أكّد الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى، اليوم الثلاثاء، على أنّ ممارسات سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" التعسفية في القدس، ومخططاته التهويدية للمدينة وطمس معالمها، أدت إلى تغيير مشهد القدس، وتدهورها في كافة المجالات.
وقال عيسى في بيانٍ صحفي: " يعد الفقر من الأسباب الرئيسية لتردي الأوضاع الاقتصادية في المدينة المقدسة والذي يأتي لنتيجة من العوامل، أهمها جدار الفصل والعزل للقدس عن الضفّة الغربيّة، ووجود سوق عمالة معزول وهزيل، وإهمال جهاز التعليم وعوائق أمام التحصيل العلميّ والتأهيل المهنيّ، وصعوبة انخراط النساء في سوق العمل، وسحب الإقامة الدائمة ومنح مكانة مؤقّتة".
وأوضح أنّ اقتصاد القدس الشرقية كان يُشكل 15% من الاقتصاد الفلسطيني قبل التوقيع على اتفاقيات أوسلو عام1993، وهذه النسبة تقلصت لتبلغ وفقاً للتقديرات إلى حوالي 7% فقط في السنوات الأخيرة، ومجمل الناتج المحلي للقدس الشرقية بلغ في عام 2010 حوالى600 مليون دولار قد زاد بشكل طفيف، إلا أنّ حجمه النسبي قد انخفض، نظراً لتراجع النمو في القدس الشرقية عن مواكبة النمو في بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأنّ معدل فقر الأسر الفلسطينية ارتفع من 68% عام 2009 إلى 77%، وفي المقابل بلغت نسبة الأسر في القدس الشرقية والتي تصنف كأسر فقيرة 25%"، وهذا يدل على أنّ75% من سكان القدس الشرقية المحتلة يعيشون تحت خط الفقر.
وحذّر من تردي الأوضاع الاقتصادية في مدينة القدس ودخولها بمختلف قطاعاتها السياحية والصناعية والتجارية والخدماتية في أزمات متواصلة، جراء سياسات سلطات الاحتلال "الإسرائيلية" المتمثلة بالحصار والإغلاق المفروضين عليها منذ عشرات السنوات، ما أدى لركود تجاري واقتصادي للمدينة وإفلاس العديد من المنشآت، وإغلاق مئات المحال التجارية، وهجرة الكثير من المؤسسات والمنشآت الاقتصادية والتجارية إلى خارج حدودها وتحديداً إلى مدينتي رام الله وبيت لحم والضواحي.
وأشار إلى أنّ جدار الفصل العنصري، يُعد من أهم العوامل التي تؤثر سلباً على اقتصاد المدينة المقدسة، مُبيناً أنّ المتتبع لمراحل بناء هذا الجدار والذي يتم بخطوات مدروسة جيداً من الجانب "الإسرائيلي"، يوضح الأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية لدى "إسرائيل".
وأضاف: "عزوف القطاع الخاص عن الاستثمار في القدس، هو من أهم العوامل التي أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية في المدينة، حيث أجبر عدد كبير من المستثمرين وأصحاب المصانع والفنادق والورش والمحلات التجارية والتي تُشكل عصب الاقتصاد في المدينة من البحث عن أماكن آمنة، لاستثماراتهم خارج القدس أو على أطرافها هرباً من سياسات التضييق والاستهداف من خلال الممارسات الممنهجة والضرائب الباهظة التي فرضتها عليهم سلطات الاحتلال".
وأردف: "تناغمت سياسة إسرائيل الاقتصادية في القدس مع سياستها في مجالات القانون والاستيطان وبناء الجدار، حيث عملت ومنذ بداية احتلالها للمدينة على تفريغ المدينة من الاقتصاد الفلسطيني، وفك ارتباطها اقتصادياً مع الضفة الغربية، وربطها بالاقتصاد الإسرائيلي، بهدف إجبار الفلسطينيين على الرحيل الطوعي من المدينة وفق سياسة "الجذب المعاكس"، بمنع إدخال المنتجات الزراعية والصناعية من وإلى القدس، واعتماد الشيكل الإسرائيلي كعملة تداول في الضفة الغربية وقطاع غزة بدلاً من الدينار الأردني، وإغلاق البنوك الأردنية، وفرض الضرائب الباهظة على البضائع العربية التي تحتاجها القدس، وحاصرت القطاع السياحي ومنعت القطاع التجاري من العمل مع محيطه".
واستكمل" نتيجة لتلك السياسة ضربت البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المدينة، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع مكانتها الاقتصادية بشكل متواصل، وأدخلت مرافقها الاقتصادية في أزمات متواصلة".
وطالب عيسى الجهات الرسمية الفلسطينية بوضع خطة اقتصادية شاملة لمدينة القدس، ورصد استثمارات من قبل القطاعين العام والخاص الفلسطينيين، ودعم من الجهات المانحة، ودعم التلاحم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للفلسطينيين المقدسيين، والعمل على دعم جوهر اقتصادهم الذي يتمثل في المدينة القديمة، وذلك للتصدى للتحديات الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية في القدس المحتلة".
وختم بيانه بالقول: "على المجتمع الدولي إلزام إسرائيل بتحمل مسؤولياتها تجاه مدينة القدس كونها مدينة محتلة، ويتوقف على عاتقه حماية حقوق الإنسان في المدينة من ممارسات كيان الاحتلال غير الإنسانية ".