أوبزيرفر: قرارات بايدن التنفيذية ليست بديلا عن الخطط الإستراتيجية..

الأحد 31 يناير 2021 06:05 م / بتوقيت القدس +2GMT
أوبزيرفر: قرارات بايدن التنفيذية ليست بديلا عن الخطط الإستراتيجية..



القدس المحتلة /سما/

تساءل سايمون تيسدال المعلق في صحيفة “أوبزيرفر” إن كان الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن الذي بدأ عهده بالصرامة والتحدث بصلابة حول تصحيح مسار العالم، فهل يستطيع تقديم إنجازات؟ هذه هي المهمة الصعبة.

وقال إن من يعرفون بايدن كسناتور يحبذ التسويات على المواجهة ربما فوجئوا من أيامه المحمومة الأولى في الرئاسة والتي وجّه فيها إصبع التحذير للصين وروسيا وركل الكرسي في العلاقات الدافئة من عهد إدارة ترامب مع الخليج، ورمى سهما في جعبة إسرائيل، ووضع مسألة التغيرات المناخية في مركز الاهتمام العالمي. وكل هذا هو قتال بالكلام. فمشكلة عاصفة قرارات بايدن الرئاسية، هي أنها مواقف وليست سياسات وتهدف لإلغاء أو تجميد معظم الملامح المدمرة من إرث ترامب.

ولم يقدّم بايدن وفريقه بعد أجوبة واقعية للمسائل الدولية المعقدة. وهذه إدارة لا تشبه عقيدة ترومان، بل لا تتعدى كونها محاولة لمنح الراحة وتقديم موقف إيجابي. فقول: “عادت أمريكا” سهل لكن الأفكار الجديدة أصعب. ومن خلال محاولتهم التأكيد على التأثير الأمريكي والعودة للمواقف التي تخلت عنها الإدارة السابقة، ربما انتهى بايدن وفريقه الأمور بتعقيد الأمور أكثر مما هي عليه.

وفي هذا السياق يقدم الحديث المتبادل في الأسبوع الماضي بين بايدن ورئيس الوزراء الياباني يوشيهايدي سوغا رؤية تنويرية. وكان بايدن واضحا في تأكيده على التزام أمريكا المطلق للدفاع عن اليابان بما في ذلك جزر سينكاكو. وتقع الجزر في شرق بحر الصين وتزعم بيجين أنها تابعة لها وتطلق عليها اسم دياويو.

وورث بايدن عن ترامب عددا من النقاط الساخنة مع الصين، مثل التجارة والوباء وتايوان واتهامات الصين بارتكاب إبادة ضد الإيغور في تشنجيانغ. وأضاف بايدن على القائمة واحدة أخرى، حيث ستنظر إليها الصين كاستفزاز، خاصة عندما ينظر إليها ضمن استعادة وزير الخارجية أنتوني بلينكن التزامات “الدفاع المشترك” في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه.

وفي محادثة بايدن مع فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي أوقفت تعامله السهل مع ترامب. وتم تحدي رئيس روسيا حول ملاحقته للمعارض أليكسي نافالني والقرصنة على “سولار ويندز” (الرياح الشمسية) والتدخل الروسي في انتخابات 2016 ووضع مكافآت مالية على الجنود الأمريكيين في أفغانستان والتدخل في سيادة أوكرانيا.

وحافظ بايدن على وعوده الانتخابية من ناحية تمديد معاهدة ستارت الجديدة مع روسيا، وعبّر عن التزامه بمتابعة المحادثات بشأن التحكم بالأسلحة النووية. ولكنه حذّر بعبارات واضحة بوتين أن الولايات المتحدة من الآن ولاحقا “ستتحرك بقوة للدفاع عن مصالحها ردا على تصرفات لروسيا تضرب بنا أو بحلفائنا”. وبعبارات أخرى، لن تكون هناك إعادة ضبط للعلاقات معها كما فعل باراك أوباما.

