وسط محاولات جادة لتوحيد الصفوف، تواجه حركة فتح الفلسطينية انقسامًا حادًا في صفوفها، قبل الانتخابات التشريعية المقرر عقدها في شهر مايو المقبل.
وأعلن ناصر القدوة عضو اللجنة المركزية في حركة فتح، وابن شقيقة الرئيس الراحل ياسر عرفات مؤسس حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، عن تشكيله لقائمة جديدة تخوض الانتخابات التشريعية مستقلة عن الحركة.
وقال مراقبون إن "محاولات بعض قيادات فتح تشكيل قوائم منفردة ومستقلة عن حركة فتح، سيضر بموقفها ضررًا كبيرًا بالانتخابات المقبلة، ويقلل من فرص فوزها في المارثون الانتخابي المقبل.
انشقاق القدوة
وقال القدوة لـ "رويترز": إن الفلسطينيين "سئموا الوضع الحالي... سواء التصرفات أو سوء التصرفات الداخلية. أمور مثل غياب سيادة القانون وغياب المساواة وغياب العدل".
ومن النادر أن تنشق قيادات من أعضاء اللجنة المركزية المكونة من 19 عضوا علنا على الرئيس محمود عباس.
وقال القدوة (67 عاما)، إنه يأمل أن يكون على رأس قائمته البرغوثي وهو من قيادات حركة فتح التي طُرحت أسماؤها لخلافة عباس منذ فترة طويلة.
وقال حسين الشيخ، عضو اللجنة المركزية للحركة، ووزير الشؤون المدنية عبر صفحته الشخصية بفيسبوك: "حركة فتح بقضها وقضيضها ستخوض الانتخابات الديمقراطية القادمة واحدة موحدة تعزيزا للديمقراطية وصيانة مشروع التحرر الوطني وحماية الوحدة الوطنية الفلسطينية. "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. فتح أعظم وأكبر من قادتها لأنهم العابرون في تاريخها وهي الفكرة الباقية، ومهما هزت الريح البعض فهي الجبل الذي لا تهزه الرياح".
ضرر بالغ
الكاتب والمحلل السياسي المستشار زيد الايوبي، قال إن "نية بعض قيادات حركة فتح تشكيل قائمة انتخابية مستقلة عن القائمة المركزية لحركة فتح سيلحق ضررا بالغا في مستقبل الحركة ووحدتها في مواجهة التحديات التي تواجهها، في ظل المنافسة مع حركة حماس المسيطرة بقوة السلاح على قطاع غزة".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "كل قيادي فتحاوي سيسعى لتشكيل قائمة مستقلة سيكون قد حكم على مستقبله السياسي بالدمار والفشل وسيعاقب داخل حركة فتح وفق الأصول والأنظمة الراعية، والتي من الممكن أن تصل فيها العقوبات للفصل النهائي من الحركة".
ودعا الأيوبي "قيادات فتح التي تسعى لتكريس قائمة خاصة بها إلى مراجعة نفسها جيدا قبل الإقدام على هذه الخطوة المدمرة، حتى لو كان هذا الأمر يأتي تحت يافطة الإصلاح الحركي، لأن الإصلاح يكون وفق النظام الحركي وضمن الأطر التنظيمية وليس بشق وحدة الحركة في ظل المنافسة الصعبة مع حماس".
خلافات حادة
من جانبه قال الدكتور أيمن الرقب، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، إن "الحركة تشهد خلافات كثيرة قبل تشكيل قوائم مرشحي المجلس التشريعي ، خاصة أن الرئيس أبو مازن وضع شرطا خلال اجتماع للمجلس الثوري بمنع ترشح أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري والمجلس الاستشاري لانتخابات المجلس التشريعي".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك" أن "هذا الشرط فتح بابًا لخروج بعض أصوات قيادات داخل حركة فتح التي ترفع شعارات إصلاح النظام السياسي مثل عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ناصر القدوة وأعضاء المجلس الثوري عبد الفتاح حمايل و نبيل عمرو وآخرين".
وتابع: "يرى السواد الأعظم من أعضاء حركة فتح ضرورة وحدة الحركة والتصالح مع جميع أقطابها بما فيهم النائب محمد دحلان قائد تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح وتشكيل قائمة موحدة تخوض الانتخابات وتعطي أملًا بفوز حركة فتح فيها".
وأكد أن "هذا الأمل بات بعيدا نتيجة إصرار الرئيس أبو مازن بصفته رئيس حركة فتح على رؤيته ورفضه كل الوساطات الدولية والمحلية للتصالح مع النائب محمد دحلان، ومع اقتراب موعد فتح باب الترشيح للمجلس التشريعي أصبح واضحا أن فتح ستخوض الانتخابات بثلاث قوائم إن لم يكن أكثر".
ويرى الرقب أن "هذا يضعف الحركة ويقلص فرص فوزها في الانتخابات، كما أن البعض يرى أن وحدة حركة فتح قد تكون بعد الانتخابات وتحت قبة البرلمان وأن تعدد القوائم يخدم الحركة لأنه سيزيد من نسبة التصويت لقوائم الحركة المختلفة خاصة أن هذه الجولة من الانتخابات تجري بنظام النسبية لأول مرة والوطن سيكون بمثابة دائرة انتخابية واحدة".
واستطرد: "بغض النظر عن هذا الرأي إلا أن وحدة حركة فتح هو الضمان لفوز الحركة وليس العكس وأن الرئيس أبو مازن لم يتجاوب لكل الوساطات لوحدة الحركة وسيدفع باتجاه خسارة فتح الانتخابات، ولكن من سيخفف من حجم الهزيمة هو عدم حصول أي قائمة منافسة على أغلبية مطلقة وستحتاج أي قائمة إلى تحالفات لتشكيل أي حكومة فلسطينية قادمة".
ومن المقرر أن تعقد الانتخابات في فلسطين على ثلاث مراحل، أولها التشريعية، التي ستعقد في 22 مايو/ أيار، وتليها الرئاسية، التي ستعقد في 31 يوليو/ تموز، وثم انتخابات المجلس الوطني، التي ستعقد في 31 أغسطس/آب.