أكد الشيخ نافذ عزام عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، أن حركته اتخذت قرارا بعدم المشاركة بالانتخابات القادمة، انسجامًا مع برنامجها وموقفها السياسي الرافض لخوض أي انتخابات تحت سقف اتفاق أوسلو، الذي ترى فيه أنه لا زال يحكم النظام السياسي الحالي ويكبل عمل المجلس التشريعي وباقي المؤسسات الفلسطينية.
ولم يسبق لحركة الجهاد الإسلامي أن شاركت في أي انتخابات فلسطينية سابقة، وتسعى للتمسك بخطها ونهجها المقاوم، وكثيرا ما تعارض وتنتقد أي اتفاقيات سياسية مع الاحتلال، وخاصة التي تؤثر على المقاومة.
وشدد عزام في حوار مع "القدس" على أن قرار حركة "الجهاد" لا يعني أبدًا عرقلة الانتخابات أو التشويش عليها، وإنما اتخذ نتيجة اجتهاد سياسي، مثلما كان هناك اجتهادات سياسية لفصائل أخرى بقرار المشاركة.
وبين أن المداولات لا زالت جارية داخل أطر الحركة من أجل تحديد موقفها من المشاركة في الانتخابات تصويتًا، مشيرًا إلى أن حركته ستتخذ قرارها بما يتوافق مع مصلحة الشعب الفلسطيني ويعزز مشروع المقاومة.
ولفت عزام إلى أن حركة "الجهاد الإسلامي" تدعم أي توافق وطني يحمي حقوق الشعب الفلسطيني، ويقف بقوة في وجه الاحتلال وفي مواجهة كل التحديات التي تستهدف القضية الوطنية، وأنها تتطلع إلى إعادة بناء منظمة التحرير، لتكون مظلة جامعة تمثل الكل الفلسطيني.
واستبعد عزام في معرض رده على سؤال بشأن موقف "الجهاد الإسلامي"، أن تقبل حركة "حماس" في حال شاركت بالحكومة المقبلة التي ستشكل بعد الانتخابات، بشروط اللجنة الرباعية الدولية.وأكد أن المرحلة المقبلة بحاجة إلى جهد كبير وإرادة من أجل مواجهة التحديات التي تمر بها القضية الفلسطينية، للخروج من المأزق الحالي.
وفيما يلي نص اللقاء:
موقف "الجهاد" من الانتخابات
س: ما هي الأسباب التي دفعت حركة "الجهاد الإسلامي" للامتناع عن المشاركة بالانتخابات رغم أن بعض الفصائل نفت أنها ستجري وفق اتفاق أوسلو؟
ج - نحن لا زلنا نرى أن اتفاق أوسلو هو الذي يحكم النظام السياسي الفلسطيني الحالي، وقيود "أوسلو" تكبل عمل المجلس التشريعي، وبقية المؤسسات التي تتبع للسلطة، وصحيح أن إسرائيل هي التي تنصلت من كافة التزاماتها في الاتفاق، والكثير من الأمور تغيرت، وجري الحديث عن وثيقة الوفاق الوطني أو وثيقة الأسرى ومخرجات لقاء الأمناء العامين كمرجع للانتخابات، لكن هذا كلام نظري على الأرض، واتفاق أوسلو لازال حاضرًا ويقيد عمل الأطر والهيئات الفلسطينية التابعة للسلطة. وبالتالي نحن أردنا أن ننسجم مع قناعاتنا، ومع برنامجنا، ومع موقفنا السياسي، وأعلنا رفضنا اتفاق أوسلو، وهذا هو السبب الواضح، والكل يعرف حيثيات هذا الموضوع.
المشاركة في حوار القاهرة
س: لماذا أجرت الحركة نقاشات داخلية قبل اتخاذ قرارها على الرغم من أنها في مرات سابقة كانت تعلن على الفور عدم المشاركة بالانتخابات؟
ج - نحن ذهبنا إلى حوار القاهرة في عقول منفتحة تمامًا، وحاولنا أن نأخذ الحوار إلى اتجاه آخر بعيدًا عن النظام السياسي الذي أفرزته أوسلو، لكن كان الحوار منصبًا من كل الأطراف تقريبًا حول موضوع الانتخابات التشريعية، ونحن أجلنا اتخاذ الموقف لنرى ما الذي سيخرج عن الحوار، ولذلك عندما رأينا أن الأمور قد سارت بهذا الشكل، أعلنا موقفنا بعد انفضاض اجتماع القاهرة وهذا الأمر منطقي وواقعي.
