كيف تبدو سياسة بايدن إزاء "التوسع الشيعي" والمسألة الفلسطينية؟

الأحد 14 فبراير 2021 05:48 م / بتوقيت القدس +2GMT
كيف تبدو سياسة بايدن إزاء "التوسع الشيعي" والمسألة الفلسطينية؟



القدس المحتلة /سما/

هآرتس - بقلم: عاموس هرئيل    "قبل التحدث عن تقدير شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي لسنة 2021، يجب التذكير بتقدير شعبة الاستخبارات من العام الماضي، بالأساس فيما لم يكن موجوداً فيه. عندما عرضت تقديرات شعبة الاستخبارات على وسائل الإعلام الإسرائيلية في 13 كانون الثاني 2020، لم يكن فيها أي إشارة إلى الحدث المركزي الذي سيهز كل العالم خلال أقل من شهرين.

وبالنسبة للصحف في البلاد، كانت كورونا في حينه مجرد شائعة بعيدة، صوت رعد يتردد لم يصل إلى شواطئنا بعد. في مدينة ووهان الصينية كانوا قد شخصوا مرضى أوائل قبل ذلك ببضعة أسابيع. ولكن السلطات الصينية بذلت جهوداً كبيرة لإخفاء حجم الكارثة الآخذة في التشكل. لم يكن لدى “أمان”، مثل معظم أجهزة المخابرات الغربية، أي فكرة. لم تعرف وزارات الصحة في دول مختلفة أي شيء أكثر من ذلك.

التفشي المحتمل للأوبئة ومثله أيضاً التغيرات في المناخ، لم يشملها التنبؤ السنوي ولم تعتبر حينئذ قضايا تهم الأجهزة الاستخبارية في إسرائيل. سيتم سد هذه الثغرة بالتدريج إزاء دروس السنة الماضية. إن الفيروس هو الذي شكل الواقع الدولي في السنة الماضية أكثر من أي ظاهرة أخرى، وسيواصل فعل ذلك في السنة الحالية، وأيضاً في السياقات الاستراتيجية. في الوقت الذي تعاني فيه جميع الحكومات من ضائقات اقتصادية وصحية غير مسبوقة في العصر الحديث، يبدو أن شهية الحروب قلت.

يكمن هنا درس آخر بخصوص ما أطلق عليه رجل الاقتصاد نسيم طالب “البط الأسود”، ففي كل بضع سنوات يكون هناك حدث غير متوقع، ويلتهم جميع التوقعات المسبقة. وعلى رجال الاستخبارات والمحللين في وسائل الإعلام أن يدركوا حدود قدرات تحليلاتهم وتنبؤاتهم. وتفشي كورونا أبطأ خطوات المحور الشيعي الذي تقوده إيران في المنطقة، وقلص الاحتكاك مع إسرائيل في أشهر الوباء الأولى. في مرحلة لاحقة، ورغم الصعوبات الاقتصادية، عادت إيران إلى ضخ الأموال لمنظمات إرهابية وعصابات في المنطقة. واستمرار بناء القوة العسكرية لهذه المنظمات بقي أولوية بالنسبة لإيران.

العامل الرئيسي الذي سيؤثر على سير العام الحالي إلى جانب كورونا، هو تغيير الإدارة في واشنطن. في طهران مثلما في عواصم أخرى في المنطقة، يتابعون بتوتر تغير السياسات التي يمليها الرئيس بايدن مقارنة بسلفه ترامب. هذا هو مفتاح المسألة الأساسية التي ستحدد وجه الشرق الأوسط في الفترة القريبة القادمة – هل ستعود الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران؟ (الجواب المرجح “نعم”)، وبأي شروط؟ (أمر لم يتضح بعد).

بقيت إيران، وفي أعقابها “حزب الله”، في مركز اهتمام “أمان”. تعرض الاستخبارات العسكرية إيران كمصدر القوة الأيديولوجية والمالية الذي يغذي شبكة إقليمية معقدة، جزء منها موجه ضد إسرائيل. بعد العاصفة التي أثارتها أقوال رئيس الأركان، افيف كوخافي، قبل أسبوعين تقريباً، ظهر رئيس جهاز الاستخبارات، الجنرال تمير هايمن، أكثر حذراً في اللقاءات مع المراسلين في هذا الأسبوع.

عرض هايمن وصفاً مفصلاً وواضحاً للجداول الزمنية التي يعمل الإيرانيون بحسبها. هم يقتربون من نقطة الانطلاق نحو القدرة النووية العسكرية، لكنهم لم يتجاوزوها بعد، رغم أنهم خرقوا الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في 2015. وإذا أرادوا إنتاج رأس نووي متفجر فهو الأمر يستغرق سنتين تقريباً. حملة “الحد الأعلى من الضغط” التي اتبعها ترامب لم تحرف طهران عن هدفها، لكنها تسببت لها اقتصادي كبير عن طريق فرض العقوبات.

إيران، حسب “أمان”، هي الآن في نقطة حضيض تاريخية. إلى جانب الأزمة الاقتصادية وأضرار كورونا، هي تعاني من أضرار عمليات المعركة بين حربين، ولم ترد بعد على عمليات الاغتيال في السنة الماضية لشخصيات إيرانية رفيعة مسؤولة عن تفعيل الإرهاب في المنطقة (الجنرال قاسم سليماني)، والمسؤول عن المشروع النووي (محسن فخري زادة). الولايات المتحدة تحملت المسؤولية عن العملية الأولى؛ وإيران تتهم إسرائيل بالعملية الثانية.

الهدوء الحالي لا يدل على أن الحساب قد أغلق من ناحيتها. فحسب تقدير الجيش الإسرائيلي، إيران قد ترد على هذه العملية عن طريق أذرعها، مثل المليشيات الشيعية في العراق وسوريا. هذا الحساب يتقاطع مع اعتبارات “حزب الله” الذي ما زال يهدد بهجمات خاصة به. قد يتدهور التوتر في الشمال إلى درجة “أيام حرب”، وتصعيد محدود يستمر لبضعة أيام على طول الحدود، مع بذل جهود متبادلة من الطرفين للامتناع عن الانزلاق إلى حرب شاملة. على الصعيد الاستراتيجي، ثمة قلق إيراني من اتفاقات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين. المحور المناهض لإيران، الذي تم تشكيله بالسر قبل ذلك بسنوات، يقوم بتنسيق نشاطاته بصورة علنية وواضحة.

منذ بضع سنوات تشغل الساحة الفلسطينية في نظر الجيش الإسرائيلي و”أمان” مكاناً هامشياً قياساً لما يحدث في الساحة الشمالية. بقيت الافتراضات الأساسية على حالها، حتى في بداية السنة الحالية. وحسب رأي الجيش، اختارت قيادة حماس في القطاع –استراتيجياً- مسار التسوية، هدنة طويلة المدى مع إسرائيل، على أمل حدوث تحسن كبير في الاقتصاد والبنى التحتية. ولا تبدو السلطة الفلسطينية متحمسة لمواجهة عسكرية مع إسرائيل. بالعكس، دخول بايدن إلى الصورة يزيد لديها الأمل في استئناف المفاوضات السياسية. والطريقة التي غيرت فيها كورونا الواقع العالمي ما زالت تشكل تذكيراً بحدود قدرة التنبؤ: في هذه السنة يمكن حدوث تغييرات لم تؤخذ في الحسبان على الإطلاق.