حتى تقودنا الانتخابات إلى طريق الخلاص الوطني..تحسين يقين

السبت 13 مارس 2021 12:07 م / بتوقيت القدس +2GMT



ببساطة، فإن عقد الانتخابات أمر عادي جداً، فهي حق واستحقاق وعرف وقانون وإنسانية وأخلاق ووطنية، ولك أن تضيف ما تشاء من صفات وقيم نبيلة مهمة للمواطنة، كوننا ننشد «العقد الاجتماعي».
وببساطة، فإن الانتخابات عامل مجمع لا مفرّق: على أهداف وحاجات يحتاجها الجمهور، للنهوض بالمجتمع، أما التنافس في الوصول لتحقيق الأهداف، ففي ذلك «فليتنافس المتنافسون».
لذلك، لا يجب أن نتشظى، بل أن يكون كل حراك داخل فئته، وفي المجمل فعلاً، وحتى نثق كمواطنين في الإدارة السياسية والحكم، سنطمئن إن سنرى فعلاً العملية تتم بأريحية تامة، بعيداً عن كل ما يؤثّر على قيم الحرية والاختيار الشعبي. تلك هي أدوات وأساليب وعرف الديمقراطية؛ فمن الطبيعي أن تنسجم الأدوات مع الغايات: أي بما أن الهدف تحقيق قيمة ديمقراطية، فمن الطبيعي أن تكون وسائل تحقيقيها وسائل ديمقراطية. «غير هيك ما بزبط».
يعني؟ يعني لازم يشعر الجميع بالراحة، المرشحون والمقترعون معا..تمام!
الآن دعنا قليلاً نعود للأصول والتاريخ السياسي لثلاثة عقود تقريباً، أي الى أعوام 93 و94 و96، لنرى معاً، ونضع الأمور في سياقها.
وبالطبع ليس فيما نقول جديدا، لكن هو من باب التذكير: الانتخابات هي في الأصل إدارة الضفة والقطاع، والسلطة الوطنية مرجعيتها منظمة التحرير. لذلك، وهذا هو الطبيعي، أن تظل منظمة التحرير متماسكة بتجديد شرعيتها، كذلك فصائل العمل الوطني، بما فيها الفصيل الأكبر حركة فتح.
هي محطة لإنجاز التحرر الوطني، من خلال تقوية بقاء شعبنا هنا، كما هو الحال بتقوية حلم العودة للاجئين، من خلال دعم وجودهم حتى تحقق العودة.
أي، من المهم أن تنشغل الفصائل فعلاً بالملف النضالي التفاوضي وغيره، في المقام الأول، لأن هدفها التحرير من الاحتلال، وتكون مشاركتها في إدارة حياتنا هنا، في فلسطين عام 1967، باتجاه دعم السلطة وتمكينها، ووصلها بالعالم العربي والدولي. وهنا يمكن مثلاً قياس الإنجازات السياسية، بغض النظر عن وجهات النظر تجاهها، والبناء عليها.
انتخابات اليوم ربما تدفعنا للتأكيد على أن أهميتها تأتي من الأهمية الاستراتيجية لاستكمال التحرير وإقامة الدولة، من خلال تقوية بقاء شعبنا هنا، خاصة الشباب ومنحهم الأمل، والاعتناء بالطفولة صحة وتنشئة سليمة علمية وإنسانية، تراعي هذا العمر دون تشتيته أو الإثقال عليه.
فإن تحدثنا من منظور الخلاص الوطني لا الفئوي، فينبغي أولا أن تبني القوتان السياسيتان اليوم فتح وحماس، قائمتين من أسماء من فئات ممثلة للجمهور، ومجالات الحياة: تعليم وصحة واقتصاد..وطبعاً بلادنا صغيرة، ونعرف بعضنا، لذلك يكون الذكاء السياسي هو اختيار من عليهم الإجماع الشعبي والتنظيمي، وهم من الخبراء ومن يحرصون على مسافات متقاربة داخل التنظيمين.
وأضيف هنا عبارة واحدة ممكنة: وهي المتعلقة بحركة فتح، وفاء للحركة والنضال الوطني، وأقصد بذلك ضمان قوة ووحدة الحركة، لأن البديل هو التشظي وخسارة أصوات. «الشغلة مش محرزة لكل هالنزاعات»، باعتبار أن فتح لفلسطين، لا فلسطين لفتح.
