.
وفي النهاية يشير الكاتبان إلى الدور الذي لعبه محمود عباس في اتفاقيات اوسلو وتطبيقها، وتمسكه بالدبلوماسية وتجنب العنف والذي أصبح ممأسسا داخل المجتمع الفلسطيني باستثناء حماس والجهاد الإسلامي. ولم يحصل عباس إلا على كلام معسول من امريكا واسرائيل وفتات من المساعدات. لكن السلطة أصبحت في نظر الفلسطينيين بمثابة متعهد للاحتلال الإسرائيلي تقمع الأصوات المعارضة مما أدى لخيبة امل بين الفلسطينيين ومشروع بناء الدولة.