اختتمت اليوم فعاليات مؤتمر "المجلس التشريعي القادم والمجتمع المدني.. تطلعات واحتياجات"، الذي عقدته مؤسسة الرواد للصحافة والإعلام بالشراكة مع مجلس الظل في بلدية البيرة ومؤسسة أوربت للتدريب المهني، بمشاركة نخبة من القياديين والرياديين وذوي الاختصاص، على مدى يومين متتاليين.
وأدار جلسات اليوم الثاني الذي عقد عبر منصة "زوم" د. سهيل خلف، مدير مؤسسة الرواد، وتناولت الجلسة الاولى التشريعات التي يتطلع اليها الجمهور من المجلس التشريعي المقبل، وتحدث في بدايتها أُستاذ القانون في جامعة النجاح الوطنية د. غسان خالد، الذي أكد الحاجة لتكون التشريعات وسيلة لتعزيز ثقة المواطن الفلسطيني بنفسه وبعدالة قضيته وتعزيز صموده على أرضه، وأن تعمل لحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون واستحقاقاته، وأن تكون كفيلة بتحقيق العدل والعدالة.
وأوضح أن منظومة القانون الخاص المعمول بها في معظمها قديمة يعود بعضها إلى زمن الدولة العثمانية والاستعمار البريطاني ويشوبها نقص كبير، وهي بحاجة إما إلى تعديلات جوهرية أو سن تشريعات جديدة.
وقال: إن هناك تشريعات جوهرية مفصلية تمس حياة المواطن يوماً بيوم وجوهر الصراع الفلسطيني مع الاحتلال، مثل القوانين المتعلقة بتسجيل الأراضي والملكية.
وقال د. مؤيد حطاب، أُستاذ القانون بجامعة النجاح: إن المجلس التشريعي المقبل يقع على عاتقه دور مختلف عن الدور الطبيعي، وذلك لأسباب عدة، أهمها مرور سنوات طويلة انعدمت فيها آلية التشريع الطبيعية، ونشأت عن ذلك ماكينتان تشريعيتان، واحدة في الضفة اصدرت سلسلة قرارات بقانون في الضفة تصل الى 450 قرارا بقانون وأنظمة ولوائح، وثانية في غزة أصدرت سلسلة أخرى من القوانين واللوائح.
وعا المجلس المقبل إلى "مراعاة أننا شعب تحت احتلال ويطمح لدولة مستقلة، وبالتالي العمل على سن قوانين تعزز صمود هذا الشعب وحقه بتقرير مصيره".
كما طالب المجلس بوضع سلم اولويات للمرحلة القادمة ومراجعة الاسباب التي ادت الى الانقسام ودراسة النصوص القانونية او الدستورية التي ساهمت في تكريس الانقسام، والخروج بأدوات قانونية وسياسية لتجنب الانقسام مرة اخرى والتعلم من التجربة الماضية.
أما خليل عساف، ممثل الشخصيات المستقلة بالضفة الغربية، فاعتبر أن المشكلة القانونية مرتبطة بالسلطة التنفيذية وتطبيقها السيئ للقوانين بما يخدم مصلحة فئة محددة، ما يتطلب إعادة النظر بكل القوانين وتعديلها أو إلغاءها.
وقال: على المجلس المقبل أن يعمل لتكون جميع القوانين المعمول بها فلسطينية بامتياز، وأن تساهم منظومة القوانين في تثبيت المواطن على أرضه وتثبيت رأس المال، وجذب الاستثمارات الخارجية.
أولويات المجلس المقبل
وتناولت الجلسة الثانية الأولويات التي يتطلع الفلسطينيون لتحقيقها من المجلس المقبل، وتحدثت فيها وزيرة الشؤون الاجتماعية سابقاً عضو المكتب السياسي في الجبهة الديمقراطية ماجدة المصري عن ضرورة إعادة ترتيب وظيفة السلطة بشكل مغاير لما كانت عليه في اتفاقيات اوسلو، وأن تعمل القوانين على دعم صمود المجتمع باعتبار ذلك هو الوظيفة الاساسية المطلوبة من السلطة في هذه المرحلة.