المشاركة تصويتا
س: هل ستشارك حركة "الجهاد" في الانتخابات تصويتًا؟
ج - الكل يدرك أن هناك كتلة تصويتية لا بأس بها تمتلكها حركة الجهاد الإسلامي، وحتى هذه اللحظة لم نقرر اتجاه التصويت وهذا الأمر قيد البحث والدراسة وسيتخذ القرار في حينه، ولا نظن أن هذه المسألة تمثل مشكلة لنا، ونحن ندرس كل شيء بشفافية وبشكل موضوعي، ونأمل أن نصل في النهاية إلى ما يتوافق مع مصلحة شعبنا وما يعزز مشروع المقاومة في فلسطين.
نحترم مواقف الفصائل
س: في حال تم اتخاذ قرار بالمشاركة تصويتًا، هل سيتم دعم قائمة بعينها؟، أو ما هي خياراتكم في ظل الحديث أنكم لن تكونوا عائقًا أمام الانتخابات؟
ج- نحن أعلنا رفضنا المشاركة في الانتخابات، لكن في ذات الوقت احترمنا مواقف الفصائل الأخرى، بمعنى أننا لن نعرقل الانتخابات أو نشوش عليها، ولن نمنع إجرائها، وهذا ينبع من احترامنا لشركائنا في الساحة الفلسطينية، نحن كما أكدنا لدينا اجتهاد سياسي بمقاطعة الانتخابات، أو رفض المشاركة فيها، وهناك اجتهادات سياسية أخرى لدى إخواننا في الفصائل بالمشاركة، وبالتالي نحن لن نعيق هذه الاجتهادات، ولن نعرقل إجراء الانتخابات.
المشاركة بالمجلس الوطني
س: ما هو مستقبل مشاركتكم في المجلس الوطني خاصةً وأن الانتخابات التشريعية تُعد خطوة أولى نحو الطريق له؟
ج - هذا موضوع معقد وحساس جدًا، وخلال حوار القاهرة الأخير نحن طرحنا هذا الأمر بشكل واضح، وتحدثنا عن ضرورة الفصل بين المجلس التشريعي، والمجلس الوطني، نظرًا لاختلاف المرجعيات، لأن مرجعية " التشريعي"، غير مرجعية "الوطني"، ووظيفة كل منهما مختلفة، فالتشريعي يعنى فقط بتقديم الخدمات للمواطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، والوطني يعنى بالفلسطينيين في كافه أماكن تواجدهم. ونحن نرى أن المجلس الوطني هو الأساس بالنسبة لشعبنا، وهناك اختلاف كبير بينه وبين المجلس التشريعي، وبالتالي من غير المنطقي أن يصبح هذا الاخير جزء من الاول، ونحن أمام معضلة .. إذا كنا نحن في حركه الجهاد لن نشارك وربما هناك فصائل أخرى وشخصيات وطنية لن تشارك في المجلس التشريعي، فلماذا تصادر حصتها في المجلس الوطني؟ ولماذا يتأثر موقف هذه الفصائل داخل المجلس الوطني نظرا لحسم جزء كبير من أعضاء المجلس التشريعي من خلال انتخابات المجلس الوطني؟.
هذه مسألة تحتاج إلى نقاش جدي ومعمق، وفي القاهرة نحن طرحنا هذا الأمر وكان رد الأخ جبريل الرجوب بأننا سنبدأ من الصفر في الحوار المقبل الشهر الجاري، ونحن فعلاً نتمنى أن نبدأ من الصفر في نقاش حول المجلس الوطني خاصةً أن هذا الاخير يمثل المفصل في إصلاح النظام السياسي الفلسطيني، والكل مجمع على ضرورة إعادة هيكلة وإصلاح منظمة التحرير من خلال مجلس وطني جديد قوي وفاعل ومؤثر ويمثل الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم تمثيلاً حقيقيًا وفعليًا، ولذا من الضروري الفصل بين انتخابات المجلس التشريعي والمجلس الوطني والتوافق على انتخابات "الوطني" لأنه سيمثل المدخل الأهم لإصلاح منظمة التحرير.
لا بديل عن المنظمة
س: ما هي رؤيتكم للمجلس الوطني وكذلك لمنظمة التحرير؟
ج- نحن قاومنا في السنوات الماضية أي محاولة لإيجاد بديل عن منظمة التحرير رغم اختلافنا الكبير معها ورغم أنها ترهلت وهي التي وقعت اتفاق "أوسلو" مع إسرائيل، وهي التي اعترفت بها، ورغم الشلل الذي شمل كافه أطر وهيئات المنظمة، قاومنا إيجاد أي بديل وأعلنا بأننا معنيون بإصلاحها حتى تكون مظلة لكل الفلسطينيين، وسيتحقق ذلك من خلال انتخاب مجلس وطني قوي يمثل الكل الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، وسيدفع بقوة إلى إصلاح المنظمة وإعادة الفاعلية لكافة أطرها وهيئاتها.