وقلل الكرملين في نشره لما ورد في المكالمة من عدة قضايا طرحها بايدن وكيف سيتعامل معها، فهل سيجبر ألمانيا على وقف خط الغاز الطبيعي “نورد ستريم2” إلا في حالة الإفراج عن نافالني كما اقترح البعض؟ وهل سيقوم بفرض عقوبات جديدة؟ ولو فعل هذا فهل، هو جاهز لانتقام خفي وغير متكافئ من بوتين؟

ويرى تيسدال أن قرار بايدن الحاسم والسريع تعليق مبيعات السلاح للسعودية والإمارات هو أهم تحول عن عالم ترامب. فكمرشح انتقد بايدن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان فيما يتعلق بجريمة قتل جمال خاشقجي عام 2018، بالإضافة لانتهاكات حقوق الإنسان. وتعهد بجعل السعودية “تدفع الثمن وجعلهم منبوذين كما هم”.

وما هو ليس واضح استعداده لمواجهة صدع كبير مع حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط. فصفقة مقاتلات “أف-35” بـ23 مليار دولار أمريكي كانت هدية من ترامب للإمارات بسبب فتحها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وقدم ترامب حوافز لكل من السودان والبحرين والمغرب مقابل التطبيع والتخلي عن الالتزامات الطويلة للجامعة العربية تجاه الفلسطينيين.

ويعتقد تيسدال أن اتفاقيات إبراهيم التي لم يتم التخطيط لها والتفكير بها بشكل جيد تتعرض للخطر، بشكل ستضع بايدن أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي “الترامبي” بنيامين نتنياهو. وسيثير قرار تجميد صفقات الأسلحة المسؤولين في إسرائيل الذين يركزون اهتمامهم على إيران. ورحبوا بتسليح جيد للحلفاء العرب من أجل مواجهة اسرائيل، مما يعني دفعا من تحالف إسرائيل- الخليج ضد بايدن.

وكل شيء يعتمد في النهاية على مستوى إخراج إيران من الحافة التي دفعتها استراتيجية ترامب “أقصى ضغط” ضدها. ويأمل بايدن الذي عين روبرت مالي مبعوثا لإيران بإحياء اتفاقية 2015، ولكنه يريد من طهران أولا العودة والإلتزام ببنود الإتفاقية. وتريد إيران رفع العقوبات أولا، وفي داخل البلد وكذا في إسرائيل ودول الخليج هناك معارضة لأي تقارب أو شروط. وكما قال بلينكن فالطريق “طويل وبطيء”.

ويريد الفلسطينيون بداية جديدة مع الولايات المتحدة بما فيها حل الدولتين، ويعتمد هذا على التقدم مع إيران. ويقول بايدن إنه يريد إحياء العملية السلمية، ولتحقيق هذا فهو بحاجة إلى شريك إسرائيلي مستعد، في وقت تريد فيه إسرائيل وقف التأثير الإيراني في سوريا ولبنان وغزة. وربما كان استئناف العلاقات مع الفلسطينيين ودعمهم من جديد توبيخا لنتنياهو، ولكن الخطوات هذه تظل رمزية، فبايدن بحاجة لخطة، وليست لديه واحدة الآن.

ويمكن الحديث عن القرارات الرئاسية التي اتخذها بايدن بنفس الطريقة، وبخاصة المناخ، فما قال هو من أجل حماية الوظائف في أمريكا وما قاله مبعوثه للمناخ جون كيري مواجهة “الأزمة الوجودية”.

وهناك حديث مفرط حول إعادة القيادة الأمريكية لموضوع المناخ ومن خلال قمة “يوم الأرض” في نيسان/ أبريل وليس التركيز العملي على التعاون الدولي. ونحن لا نزال في الأيام الأولى والأجوبة لكل الأسئلة هي أمر معروف في السياسة الخارجية وهل سينجز بايدن؟ ولأنه يواجه مشاكل مستعصية وأزمة كوفيد-19 فربما لجأ إلى العادات القديمة في الكونغرس: تسويات وتأجيل. فالقرارات التنفيذية الكثيرة ليست بديلا عن استراتيجيات فعالة. لكن بايدن بدأ وغير النبرة فهل سيغير الجوهر؟