خالد صادق: هل ورطت سلطة عباس حماس بالانتخابات؟ خالد صادق

السبت 27 فبراير 2021 12:30 م / بتوقيت القدس +2GMT
خالد صادق: هل ورطت سلطة عباس حماس بالانتخابات؟ خالد صادق



وضعت السلطة الفلسطينية حركة حماس في مأزق كبير, بعد أن تنصلت من ابسط التزاماتها لتهيئة الاجواء بإجراء انتخابات تشريعية حرة ونزيهة وفي اجواء هادئة وديمقراطية, تتيح لكل الاطراف طرح افكارهم ورؤاهم بحرية كاملة, بعيدا عن الوصاية والتسلط وسياسة كتم الافواه, فهذه تعهدات تكفلت بها السلطة وتعهدت بها حركة فتح في حوارات القاهرة, لكن على ارض الواقع لم يتم تطبيقها, وبقيت القرارات مجرد حبر على ورق, ولا زال شعبنا الفلسطيني ينتظر خطوات عملية تؤسس لإنجاح الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة, هذه الحالة احدثت اختلافا بين قيادات حماس بين مؤيد لإجراء الانتخابات, وبين معارض لها بحجة ان السلطة الفلسطينية لا تحمل نوايا طيبة ازاء الانتخابات, وذلك بامتناعها عن اطلاق الحريات والافراج عن معتقلين سياسيين, وكذلك منع المترشحين والاحزاب من ممارسة نشاطهم السياسي بحرية, وهذا كله يدخل شعبنا الفلسطيني في حالة تشكك من جدوى الانتخابات, فالخطوات التي تسبقها يجب ان تكون ايجابية حتى نضمن نجاح المسار الانتخابي والوصول الى الهدف المنشود منها وهو المصالحة والتوافق وانهاء الانقسام .

القيادي البارز في حركة «حماس» ووزير الأسرى الأسبق وصفي قبها، شكك في جدّية السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عبّاس بترجمة المرسوم الرئاسي الصادر بشأن تعزيز الحريات العامّة، منتقدًا ترحيب فصائل وشخصيات ومؤسسات به، قبل ترجمته على الأرض ووصف المرسوم بأنه «مجرد حبر على ورق، داعيًا رئيس السلطة محمود عبّاس إلى «محاسبة الأجهزة الأمنيّة التي انتهكت وتنتهك القانون», وتساءل القيادي في حماس وصفي كبها «أين هي الحريات التي كفلها المرسوم الرئاسي، بينما لا يزال أكثر من 100 موقع فلسطيني، غالبيتها إعلامية، محجوبة؟ الأصل الإيعاز بتنفيذ ما ورد بالمرسوم فورًا دون تلكؤ», وسبق هذا التصريح لوصفي كبها تصريح مماثل صدر عن القيادي في حركة حماس موسى ابو مرزوق, وانعكس هذا التباين في المواقف على لغة الحوار داخل حركة حماس المعروف عنها انها تتسم بالتوافق والانسجام, حيث انتقد قبها « قيادة حركته، لموافقتها على إجراء الانتخابات قبل تحقيق المصالحة الوطنيّة، محذراً مما ستؤول إليه الأوضاع بعد إجراء الانتخابات في ظل هكذا أجواء، قائلاً: «الله يجنّب شعبنا نتائج هذه الانتخابات».
نائب رئيس حركة (حماس) في الخارج، وعضو وفدها إلى حوار القاهرة، محمد نزال قال (حماس) حركة مؤسسية، والمشاركة في الانتخابات ليس قرارًا حديثًا، بل الجديد هو صدور مرسوم رئاسي بإجراء الانتخابات» مضيفا أن الإجراءات التي تم التوافق عليها تكفل إجراء انتخابات نزيهة، ويبقى التعاطي مع نتائج العملية الانتخابية فلسطينيًا ودوليًا, وهذا يعني ان حماس متشككة في ان نتائج العملية الانتخابية من الممكن عدم الاعتراف بها فلسطينيا ودوليا, والسؤال الملح اين هي الضمانات التي قدمتها حماس ووفد فتح والسلطة لشعبنا للقبول بنتائج الانتخابات وبما سيفرزه الصندوق, وكيف يمكن فكفكة الالغام المزروعة في طريقها والتي بدأت تظهر بوضوح من خلال تصريحات رئيس الحكومة محمد اشتية الذي طالب حكومة حماس بالإفراج عن اكثر من 80 فتحاويا معتقلين في سجون غزة حسب قوله, رغم انه يعلم ان الغالبية العظمى من هؤلاء لم يعتقلوا على اساس انتماء سياسي وانهم موقوفون على قضايا اخرى لا علاقة لها بانتمائهم الحزبي, فهل ستتنازل حماس وتفرج عن هؤلاء لأجل انجاح الجهود وتهيئة الاجواء التي ترضي السلطة لإجراء الانتخابات.
ما تواجهه حماس من تباين في موقفها الداخلي عبر عنه بشكل كبير قادة الحركة في الضفة الغربية, والذين يعيشون تحت المقصلة, والى الآن لم يجدوا موقفا ايجابيا من السلطة تجاههم, وهذا سيؤثر على حماس بشكل او بآخر اذا ما جرت الانتخابات التشريعية, فصرخات قادة حماس في الضفة الهدف من ورائها البحث عن الايجابيات في حوار القاهرة وتجسيدها على ارض الواقع, بحيث لا تبقى مجرد حبر على ورق, ويبدو ان أزمة المعتقلين السياسيين اصبحت اول لغم يهدّد جهود بناء الثقة بين فتح وحماس, خاصة بعد ان  رفضت حركة حماس الاستجابة لمطالب الحكومة الفلسطينية بضرورة إطلاق سراح معتقلين سياسيين في قطاع غزة، وقالت وزارة الداخلية التابعة لحماس في بيان صحافي، إن جميع السجناء لديها “موقوفون أو محكومون على خلفية قضايا جنائية، أو أمنية متعلقة بالإضرار بالمقاومة، وجميعها منظورة أمام القضاء الفلسطيني”, وهنا يكمن الشيطان, فالسلطة تطلب المستحيل, وكأنها تضع العراقيل امام أي خطوات من شأنها حل الخلافات الداخلية, لذلك ما كان يمكن الخروج بقرار الانتخابات دون حوار جدي وحقيقي يمكن أن يؤدي لنجاحها.
كاتب فلسطيني