وهنا، نأتي (الله يجعل كلامنا خفيف عليهم) للحراكات المستقلة خارج التنظيمين الكبيرين فتح وحماس كحركتي تحرر وطني، حيث أن المتأمل بعمق بسيط، سيجد أن الحراكات، من شخصيات مستقلة، هي رافعة فعلا لتلك الحركتين، في تحقيق الأهداف الوطنية. وقد أثبت ذلك فعاليته، من قبل، حتى وإن اختلفنا سياسياً، حين قاد دكتور سلام فياض الحكومة بتكليف من الرئيس، معطياً ثقلاً لتقوية البقاء، من خلال توظيف ما أمكن من علاقات دولية، حيث لمس المواطنون ذلك في مناطق جيم، التي لم تأخذ نصيبها كما ينبغي من الحكومات السابقة. لذلك فوجود دكتور سلام فياض على رأس قائمة من شخصيات وطنية مستقلة، يمنح النظام السياسي حيوية، ويضمن الشراكة أيضا. والمهم اليوم هو تركيز دكتور فياض، من خلال ندوة زووم، على الرعاية الاجتماعية، وكونه يتمتع بخبرة في الإدارة المالية، فإن وجوده سيدعم النظام السياسي، وبالتالي تقوية بقاء مجتمعنا تحت الاحتلال. الاقتصاد، نعم هو الداعم لأي أفكار وطموحات.
فتح وحماس ليستا بحاجة لقائمة مشتركة، قد ينظر لها أنها تأتي كخلاص لهما من أجل البقاء، بل هما بحاجة لوجود كتل سياسية متنوعة.
الشباب، والنساء، قوتان جماهيريتان، يُقبل المرشحون عليهم في وقت الحاجة، ثم يتم التحرر منهم، والتنكر، والسبب أن البنية العقلية السائدة ما زالت أسيرة نفسها. إن إقامة تحالف بين الشباب والنساء يمكن أن يُحدث أمراً إيجابياً.
فأين يمكن تحقق مشاركة الشباب والنساء (بمن فيهن الشابات)؟ الظن بأن تحقق المشاركة ستكون في الكتل الأخرى.
ما زالت الظروف الدولية تراوح مكانها، وما زالت المصالحة الحقيقية غير متحققة، لذلك ثمة حاجة لبعض التوازن، والاحتياط لأي ظروف قادمة، فلا ينبغي أن نفاجأ، وبالتالي علينا ان نوظف إمكانياتنا جميعاً.
وأيضاً، فإن حركة حماس، ستظل المسيطرة على فضاء غزة، أربحت الانتخابات أم خسرت، وهذا يعني ضرورة وجود كتل أخرى، تسدّ أي فراغ محتمل.
وبالرغم من أهداف الانتخابات هو رعاية أمور الجمهور، فإن من الضرورة أيضا الانتباه الى لغة خطابنا السياسي؛ ففي ظل سعي حكومات إسرائيل المتعاقبة الى (لا دولتان لا دولة واحدة)، ينبغي البدء الفعلي بخلق لغة فاعلة، تتحدث عن الدولة الواحدة، من منظور فلسطيني عادل، والبدء ببناء روافع اجتماعية وثقافية تمهد الطريق لهذه الدولة، بالغزو على العنصرية، والتبشير بدولة عدالة وسلام، تتحقق فيها الحقوق، وتخلص إسرائيل من هشاشتها رغم ما تمتلكه من أسلحة ومال وتحالف دولي مع دولة عظمى؛ فالاحتلال زائل والعنصرية ستزول معه. والظن أن من سيخلق هذه اللغة هي الكتل الوطنية المستقلة.
شوية احترام وحنان وبعد نظر وتفضيل المصالح العليا لشعبنا وقضيتنا مفتاح بناء منظومة تحمينا وتقوينا، وتقوي بقاءنا في ظل قوى استيطان واستعمار تكشف يومياً وجهها غير الإنساني.
لذلك ثمة طريق الى هذا كله: ضمان التعددية، والشراكة، والنضج السياسي الاستراتيجي في مقارعة الاحتلال، وإدارة اقتصادية ومالية عادلة، تحررنا من ظروف ما تم تكريسه من ليبرالية اقتصادية لا تلائم شعبا تحت الاحتلال.
فهل فعلاً سنتعاون؟ وهل سنحترم الجمهور؟ وأنفسنا؟ والأهم الوفاء لفلسطين الآن وغداً؟
بيدنا نحن خلاصنا، ويمكننا فعلاً إحداث اختراق سياسي هام، يستأنف طريقنا نحو التحرر.
Ytahseen2001@yahoo.com