أثار القرار الأميركي حول تصنيف المتمردين الحوثيين في اليمن جماعة "إرهابية"، مخاوف لدى الأمم المتحدة من تفاقم الأزمة الإنسانية في البلد الفقير.
ويشهد اليمن نزاعا داميا منذ دخول المتمردين الحوثيين إلى العاصمة صنعاء في 21 أيلول/سبتمبر 2014. وتصاعد النزاع في آذار/مارس 2015 مع تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية دعما لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وأسفر عن سقوط عشرات آلاف القتلى.
وستدخل العقوبات الأميركية حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير، أي قبل يوم من تولي الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن منصبه، إلا إذا عرقل الكونغرس الأميركي ذلك.
دان الحوثيون هذه الخطوة، ولكنهم أشاروا الى أن التصنيف "لا يهم" الشعب اليمني.
وحذرت منظمات إغاثية من أنّ هذا القرار قد يشلّ عمليات إيصال المساعدات الإنسانية.
فقد تعيق الخطوة الأميركية، وفقاً لمنظمات، التواصل مع المسؤولين الحوثيين واستخدام المنظومة المصرفية ودفع الأموال للعاملين في المجال الصحي وشراء الأغذية والوقود وحتى القدرة على الوصول إلى شبكة الإنترنت.
ويسيطر الحوثيون على صنعاء وأجزاء واسعة من البلاد.
ويرى ماجد المذحجي من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية أنه رغم إعلان الإدارة الأميركية عن استثناءات في العقوبات، "ستكون هناك تداعيات على عمليات المساعدات والإغاثة"، موضحا أن القرار "سيعقد عملية التحويلات المالية لليمن وهي عمود إعاشة الناس هناك".
وبحسب الباحثة في شؤون اليمن في جامعة أوكسفورد إليزابيث كيندال، فإن القرار "سيؤثر حتما على تدفق المساعدات"، محذرة من أنه في حال تصنيف المتمردين الحوثيين قبل وضع الإجراءات الاستثنائية، سيكون التأثير "كارثيا، لأن خطر المجاعة والحاجة إلى المساعدة أكثر حدة في المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين".
ويقول الباحث في مجموعة الأزمات الدولية بيتر سالزبوري لفرانس برس إن القرار "على الأرجح سيضر بشدة" بالمساعدات والتجارة.
وبحسب سالزبوري، ستكون الأزمة "غير مسبوقة في حجمها" نظرا لعدد السكان والمنطقة التي ستتأثر بالقرار.
رحبت السعودية التي تقود تحالفا في البلد الفقير منذ عام 2015 دعما للحكومة المعترف بها دوليا، والحكومة اليمنية أيضا بالخطوة الأميركية.
وبحسب المذحجي، فإن "القرار مفيد للسعودية ويمكن استخدامه سياسيا للضغط على الحوثيين وإضعافهم".
ولكنه حذر من تأثير هذا القرار على عملية السلام، مشيرا الى أنه سيحد من قدرات مبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث "على تطوير استجابة من جانب الحوثيين. سيصبح الحوثيون الآن أكثر راديكالية".
بينما تقول إليزابيث كيندال "ظاهريا، قد يبدو الأمر وكأنه انتصار للتحالف بقيادة السعودية والحكومة المعترف بها دوليا وخسارة للحوثيين وإيران. ولكن من جوانب أخرى، قد يصب الأمر في مصلحة إيران" التي تدعم المتمردين الحوثيين.
وبحسب كيندال، فإن التصنيف قد يؤدي إلى "إطالة أمد الحرب بالإضافة إلى دفع المتمردين أقرب إلى إيران".
يتفق المحللون على أن الشعب اليمني سيعاني من تداعيات هذا التصنيف خصوصا في المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين. ويحتاج أكثر من ثلثي السكان إلى مساعدة في اليمن، بحسب الأمم المتحدة.
ولكن يرى المذحجي أن المتمردين الحوثيين "سيكونون من أكبر الخاسرين"، مشيرا الى أن القرار "يعزلهم سياسيا ويضعفهم أمام العالم ويجعلهم جماعة مارقة لا يستطيع أحد أن يطور علاقات معها".
ولكنه حذر من أن التصنيف "سيشرك اليمنيين في كلفة يجب أن يدفعها الحوثيون منفردين. التصنيف كجماعة إرهابية قد تكون له آثار واسعة النطاق تؤثر على بلد أساسا منهك"، محذرا من "تأثير فادح" على الاقتصاد.
ويرى بيتر سالزبوري أن "التكلفة الأكبر ستفرض على الأرجح على الشعب اليمني".
وتوافق كيندال على أن "الخاسر الأكبر دوما سيكون الشعب اليمني".