"أنا تعبان جدا وذرفت دموعا كثيرة"... "إسنا" تنشر لأول مرة رسالة خاصة كتبها سليماني قبل اغتياله

الأحد 21 فبراير 2021 06:04 ص / بتوقيت القدس +2GMT
"أنا تعبان جدا وذرفت دموعا كثيرة"... "إسنا" تنشر لأول مرة رسالة خاصة كتبها سليماني قبل اغتياله



طهران/سما/

نشرت وكالة الأنباء الإيرانية "إسنا" ما قالت إنها رسالة من القائد العسكري المغتال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، إلى ابنته فاطمة.


ولم تكشف الوكالة موعد إرسال الرسالة التي بعث بها سليماني إلى ابنته، والتي يتحدث فيها عن رؤيته لعمله العسكري، والهدف الذي كان يعمل لأجله.
وفي الرسالة كتب سليماني: "في کل مرة أبدأ الرحلة أشعر بأنني لن أراکم مرة أخری. لقد تخیلت وجوهكم المفعمة بالمحبة مرات عدیدة علی طول الطریق واحدا تلو الآخر أمام عیني".

وتابع: "في کثیر من الأحیان ذرفت دموعا في ذکرکم. اشتقت إلیكم واستودعتكم الله. علی الرغم من أني قلما وجدت فرصة للتعبیر عن حبي لكم فلم أستطع إیصال هذا الحب الذي في قلبي إلیکم عزیزتي".


وقال سليماني: "لطالما أبقیتكم قلقین عليّ لأکثر من عشرین عاما والله شاء أن لا تنتهی هذه الحیاة وأنتم تحلمون حلم الخوف دائما. ابنتي، کلما فكرت وأفكر في هذا العالم أن أفعل شیئًا آخر لتقلیل قلقكم، رأیت أنني لا أستطیع، وهذا لم یكن ولیس بسبب اهتمامي بالنزعة العسكریة. لم یكن ولن یکون بسبب الوظیفة أیضا. لم یكن ولیس نتیجة إکراه أو إصرار من أحد. لا یا ابنتي، فإني لا أرضی أبدًا بسبب وظیفتي أو مسؤولیتي أو إصرار أو إکراه أحد أن أتسبب في قلقكم ولو للحظة، ناهیك عن بکائكم".

وأضاف سليماني: "لقد رأیت أن کل شخص في هذا العالم قد اختار طریقًا لنفسه، أحد یتعلم العلم والآخر یعلّمه. أحد یتاجر، والآخر یزرع، وهناك ملایین الطرق، أو من الأفضل أن أقول: هناك طرق بعدد النفوس، وکلٌ اختار طریقًا لنفسه. فنظرت في أمريی أنه أي طریق یجب أن أختاره. فكرت في نفسي ونظرت في عدة مسائل فسألت نفسي، أولاً ما هي المدة التي یستغرقها هذا الطریق، وأین هي نهایتها، وما هي فرصتي؟ وما هي وجهتي علی الأساس؟".

وتابع: "رأیت أنني مؤقت وکل شخص مؤقت. یبقون لبضعة أیام ثم یغادرون (الدنیا). البعض بضع سنوات، (...). رأیت أنني إذا قمت بأعمال تجاریة، فإن عاقبتها هي بعض العملات المعدنیة اللامعة وبضع سیارات ومنازل لكن لیس لها تأثیر علی مصیري في هذا الطریق فتوصلت إلی أن أعیش من أجلكم (...) لكنني فكرت أنه کیف یمكنني أن أحل بنفسي هذا الخوف وهمومي".

وأكمل: "رأیت أنه کان علیّ أن أتواصل مع من یعالج لي هذا الشيء المهم، وهو لیس سوی الله. هذا الكنز وهو أنتم الذین زهور وجودي لا یمکن الحفاظ علیه بالثراء والسلطة وإلا فإن الأغنیاء والأقویاء یجب أن یمنعوا أنفسهم من الموت، أو أن ثرواتهم وقوتهم یجب أن تمنع أمراضهم المستعصیة وأن تمنعهم من الشلل. إني لقد اخترت الله وطریقه".


وأضاف: "هذه هي المرة الأولی التي أعترف فیها بهذه الجملة؛ لم أکن أرغب أبدًا في أن أکون عسكریًا وما کنت أحب مطلقًا أن أحصل علی الرتب العسکریة. إني أفضل کلمة قاسم الجمیلة التي کانت تخرج من الفم النقي للشهید التعبوي لحرس الثورة علی أي منصب. کنت أحب وما زلت أحب أن أکون "قاسم" دون لاحقة أو بادئة. لذلك فقد أوصیت أن تکتبوا علی قبري "الجندي قاسم" فقط، ولیس قاسم سلیماني، حیث إنه مبالغة في الكلام ویثقل الكاهل".

وقال سليماني في رسالته لابنته: "لم أختر هذه الطریقة لأقتل الناس، أنت تعلمین أنني لا أستطیع رؤیة قطع رأس دجاجة. لقد حملت السلاح لأقف ضد القتلة لا أن أقتل".
وأضاف: "أری نفسي جندیًا في بیت کل مسلم وقع في خطر، وأود أن یمنحني الله القدرة علی أن أتمكن من الدفاع عن کل المظلومین في العالم، (...) أقاتل من أجل ذلك الطفل المرعب العاجز الذي لا ملجأ له، ومن أجل تلك المرأة الخائفة التي أمسكت طفلها علی صدرها ومن أجل ذاك النازح الفارّ المطارَد التارك وراءه خطًا من الدم".

واختتم سليماني رسالته بقوله: "یا ابنتي أنا تعبان جدا. لم أنم منذ ثلاثین عامًا، لكني لا أرید أن أنام بعد الآن أیضا. أذرّ الملح في عیني حتی لا یجرؤ جفني أن یطبق کي لا یقطع رأس ذاك الطفل العاجز في غفلتي. ماذا تتوقع مني عندما أظن أن تلك البنت الخائفة هي أنتِ ونرجس وزینب وأن ذاك المراهق أو الشاب الراقد في المسلخ الذي یقطع رأسه هو حسین ورضا؟ هل أنظر وأری، أأکون مرتاحاً، هل أکون تاجرا؟ لا، لا أستطیع العیش هكذا".

وقتل قاسم سليماني في غارة جوية أمريكية بالقرب من مطار بغداد الدولي، في الثالث من يناير/كانون الثاني من العام الماضي، وكان برفقته، أبو مهدي المهندس، قائد الحشد الشعبي العراقي.