ودعت إلى اعادة النظر بالموازنة العامة، وأن تلبي احتياجات الشعب وتدعم صموده، وإعادة تحديد الاولويات وتوزيع المال العام والتركيز على الصحة والتعليم والزراعة والحماية الاجتماعية، وتعديل القوانين حسب الاولوية، ومراجعة القانون الاساسي.
وقالت: إن حكومة الوحدة الوطنية التي ستحظى بثقة المجلس المقبل يجب أن تعمل على معالجة تداعيات الانقسام وتوحيد المؤسسات واستحقاقاتها الوظيفية والمالية.
أما عمر رحال، مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس"، فقال: إن المطلوب من المجلس المقبل مواءمة التشريعات الفلسطينية مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي انضمت إليها فلسطين بعد 31/ 12/ 2014، وتحديث القوانين القديمة.
وطالب بأن يعمل المجلس على استعادة الوحدة الوطنية بعيداً عن المحاصصة والاقتسام أو إدارة الانقسام، وتشكيل لجان لمتابعة المال العام والعقارات الحكومية، وتعزيز الرقابة على أداء السلطات والأداء الإداري ومكافحة الفساد، وإنهاء حالة الطوارئ، ووقف تغول السلطة التنفيذية على القضاء، وإنشاء مؤسسة وطنية للعدالة الانتقالية.
من ناحيتها، حددت عضو مجلس بلدي بلدية البيرة تمارا حداد مجموعة من الاولويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يجب على المجلس القادم معالجتها.
وتضمنت الأولويات السياسية إنهاء الانقسام وإعادة صيانة العلاقات الفلسطينية الفلسطينية، وإيجاد نظام سياسي ديمقراطي يؤمن بالتعددية السياسية والتداول السلمي والمنتظم للسلطة، واستقلال السلطة القضائية، والبناء المؤسسي والفصل بين السلطات، وتحقيق سيادة القانون والعدالة الاجتماعية، ومعالجة آثار الفشل السياسي والاداري والاقتصادي.
ومناقشة مقترحات القوانين، وإقرار موازنة تؤمن التنمية المستدامة، وممارسة الرقابة على اداء السلطة التنفيذية، واجراء تعديلات دستورية تتلاءم مع العصر الحديث.
وتضمنت الاولوليات الاقتصادية حرية النشاط الاقتصادي، وخلق بيئة مستقرة سياسياً واقتصادياً، وتنمية الإنتاج المحلي الحقيقي، والتوازن الاجتماعي، وتشكيل مجلس اقتصادي اجتماعي للرقابة على حسن التخطيط والتنفيذ وتلمس معاناة الفئات المهمشة.
أما الاولويات الاجتماعية، فتتضمن توفير الرعاية الاجتماعية، ووضع خطة للبناء في مجالات التعليم والصحة والاقتصاد والرعاية الاجتماعية، ومكافحة الفساد واطلاق الحريات، وإخراج الحالة الاجتماعية والاقتصادية من الركود، وتبني نهج اجتماعي تنموي مقاوم، وحماية حقوق المرأة والشباب.
بدوره، قال القيادي بحركة حماس نادر صوافطة: إن المجلس المقبل تقع على عاتقه مهمات كبيرة باعتباره صاحب الاختصاص بالتشريع، وعليه إيجاد حلول لكافة القضايا بما ينعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وأوضح أن المنظومة التشريعية عانت كثيراً من التعديات، وهو ما يتطلب من المجلس إعادة الاعتبار لهيبته وحضوره ومكانته.
ودعا إلى العمل وفق خطة تشريعية مدروسة تشارك فيها جميع القوى والمجتمع المدني والاختصاصيين للنهوض بقوانين تلبي حاجة المواطن، وان تعطى الاولوية بالقوانين لما يتعلق بالهم الوطني، وسن قوانين تساهم بتعزيز صمود المواطن وحياته اليومية.
