هآرتس - بقلم: افرايم عنبر "إن استئناف تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20 في المئة في إيران، واتخاذ قرار لإنتاج اليورانيوم المعدني، هي خطوات تقصر المسافة نحو إنتاج القنبلة النووية. هذا في الوقت الذي دخل فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض مع نية واضحة للبدء في المفاوضات لبلورة اتفاق نووي جديد مع طهران. موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من إيران لم يتضح بعد، لكن احتمالات التوصل إلى اتفاق يمكن أن تبدد مخاوف إسرائيل من الإمكانية الكامنة النووية الإيرانية، هي احتمالات ضئيلة جداً. هذه التطورات تقرب هجوم إسرائيل على المنشآت النووية، كما يتبين من أقوال رئيس الأركان افيف كوخافي.
إن سعي طهران للحصول على القنبلة النووية وتطلعها إلى الهيمنة في الشرق الأوسط، يعرضان إسرائيل للخطر. تعتقد القيادة الإيرانية أنه ليس للدولة اليهودية حق في الوجود، وأن إسرائيل ستختفي تحت ضغط عسكري، أو سيتم تدميرها عندما تكون ضعيفة وهشة. في أعقاب الانسحاب التدريجي للولايات المتحدة من الشرق الأوسط، توصلت إيران إلى استنتاج بأن إسرائيل هي العائق العسكري الرئيسي أمام طموحاتها، وبهذا تحولت إلى عدو ديني، بل وخصم استراتيجي يجب التغلب عليه.
إن ذكاء إيران في تشغيل منظمات وفروع لها في الشرق الأوسط، واستعداد الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب للانسحاب من المنطقة، مهدت طريق إيران في خطتها لإنشاء “ممر شيعي” من إيران مروراً بالعراق وسوريا، وصولاً إلى البحر المتوسط. هي أيضاً تريد بناء قواعد حول إسرائيل، التي تستطيع فيها أن تنصب صواريخ من أجل ردعها عن القيام بمهاجمة منشآتها النووية. وفي حالة هجوم كهذا، يكون بإمكانها المس بإسرائيل بدرجة شديدة.
لذلك، تعمل إسرائيل على منع وجود إيران في سوريا. وتحاول أيضاً كبح تقدمها النووي. الانفجار الغامض في نطنز في حزيران 2020، وتصفية عالم الذرة الكبير محسن فخري زادة في تشرين الثاني 2020، هي الشهادات الأخيرة على ذلك.
إذا وافقت إيران على إجراء مفاوضات على اتفاق نووي جديد فسيكون ذلك كهدف لتحقيق إنجازات مثل رفع العقوبات الاقتصادية وحماية من خطوات عسكرية ضدها، ولكسب الوقت لإحراز تقدم آخر في المشروع النووي. يصعب الافتراض بأن إيران ستوافق على قيود إضافية عليها. إضافة إلى ذلك، ستجري في حزيران انتخابات رئاسية في إيران، وجميع المرشحين هم من التيار المتطرف، مرشحون يعارضون التنازلات. ومن الجدير بالذكر أن السلاح النووي يعتبر بوليصة تأمين لبقاء النظام وكوسيلة رئيسية لتحقيق هيمنة إقليمية. بناء على ذلك، يصعب تخيل وضع ستتنازل فيه إيران عن الخيار النووي، إلا إذا تم فرض خطوة كهذه عليها.
النتيجة التي لا مفر منها لتحقيق طموحاتها النووية هو سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، تشارك فيه تركيا ومصر والسعودية، وربما الإمارات. هذا السيناريو هو كابوس استراتيجي بالنسبة لإسرائيل. سلاح نووي في أيدي دولتين لا يضمن الردع المتبادل، ووجود ميزان رعب مع دولة واحدة هو عملية معقدة من الناحية التقنية والسياسية، ويكتنفه عدم اليقين. ليس من المؤكد أنه يمكن خلق ردع نووي حتى ضد دولة واحدة، بالأحرى ضد عدد من الدول. كما يبدو، إسرائيل ستوافق على أن تدير إدارة بايدن مفاوضات حول اتفاق نووي جديد من أجل عدم حدوث شرخ مع الإدارة الأمريكية، وفي محاولة لإقناعها بتحقيق شروط الحد الأدنى لاتفاق أفضل بالنسبة لها. ولكن لا يبدو في المستقبل القريب اتفاق تستطيع إسرائيل التعايش معه بأمان. لذلك، يجب عليها الحفاظ على إمكانية استخدام القوة العسكرية لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي.
لقد أحسن رئيس الأركان افيف كوخافي صنعاً عندما طلب تحديث الخطط في هذا الموضوع. فالتهديد العسكري أمر ضروري أيضاً لتحفيز الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي تخشى مواجهة عسكرية في الشرق الأوسط، على اتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه إيران. التهديد العسكري حيوي أيضاً للحفاظ على التحالف الإقليمي ضد إيران. وإزاء إحجام أمريكا عن القيام بمواجهة عسكرية، خاصة إدارة بايدن التي تضم أشخاصاً من إدارة أوباما يلتزمون بالدبلوماسية، فقد تقترب دول الخليج فعلياً من إيران، خاصة إذا قدرت بأن إسرائيل غير مستعدة للقيام بعمل عسكري ضد هذا التهديد المشترك.
ليس من المستبعد أن تهاجم إسرائيل مسبقاً لتمنع إيران من إجراء تحسينات دفاعية حول منشآتها النووية. إذا شعرت إسرائيل بأنها وحيدة في المعركة ضد إيران، وبعد أن يتبين بأن عمليات سرية وصلت إلى استنفاد فائدتها، فستفحص إسرائيل بجدية القيام بهجوم استباقي حسب السوابق في العراق (1981) وفي سوريا (2007).
ربما يكون الثمن أعلى بكثير هذه المرة، لكن عدم القيام به قد يجبي ثمناً أغلى. يبدو أن الساعة قد اقتربت لإخراج هذا التهديد إلى حيز التنفيذ، قبل أن يصبح الوقت متأخراً جداً.