سجل البروفيسور الفلسطيني معتز صبري براءتي اختراع، في الذكاء الصناعي بالعاصمة اليابانية طوكيو.
وقال صبري: إن فلسطين فيها عقول قادرة على صناعة الفارق اذا توفرت لها الظروف والبيئة المطلوبة، مشيداً بالمبرمجين الفلسطينيين الذين أثبتوا حضورهم، وفرضوا بصماتهم في مسيرة التقدم والمعلوماتية التي تجتاح العالم.
واضاف البروفيسور معتز صبري في حديث خاص لـ"القدس" وراديو " النورس انه تم إعلان حالة الطوارئ في طوكيو منذ أسبوع للمرة الثانية بسبب ازدياد أعداد الإصابات والوفيات بكورونا، وهذا أجبرنا على العمل من منازلنا لفترة طويلة، ولكنها كانت فرصة من أجل استعادة الأشياء وتطوير ما كان يخطط الإنسان منذ سنوات، موضحاً أن براءة الاختراع كانت حصيلة عمل لمدة سنة ونصف، وتم نشر ورقتين علميتين تبعهما منشوران علميان في شهر كانون الأول الماضي في مجلة بألمانيا، وهذا إنجاز فلسطيني "فأنا المهندس الأساسي والباحث في هذا المشروع، وأنا من سلم هذا المشروع للاتصالات اليابانية".
وتابع صبري قائلاً: "هذه المشاريع أساساً بذرة قدمتها شركات يابانية لتطوير أسلوب العمل لديها، والفكرة الأولى كانت لتطوير مشروع الفولاذ والصلب، وهي شركة يابانية تحتل المركز رقم 3 في العالم في مجال إنتاج الصلب، وقد أرادوا تطوير إنتاجهم عن طريق الذكاء الصناعي".
وأوضح أن الذكاء الصناعي من الممكن أن يتفوق على البشر في حالة واحدة وهي السرعة، ولكن الأداء دائماً مرتبط بالعنصر البشري، حيث إن الدور الذي كنا نقوم به في البراءة التي سجلناها هو مراقبة أفران الصهر للصلب الياباني، وكنا نلاحظ وجود شوائب في عملية الصهر، وهذه الشوائب يجب أن تضخ مواد لنقلل من مفعولها في عملية الصهر، وعادةً عملية الضخ تكلف الكثير من الوقت من ناحية حسابها، والذكاء الصناعي يمكن أن يقوم بهذه العملية بأقل من ثوان، وهذا الشيء الذي تفاجأنا به في براءة الاختراع الأولى.
وقال: لقد تفاجأت للوهلة الأولى من الاهتمام الكبير في اليابان بهذا الاختراع، وفي اليوم التالي الذي قمت فيه بنشر الورقة العلمية لبراءة الاختراع كان هناك 13 مقالاً في الصحف والإعلام الياباني تتحدث عن هذه الإنجاز.
وأشار إلى أن براءة الاختراع الثانية كانت أكبر، ونالت الانتباه في السوق المحلي الياباني وفي العديد من المقالات العلمية، والفكرة لهذا المشروع ارتكزت على 5G للاتصالات اليابانية، حيث أرادوا استخدام شيء لاختبار قدراتهم واستعراض عضلاتهم كما تعمل الشركات الكبيرة، بحيث يتم دمج الذكاء الاصطناعي مع الاتصالات، وهنا كان يوجد نوع من التحدي بأن المهمة التي تسلمتها في هذا المشروع تهدف إلى الحفاظ على خصوصية الناس، وفي الوقت نفسه نحن نتحدث عن معالجة فيديوهات بشكل لا ينتهك خصوصية أحد من المستخدمين أو الأشخاص الظاهرين في الفيديو، وهنا كان التحدي بأن تتشفر البيانات، وأن نحافظ على سرعة الأداء. وتابع: وبشكل عام، فإن هذا المشروع نظام كمال يهدف لتتبع الناس في الأماكن العامة بسرعة فائقة وأداء عال، وبشرط عدم حفظ أي صورة من صور الأشخاص، ولا أي تفصيل من تفاصيلهم، وكنا نتسأءل كيف نتتبع الناس من دون رؤيتهم؟ وهنا يأتي دور الذكاء الصناعي، ونحاول أن نخفي معظم الخصائص التي نوصفها بالنظر للأشخاص ونشفرها بطريقة الخصائص المقحمة، ويأتي دورها عندما نريد أن نتتبع أشخاص. مثلا فلان مشى في مسار محدد، ونعرف أن الشخص سار في خطوات معينة، وعن طريق هذه الخاصية، ومن دون حفظ أي صورة من صوره".