وقال: إن الشعب ينتظر من المجلس أن يكون قوياً وقادراً على تمثيل الشعب الذي اختاره.
وطالب بعملية إصلاح شاملة تطال جميع جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإلغاء جميع القرارات بقانون التي لا تمثل احتياجات الشعب، وإلغاء القرارات التي اقرتها الحكومات السابقة وتمس حرية العمل التجاري والاقتصادي، وإصدار قوانين تمنع المساس بحرية المواطنين، وحماية القانون الأساسي، وحماية المجتمع وإعادة النظر ببعض الاتفاقيات الدولية التي تتناقض مع أعراف وتقاليد الشعب الفلسطيني، وإعادة مكانة المؤسسة القضائية.
حقوق الفئات المهمشة
وتناولت الجلسة الثالثة دور المجلس المقبل في حماية حقوق الفئات المهمشة، وتحدث فيها مدير عام جمعية الاغاثة الزراعية منجد أبو جيش، الذي اعتبر أن الانتخابات المقبلة سيكون فيها اهتمام أكبر بالقضايا الديمقراطية لدى الفئات المستهدفة.
وحث الفئات المستهدفة على تنظيم مطالبها، ودراسة البرامج الانتخابية للقوائم المختلفة، واختيار البرامج التي تلبي احتياجاتها، وان يكون هناك آلية لمحاكمة القوائم على برامجها ومدى تطبيقها والالتزام بها.
وتحدث رئيس اتحاد الأشخاص ذوي الإعاقة فرع نابلس معاوية منى عن احتياجات ذوي الاعاقة الذين يصل عددهم إلى نحو 320 الف شخص بالضفة وغزة.
وقال: إن قانون حقوق ذوي الاعاقة الذي صدر عام 1999 كان متواضعاً ويتعامل مع الاعاقة كحالة طبية أو اجتماعية، وليس كمفهوم حقوقي، ومع ذلك فقد انتظر ذوو الاعاقة تنفيذه، لكن بسبب غياب الدور الرقابي للمجلس التشريعي ضاعت الحقوق بين الوزارات المختلفة.
وأشار إلى أن دولة فلسطين وقعت على الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة عام 2014 وهي ملزمة بتنفيذها وتعديل القانون الوطني بما ينسجم معها.
وقال: إن المطلوب من المجلس المقبل المصادقة على مسودة قانون حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة، ومتابعة تنفيذ بنود هذا القانون، ودمج ذوي الاعاقة في القوائم المختلفة.
من ناحيته، قال المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان فارس أبو الحسن: إن المطلوب هو تجديد المفاهيم المتعلقة باصحاب الاعاقة والتعامل معهم ليس كحالة اجتماعية او مرضية، وانما كقضية حقوقية، والاهتمام باوضاعهم الاقتصادية والتعليمية والتأهيلية والمهنية والترفيهية.
وأضاف: إن هناك حاجة إلى إيجاد ثقافة وطنية تؤمن بحقوق ذوي الاعاقة وتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص لهم ليأخذوا دورهم، وأن يحصلوا على حقوقهم الاساسية دون استجداء.
ودعا الى اخضاع قانون حماية الاسرة للنقاش من جميع الأطراف ومن اهل الاختصاص وبمشاركة المرأة نفسها قبل إقراره.
أما د. نصر أبو خضر، اختصاصي العلاج الطبيعي، فقال: إن المطلوب هو دراسة احتياجات ذوي الإعاقة في مختلف مناحي الحياة، والنظر للشخص ذي الإعاقة كجزء من المجتمع، وأن يتحمل المجلس مسؤولياته تجاه هذه الشريحة.
كما طالب المؤسسات الرسمية وغير الرسمية بإعداد دراسات عميقة حول المشاكل الأساسية التي تعاني منها هذه الشريحة، والتخطيط ووضع الأولويات.


