قال طاهر النونو، القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن الفصائل الفلسطينية ستعقد جولة ثانية من الحوار بالعاصمة المصرية القاهرة، في 17 مارس/آذار الجاري، لبحث ملف إعادة تشكيل "المجلس الوطني الفلسطيني".
جاء ذلك في حوار أجرته "الأناضول" مع النونو، المتواجد حاليا في مدينة إسطنبول، حول آخر المستجدات على الساحة السياسية الفلسطينية.
وأوضح النونو الذي يشغل منصب المستشار الإعلامي لرئيس حركة "حماس"، إسماعيل هنية، أن حركته بصدد "بلورة الرؤية النهائية لطبيعة مشاركتها في الانتخابات التشريعية القادمة"، دون أن يفصح عنها.
لكنه أشار إلى إمكانية "تشكيل قائمة انتخابية مكوّنة من فصائل المقاومة الفلسطينية، تستند إلى أرضية المقاومة والثوابت".
وفي فبراير/ شباط الماضي، اجتمعت الفصائل الفلسطينية، في حوار وطني عقدته في القاهرة، واستمر لمدة يومين، بهدف الاتفاق على تفاصيل إجراء الانتخابات.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد أصدر في يناير/كانون ثان الماضي، مرسوما حدد بموجبه مواعيد الانتخابات التشريعية في 22 مايو/أيار، والرئاسية في 31 يوليو/تموز، والمجلس الوطني في 31 أغسطس/آب.
** الجولة الثانية
وقال النونو إن الجولة الثانية من الحوار الوطني في القاهرة، ستبحث كل ما يتعلق بإعادة تشكيل المجلس الوطني (برلمان منظمة التحرير) من حيث "الانتخابات المُقررة، والآليات والمناطق التي من الممكن أن يتعثّر إجراء الانتخابات فيها".
وتابع: "سيتم بحث آلية تمثيل الشعب في المجلس ليشمل جميع الفلسطينيين في الداخل والخارج، باعتبار أن المرحلة الأولى ستكون انتخاب المجلس التشريعي (لا يشارك الفلسطينيون في الخارج فيها)، ومن ثم تمثيل فلسطيني الشتات".
وأشار إلى أن الحوار القادم يمثّل فرصة لـ"استعادة دور 6 ملايين فلسطيني، يُقيمون خارج الأرض المُحتلّة، وإتاحة المجال لمشاركتهم في القرار الوطني عبر بوابة الانتخابات".
واعتبر النونو أن توفّر الإرادة السياسية لدى الأطراف الفلسطينية "سيمثّل طريقا لتذليل العقبات أمام هذه المرحلة".
** مشاركة بالانتخابات
وفيما يتعلق بطبيعة مشاركة "حماس"، بالانتخابات التشريعية، قال النونو إن حركته بصدد "بلورة رؤيتها النهائية حول ذلك".
وتابع: "سيتم الإعلان عن هذه الرؤية فور الانتهاء منها، ونقول إننا قطعنا شوطا مهما وإيجابيا".
وفي سبيل تحديد طبيعة هذه المشاركة، بيّن النونو أن حركته "تجري حوارات مع مختلف القوى لضمان مشاركة الجميع في العمل السياسي الفلسطيني، وضمان الديمقراطية والتمثيل الحقيقي داخل الأراضي المحتلّة".
ولفت إلى أن جميع "الخيارات مفتوحة لدى حركته إما بالمشاركة في قائمة انتخابية واحدة للحركة، أو مشتركة مع قوى وفصائل ومستقّلين، أو فئات من المجتمع المدني، أو قائمة وطنية موحّدة تضم مختلف القوى الفلسطينية".
وحول تشكيل قائمة انتخابية مشتركة بين "فتح" و"حماس"، قال النونو إن "اللقاء والتواصل مع حركة فتح، حول هذا الموضوع مستمر، لكن من المُبكّر الحديث عن هذه القائمة".
واستكمل قائلا: "سيتم دراسة أي عرض من فتح كما يتم دراسة الخيارات الأخرى؛ في السياسة لا نتعامل مع احتمالات بل نتعامل مع وقائع، بدراسة كل الاحتمالات بما فيها قائمة الوحدة الوطنية".
وفي السياق، أوضح النونو أن حركته تدرس بشكل جاد "احتمالية تشكيل قائمة تضم فصائل المقاومة، يتم تأسيسها على أرضية المقاومة والثوابت"، دون توضيح تفاصيل إضافية.