شروط الرباعية الدولية
س: ما هي رؤية حركة الجهاد لشكل وبرنامج الحكومة المتوقع تشكيلها وإمكانية انضمام "حماس" إليها ومحاولة إجبارها على الاعتراف بشروط الرباعية الدولية؟
ج - هذا سؤال افتراضي، نحن من خلال علاقاتنا مع الأخوة في "حماس" نستبعد تمامًا أن يقبلوا بشروط الرباعية الدولية، ومورست ضغوط كبيرة على "حماس" في السنوات الماضية ولم تقبل بشروط الرباعية، ونحن نتصور أن هذه الحركة لا يمكن أن تقبل بشروط اللجنة الدولية، فهذا يخالف برنامج وسياسة "حماس" ونستبعد تمامًا ذلك.
القائمة الموحدة
س: هل تدعم حركة الجهاد الإسلامي خيار قائمة موحدة بين "حماس" و"فتح"؟
ج - ما يهمنا هو وجود توافق بين كل الفلسطينيين، هذا التوافق يحمي حقوق هذا الشعب ويقف بقوة في وجه الاحتلال، وفي مواجهة كل التحديات التي تستهدف قضيتنا، وتستهدف شعبنا، نحن بذلنا جهودًا كبيرة طوال السنوات الماضية من أجل إيجاد هذا التوافق من أجل الوصول إلى هذا التوافق، ومن أجل إيجاد اصطفاف واسع لحماية حقوق الشعب الفلسطيني وإحياء المشروع الوطني.
دمج التشريعي والوطني
س: هناك اعتراضات لحركة الجهاد الإسلامي كانت خلال حوار القاهرة على بعض القضايا .. ما هو جوهر تلك الاعتراضات؟
ج - أهم هذه الاعتراضات هو دمج المجلس التشريعي في المجلس الوطني، نحن اعترضنا على هذا بقوة، وفي ذات الوقت نحن رأينا أن هناك ما هو أهم من الانتخابات التشريعية، وهو موضوع إصلاح منظمة التحرير، ونحن نرى أن هذا الموضوع أهم بكثير لأنه يتعلق في المظلة التي تشمل الفلسطينيين في الداخل والخارج، وأيضًا هذا الأمر يتعلق بالمشروع الوطني الذي نحن معنيون تمامًا بإحيائه وإعطاءه قوة الدفع.
واقع صعب عاشته القضية
س: ما هي رؤية حركتكم للحالة الفلسطينية بشكل عام خاصةً مع الانتخابات وما يمكن أن تفرزه؟
السنوات الماضية كان هناك واقع صعب عاشته الساحة الفلسطينية والقضية بمجملها، وللأسف الموقف العربي كان موقفًا بعيدًا تمامًا عن طموح الشعب الفلسطيني، وبعيدًا تمامًا أيضًا عن الواجبات المترتبة على إخواننا وأشقائنا في الدول العربية والإسلامية ... كان هناك خذلان للفلسطينيين، إضافة لوجود الخلاف الداخلي في الساحة الفلسطينية, وأيضًا في السنوات الأربع الماضية الخطوات والقرارات والإجراءات المتطرفة التي اتخذتها إدارة الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب ضد الفلسطينيين، وضد قضيتهم ودعمًا لإسرائيل وتحديًا حتى لقرارات مجلس الأمن وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
بالتأكيد الواقع كان صعبًا، لكننا لم ولن نستسلم له على الإطلاق، ونحن أعلنا في غير مناسبة أن الانتخابات لا يمكن أن تحل كل المشاكل الموجودة في الساحة الفلسطينية، لكن إذا كان هناك اتفاق بين الأطراف في الساحة الفلسطينية على إجراء الانتخابات، فنحن في حركة الجهاد الإسلامي لن نعرقل إجراء الانتخابات، وسنعطي الفرصة لربما تمثل هذه الخطوة بعض الانفراج الذي يخفف من معاناة الفلسطينيين الناجمة عن الانقسام والخلاف الداخلي والضغوط التي مارسها المجتمع الدولي ضد الفلسطينيين.
بالتأكيد الصورة تبعث على القلق بالنسبة للوضع الإقليمي وللوضع الدولي في ما يخص القضية الفلسطينية، ووجود تيار عربي ذاهب بشكل مدروس للتطبيع مع إسرائيل هذا بالتأكيد يزيد من قتامة المشهد ومن صعوبة الوضع، لكننا سنظل متفائلين معًا كفلسطينيين، وسنتجاوز هذه المرحلة ونحتاج إلى جهد وإرادة وإخلاص في المساعي المبذولة لحماية شعبنا وإحياء المشروع واستنهاض الأمة كلها من أجل دعم هذه القضية المباركة والمقدسة.