قالت كاتبة إسرائيلية إن "الساسة الإسرائيليين يودعون دونالد ترامب وهم يتذكرون له إنجازات كثيرة لصالح الدولة، لأن أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط نظرت إليه على أنه أضعف إيران، وقضى على العنف في المنطقة، وقتل قاسم سليماني، وأنجز سلسلة من اتفاقيات التطبيع، ووضع علامة على إسرائيل باعتبارها محطة يجب على كل زعيم عربي عبورها إذا أراد وصول واشنطن".
وأضافت شمريت مائير في مقالها بصحيفة يديعوت أحرونوت، أن "الإيرانيين في المقابل رحبوا بوصول جو بايدن، على أمل أن يعودوا لتخصيب اليورانيوم بنسبة 20٪، وإنتاج رواية مفادها أن الخروج من الاتفاق النووي كان خطأً تاريخيًا جعل إيران أقرب إلى القنبلة، لذلك يجب إعادة العجلة للوراء، وبالتالي فقد حولت أربع سنوات من العناق الدافئ من البيت الأبيض هذه النعمة إلى نقمة".
وأكدت أن "الأمر لا يقتصر على إسرائيل فقط، بل إنه يشمل عددا من الدول العربية الحليفة، مثل السعودية والإمارات، وهي الدول التي امتلكت فيها عائلة جيراد كوشنير ما يكفي من الأصدقاء الفاسدين، وبات غني عن القول أن بعض الأنظمة العربية ستتلقى معاملة أكثر برودا من واشنطن مما اعتادت عليه في السنوات الأخيرة، بسبب ملاحقتها للمعارضين السياسيين، والحرب في اليمن".
وزعمت أن "العلاقات الإسرائيلية الجديدة مع الدول العربية لم تنضج حقًا بعد، ومن المتوقع بالفعل أن تصمد أمام الاختبار، لأن إسرائيل لها أولوياتها الخاصة في الملف الإيراني، وتشمل أولاً وقبل كل شيء الملف النووي، وباتت تلك الدول العربية أكثر توتراً بسبب التهديدات المباشرة من القدرة الصاروخية الإيرانية، مما قد يحفز تشكيل تحالف عربي إسرائيلي يحدد سوية الخطوط الحمراء للإدارة الأمريكية الجديدة".
وأشارت أنه "رغم حماسنا للسلام والتطبيع، فلا مصلحة لإسرائيل بتقديم خدمات مجانية للأنظمة العربية، لأن لديها ما يكفي من الوسائل للاعتناء بنفسها، ومن الصعب التفكير بفائدة لإسرائيل للتعرف على صورة العلاقة مع هذه الأنظمة المثيرة للجدل، لكن في حال تطوعت إسرائيل على أي حال للوقوف بجانب هذه الدول أمام الإدارة الأمريكية الجديدة، فعلينا على الأقل أن نطالبها بالانحياز بشأن القضية الإيرانية في المقابل".
وأكدت أن "الدول العربية تريد الدخول في صورة مع بايدن من جانبهم الجيد، فقد استأنف المصريون العلاقات الدبلوماسية مع قطر؛ والسعوديون يبحثون في إمكانية الاستفادة من الملف السوري، والأردنيون الأفضل حالًا من البقية يحاولون دفع المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية لأمام؛ أما بالنسبة للفلسطينيين أنفسهم، فبجانب تعبيرات الفرح، لكن أبو مازن مصمم على العودة للساحة، ولذلك دعا لإجراء الانتخابات".
إيتمار آيخنر الكاتب السياسي الإسرائيلي ذكر أن "شهر العسل الذي استمر أربع سنوات بين إسرائيل نتنياهو وأمريكا ترامب انتهى رسميًا، فالرئيس الجديد وطاقمه مصممون على العودة للاتفاق النووي ومنع اتخاذ إجراءات أحادية الجانب ضد الفلسطينيين، مما سيجعل أحد مداخل جسر خلافاتهما متوقفة على هوية المبعوث الأمريكي للقضية الإيرانية، ومن سيكون السفير الأمريكي في تل أبيب".
وأضاف آيخنر في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت، إنه "لا أحد في تل أبيب يشك في أن علاقة دونالد ترامب بإسرائيل انتهت بتنصيب جو بايدن، وعلى الإسرائيليين أن يعتادوا على حقيقة وجود رئيس جديد في واشنطن لا يتفق معهم في القضيتين الفلسطينية والإيرانية، مما يعني نشوب خلافات كثيرة مع الإدارة الجديدة، رغم أملهم أنه بعكس حقبة باراك أوباما، سيتم حل هذه الخلافات في الغرف المغلقة".
وأوضح أنه "لم يتضح بعد إلى أي مدى ستسعى إدارة بايدن لمحو إرث ترامب في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، رغم أنه من الأخبار السارة تصريحه بإبقاء السفارة الأمريكية في القدس، وتواصل الاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل، لكن لا ينبغي للإسرائيليين أن يخدعوا أنفسهم، فلن يمرر بايدن إخطارات البناء في المستوطنات في صمت، ومثل هذه التصريحات ستعيد إدانات واشنطن التي اختفت خلال إدارة ترامب".
وأكد أنه "من المتوقع أن يدعم بايدن قضية التطبيع مع الدول العربية والإسلامية، دون أن يكون مستعدًا لدفع الدول العربية لحيازة السلاح الأمريكي، ورفع العقوبات عنها، كما كان شائعاً جدًا في عهد ترامب، مقابل التطبيع مع إسرائيل، وتشير التقديرات أن مصطلح "الاتفاقيات الإبراهيمية" سيُمحى بسرعة كبيرة في عهد بايدن".
وختم بالقول إن "عدم تعيين سفير أمريكي حتى اللحظة في تل أبيب يشير بعدم وجود ضرورة ملحة بالقضية الإسرائيلية الفلسطينية، وهو ما يتطابق مع التقييم السياسي في تل أبيب، الذي وضع يده على ما يعانيه الأمريكيون من مشاكل كثيرة في الداخل: كورونا، الاقتصاد، إلخ، ولن يكونوا في عجلة من أمرهم للعبث مع الفلسطينيين والإسرائيليين بصورة مبكرة".