وحول تأمين العملية الانتخابية في قطاع غزة، قال النونو إن "هذا الأمر مناط بجهاز الشرطة الفلسطينية، وفق ما تم الاتفاق عليه، فهي المسؤولة عن تأمين مراكز الاقتراع".
وحول توقعاته بشأن نتائج الانتخابات، قال المسؤول في حماس: "نثق أن الشعب سيُعطي صوته للمقاومة، لأنه يؤمن ببرنامجها".
وأضاف أن الحصار الذي فرضته إسرائيل على القطاع، بعد فوزها بالانتخابات التشريعية عام 2006، كان يهدف إلى معاقبة "الشعب على خياره الديمقراطي"، معتبرًا أن "إسرائيل سعت من خلال الحصار إلى ضرب علاقة الشعب بالمقاومة".
ورغم المحاولات التي بذلتها إسرائيل لضرب تلك العلاقة، قال النونو إن "البيئة الحاضنة للمقاومة تتزايد بشكل أكبر".
** خطوة نحو المصالحة
ورأى النونو أن قرار حركته بالمشاركة في هذا المسار السياسي (الانتخابات) جاء كونه "يشكّل بوابة مُهمة تُفضي إلى إنهاء الانقسام".
وأوضح: "نريد أن نؤسس لشرعية وطنية فلسطينية، ونظام سياسي قائم على التكامل ما بين البرامج السياسية المختلفة ومشروع المقاومة وبقية المشاريع التي تعمل كل بوسائله المختلفة، للوصول لتوحيد الرؤى الفلسطينية ومنع أي عملية تنازل يمكن أن يقوم بها أي طرف فلسطيني".
وعبّر عن أمله في "الوصول إلى نهاية المسار في هذه الانتخابات، لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام الداخلي".
ومنذ 2007، يسود انقسام بين حركتي "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة، و"فتح" التي تحكم الضفة الغربية.
وأسفرت وساطات وعدة اتفاقيات على مدى سنوات عن توافق فلسطيني في شهر يناير الماضي، على إجراء انتخابات عامة متتالية تشارك فيها "حماس".
وعدّ مراقبون سياسيون "الانتخابات خطوة في اتجاه إنهاء الانقسام"، لكنها ليست الخطوة الوحيدة التي تؤدي لذلك.
** تفاهمات التهدئة
وحول تفاهمات التهدئة التي توصّلت إليها "حماس" مع إسرائيل، بوساطة مصرية وأممية وقطرية نهاية 2018، قال النونو إن "إسرائيل تماطل في تنفيذها للبنود، في محاولة لتمييع التفاهمات".
وأفاد أن بعض المشاريع التي تم الاتفاق عليها ضمن التفاهمات تم تنفيذها فعليا، والبعض الآخر ما زال يواجه "مماطلة إسرائيلية".
وأشار إلى أن حركته "تتابع تنفيذ هذه المشاريع التي يحاول الاحتلال عرقلتها".
وجاء ضمن التفاهمات، إنشاء مستشفى ميداني أمريكي شمالي قطاع غزة، والذي وافقت "حماس" آنذاك على إنشائه، لكنها رفضت إرسال المرضى إليه عقب الانتهاء من تجهيزاته في يناير/ كانون ثاني الماضي.
وتعقيبا على ذلك، قال النونو "كان الهدف من المستشفى معالجة نوعيات من الأمراض والجراحات التي لا يمكن إجراؤها في غزة، ولا يملك المرضى تكلفتها ويضطرون للمغادرة إلى خارج القطاع لإجرائها أو استكمال علاجهم".
وتابع: "كنا نرغب أن تقدّم هذه المستشفى إضافة نوعية، لا رقمية، وعليها الالتزام بالاتفاق الذي حصل، والوفاء بالاختصاصات التي يحتاجها الشعب".
وأشار إلى أن "الحركة ستتعامل مع المستشفى في حال التزمت بتقديم الخدمات المتفق عليها".
في سياق آخر، أشاد النونو بالتسهيلات المصرية التي جرت مؤخرا على عمل معبر رفح البري (جنوب).
وقال بهذا الخصوص: "مصر قدّمت الكثير من التسهيلات في هذا الإطار من بينها فتح المعبر بشكل يومي، باستثناء الإجازات".
وأضاف: "كما باتت عملية السفر أكثر يسرا وسهولة"، فيما أعرب عن تطلع حركته لدور مصري أكبر.