مصطلح الإتفاق على "وحدة فتح".. عدلي صادق

السبت 20 فبراير 2021 04:43 م / بتوقيت القدس +2GMT
مصطلح الإتفاق على "وحدة فتح".. عدلي صادق




لم يتسرب من مخرجات اجتماع عباس مع عضو "المركزية" د. ناصر القدورة، سوى القول أنهما اتفقا على "وحدة حركة فتح"!
المؤشر الموضوعي لهذه العبارة، أن الإتفاق تمخض عن فرضية احتواء توجهات د. ناصر لتشكيل قائمة موازية، بشفاعة تطمينات محددة، ليس بمقدورنا أن ننسبها الى برنامج انتخابي تفصيلي، يسترضي عضو المركزية ويكرس فكرة الإصلاح والدمقرطة وإنهاء التفرد. فمسألة البرامج الإنتخابية، لا تزال خارج التداول، والكلام كله يراوح في مربع التدابير الضامنة لحركتي فتح وحماس للإستمرار في الإمساك بمقاليد الحكم، وما تبقى فهو تفصيلات شكلية تؤخذ في عُجالة. وفي الحقيقة ليست هذه المقاصد هي التي يتطلع اليها الفلسطينيون.
مصطلح "الحفاظ على وحدة الحركة" بعد خمسة وخمسين سنة من انطلاقتها، والتجوس من انفراط وحدتها كلما كانت أمام استحقاق انتخابي؛ يدل على الترهل والتراجع وفقدان الرؤية الجامعة. وأغلب الظن، أن دعوة عباس لعضو المركزية د. ناصر القدوة، جاءت بشفاعة الفقرة الضامنة للأول، وكان فيها الثاني حريصاً على وضع المسافة الفاصلة بين موقفه والمواقف الداعية الى وحدة فتحاوية حقيقية، تُنهي الإنقسام في الحركة. ويبدو أن الصامتين على هذا الإنقسام، قد فضلوا لأسبابهم المعطوفة على سهولة إقصائهم، إرجاء التفكير في وحدة الحركة الى ما بعد عباس. أما التيار الإصلاحي في حركة فتح، وهو يعمق حيويته الإجتماعية والتصاقه بالجماهير؛ فلا يضيره شيء، ولديه كل ما تفتقده الحركة التي أهملها رئيسها، على كل مستويات العمل التنظيمي والتعبوي. ويأسف الوطنيون لوضعية هذه الحركة التي لا تزال تجعل محض الحفاظ على وحدتها، أحد أهم أولوياتها، وهذا نقيض الرسوخ والديمومة.
لا ينبغي أن يُفهم من هذا الرأي، أننا ضد التقاء القدوة وعباس، أو يزعجنا تفاهم عباس مع مروان البرغوثي ونبيل عمرو وتوفيق الطيراوي وغيرهم من أصحاب الإجتهادات المجتزأة. لكن ما يؤسف له، هو غياب الرؤية الشاملة لحال النظام السياسي، والحركة، على النحو الذي عبر عنه د. ناصر القدوة في الجزء الحميد من تصريحاته.
وما يتوجب التذكير به، مراراً وتكراراً، هو أن العلة المزدوجة، في مواقف وأداء قيادة السلطة، هو غياب البُعد الإجتماعي للسياسة، وعدم الربط بين اللغة في كل تصريحاتها، وأوضاع الناس في الوطن. فما حدث لغزة، من شأنه إسقاط أباطرة يحكمون، وليس عناصر تحكم بقوة الأمر الواقع. فبؤس الناس، يشطب الرموز، وفي الأمم المتحضرة، تتكفل الأخطاء البسيطة وبعض ممارسات الإستبداد، بإسقاطهم وطي صفحاتهم. ففي فرنسا التي يعرفها د. ناصر القدوة وتزوج منها، أسقط قطاع من الطلاب الفرنسيبن في العام 1968 شارل ديغول، قائد التحرير الناجز والأب الروحي للجمهورية الخامسة. كاتن الرجل قد ندم على بعض ممارسات القمع التي أمر بها، ولم ينفعه حتى التراجع ولا رفض نصيحة الأمن ووزير داخليته بالإستمرار في الاعتقالات وممارسات الإقصاء، وحبس بعض الرموز الثقافية، وصرخ في وجه الوزير:أتريدني بعد أن ألعب دور الطاغية، بعد أن قُدت شعبي الى الحرية؟! فعلى الرغم من ذلك اختفى الرمز، وغادر مع زوجته للعيش في ايرلندا.
إن ما حدث لغزة، وللكادر الوازن في الضفة، من شأنه الحث على المجاهرة بتغيير النظام، ليس ترقيعه وإعادة انتاجه. فالشعب الفلسطيني يذخر بالكفاءات الوطنية، التي تمتلك الثقافة واللغات المختلفة، ومن الكبائر إعادة انتاج فاقدي مناقب ومواهب.