وأضاف: "على سبيل المثال في المطارات إذا كان هناك شخص ما أو حقيبة أو أي شيء مشبوه، فنحن نستطيع أن نضغط على الصورة ونتتبع أين ذهب بالتفصيل وبسهولة، وأيضاً المتاجر الذكية لا نقوم بعملية الدفع التقليدي بالكاش، بل عن طريق id حيث تذهب الى السوبرماركت وتمسك كل الأشياء التي تريدها وتخرج تلقائياً من دون حساب، وهنا يأتي دور البرمجية لتعرف ما الأغراض التي اشتريتها، ويتم الحساب تلقائياً بالارتباط مع id الخاصة، وهو مرتبط بخصائص الإنسان من خلال طريقة المشي أو تسريحة الشعر أو اللبس، والكاميرا التي تسجل هذه الأشياء تبعث لنا البيانات هذه، ونحن نستخلص منها المفيد، ونتخلص من الأشياء الخصوصية، مضيفاً أن "هذا النظام معتمد على مستوى دول، لكن ليس بهذه الخصوصية".
وفيما يتعلق بمشروع الطاقة المتجددة، قال البروفيسور معتز صبري إن "هذا مشروع لافت، وأنا أثناء عملي في اليابان حاولت عمل كورسات تدريبية ضمن إطار الشركة الخاصة لتدريب الكفاءات الفلسطينية في مجال الذكاء الصناعي، وكان الدور فعالاً في هذا الاتجاه، وفي الوقت نفسه أدرت مشاريع خاصة ضمن هذه الشركة، منها عدة مشاريع مسح جوي للمدن، بحيث نعرف أين نضع الخلايا الشمسية، وأين نحلل اتجاه الشمس والاشعاع الشمسي لكل مدينة أو كل منزل، ونصدر إحصائية، كل منزل كم تبلغ قدرته الإنتاجية للكهرباء في السنة مثلاً، وكم تستطيع تحقيق أرياح من الاستهلاك اليومي والسنوي، وهذه الفكرة ليست بالجديدة، ومنطقة الشرق الأوسط لا يوجد فيها ذلك القدر من تحليل البيانات.
وتابع: واستطعت تصميم برمجية تحلل الصور الجوية من ساتلايت، ونستخلص منها أين توجد أماكن نضع فيها خلايا شمسية، ونحسب القدرة الإنتاجية لهذه الخلايا، والهدف الاساسي منها توجيه الناس لهذا النوع من الطاقة، لأنها توفر الكثير على المدى الطويل، وعلى المدى القصير قد لا نشعر بالإنتاج، ولكن من الضروري أن نكون على وعي بهذا النوع من الطاقة".
وقال صبري: "في مجال الذكاء الصناعي أنت لست بحاجة الى أي نوع من الأدوات فوق العادة من أجل أن تكون نفسك. توجد كورسات على الإنترنت، وأنا أقدم أحد هذه الكورسات، ونستطيع تكوين أنفسنا بهذا الاتجاه، وهذه المرحلة الثانية ما بعد البرمجة".
وأشار إلى أن "الشريحة البرمجية في فلسطين متقدمة جداً وسريعة بالنمو، والاتجاه للذكاء الصناعي لا يزال ضعيفاً، لسنا بحاجة الى دعم خارجي لتطوير أنفسنا بهذا الاتجاه، العملية سهلة وهي فقط بحاجة إلى مثابرة وإصرار، وتوجد خاصية جميلة في فلسطين تتمثل بالتنوع الجغرافي، وأريحا من أجمل الأمثلة على ذلك، والمساحات الواسعة لو تستغل من الممكن أن توفر طاقة لكل محافظات الوطن بشكل مستقل".