بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي تكديس آلاف الأطنان من الأملاح المستخرجة من البوتاس وبناء جدار ملحي عملاق على طول 45 كيلومترا مع الحدود الأردنية من جهة منطقة وادي عربة- البحر الميت.
وحسب ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن الجدار جاء "بمبادرة من اللواء يوآف التابع للقيادة الجنوبية، بحيث يتم إنشاء جدار ملحي ضخم، بارتفاع 9 إلى 13 مترًا في محاولة لصد المتسللين في تلك المنطقة التي تفتقر لوجود سياج".
وقالت الصحيفة إن "الجدار سيصل إلى ارتفاع 13 مترًا كحد أقصى وسيصعب على المتسللين عبور الحدود مع الأردن في منطقة البحر الميت، ويخشى الجيش الإسرائيلي من أن "المنظمات الإرهابية" ستستخدم الطرق بدون حماية. على حد قول الصحيفة.
وقال الكولونيل يوغيف بار شيشيت، لـ"يديعوت أحرونوت": "إنه ليس سالكًا، لكنه سيجعل اختراقه أصعب ويضاف إلى طبقات الحماية الإضافية التي نخطط لها". وأضاف: "إنها تقريبا لا تكلف أي مال".
وحسب وسائل إعلام عبرية تم بناء أول كيلومترين من الجدار، بينما سيستكمل البناء في غضون ستة أشهر، مستخدمين الأملاح المستخرجة من مصانع البوتاس كعازل طبيعي، وحصل الجدار على جائزة الابتكار من رئيس أركان الاحتلال أفيف كوخافي.
"خط بارليف جديد"
إلا أن الخبير العسكري، اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار،في تصريح صحفي يحذرمن أهداف سياسية وراء بناء هذا الجدار، واصفا إياه بـ"خط بارليف الجديد"، ويقول: "هذا رسم حدود من جديد، له بعد سياسي كبير، هذا الجدار الملحي سيصعب اختراقه، وهي نية عدائية تجاه الأردن، وفرض أمر واقع، حيث لم تتخل إسرائيل عن الحدود للأردن مهما كان هناك من تسويات وحل للدولتين، إسرائيل لا تحتاج مثل هذا الجدار لمراقبة الحدود بسبب التكنولوجيا المتوفرة لديها والتي تتيح المراقبة عبر الأقمار الصناعية، ولديها وسائل الإنذار المبكر".
الصحفي المتخصص في الشؤون الفلسطينية داود كتاب قال إن "محاولة إسرائيل الخفية لترسيم الحدود تدخل في مخالفة واضحة لاتفاق أوسلو والتي تنص أن ترسيم الحدود بين فلسطين وإسرائيل يتم بالتفاوض".
وقال : "كما تخالف أعمال إسرائيل توجيهات الإدارة الأمريكية الجديدة والتي طالبت كافة الأطراف بالامتناع عن أي عمل يؤثر على مفاوضات الحل النهائي، كما أن من بديهيات العلاقات الحضارية هو ضرورة التنسيق بين الدول الموقعة لاتفاقيات سلام فيما بينها وأن لا يتم تغيير في الأمور الاستراتيجية ومنها الحدود".
مخاوف بيئية
وبعيدا عن المخاوف السياسية، حذر ناشطون بيئيون من تداعيات خطيرة على منابع مياه نهر الأردن السفلية والمياه الجوفية جراء تكديس آلاف الأطنان من الأملاح في وقت يعاني فيه نهر الأردن من ارتفاع كبير وخطير في ملوحته أدت إلى انقراض معظم أحيائه ونباتاته.
وكشف بحث إسرائيلي مؤخرا، وتحديدا من خلال شركة الاستشارات الدولية DHV، عن وجود ارتفاع كبير جدا وخطير في ملوحة النهر، وبخاصة في جزئه الجنوبي؛ ما أدى إلى انقراض معظم أحيائه ونباتاته الحساسة للتلوث والملوحة.
وتحذر هلا صبحي مراد الناشطة البيئية، ورئيسة جميعة دبين للتنمية البيئة، من مخاطر استمرار الاحتلال بتدمير البيئة المحيطة بنهر الأردن وفي بعض المناطق الغورية، وتقول إن "مجرى نهر الأردن مالح في الأساس، ووجود جدار ملحي يهدد بشكل كبير المياه الجارية ثم الجوفية كون الأمطار التي تنزل ستقود هذه الأملاح إلى الأودية مما سيتسبب بمزيد من التملح للمياه".
وحسب الناشطة البيئية "ليست المرة الأولى التي يقوم بها الاحتلال بتدمير البيئة في الأراضي الأردنية، فمحطات التحلية للينابيع التابعة للاحتلال تقوم بإلقاء مخلفات السماد العضوي على طول مجرى نهر الأردن، مما يؤدي إلى تلوثه، ناهيك عن أن نهر الأردن لا يحصل على كمية المياه المطلوبة والمقدرة بـ 1.3 مليون متر مكعب، إذ عملت سوريا على بناء سدود حرمت نهر الأردن من 400 مليون متر مكعب، كما أن الاحتلال قام بتغيير مجرى النهر مما حرم نهر الأردن من 600 مليون متر مكعب، وتبقى 300 مليون متر مكعب فقط في مجرى النهر الذي بات مالحا بشكل خطير جدا".
وحسب ما نقلت وسائل إعلام عبرية حاز بناء الجدار على جائزة الابتكار من رئيس هيئة أركان الاحتلال أفيف كوخافي كوسيلة لحماية الحدود.