م يكن أبدا الاعتقاد أن تفرض السيدة سهى زوجة المؤسس الشهيد الخالد ياسر عرفات، ذاتها بتصريحات خارج عن المنطق الوطني قبل القانوني – السياسي، في خضم معركة الشعب الفلسطيني الكبرى نحو الخلاص من الاحتلال الفاشي.
وللمرة الثانية خلال 3 أشهر، تقتحم سهى الحلبة الإعلامية عبر البوابة العبرية لتنطق كفرا سياسيا خالصا، بحق مؤسس الكيانية الفلسطينية زعيم الثورة وقائد حركة فتح، في ذكرى الانطلاقة، توقيت يثير علامات استفهام متعددة الرؤوس، ولنترك ذلك لمن يبحث عن الدوافع التي حكمت مسارها الإعلامي، لتفتح النار أولا على الرسمية الفلسطينية، ومكتب الرئيس محمود عباس، نهاية أغسطس 2020، عبر الباب الإسرائيلي، ثم تعود ومن ذات البوابة لتفتح ما تسميه "خزائنها".
سهى زوجة الخالد، تبرعت بشكل "مريب وطنيا" لتبرئة دولة الاحتلال من دم الشهيد المؤسس، كونها لا تملك "دليلا" ماديا على ذلك، ومن باب أنها "منصفة" فلا يمكنها فعل ذلك الاتهام لدولة أعلنت بكل مؤسساتها أنها تعمل على إزاحة الخالد من المشهد السياسي، وليست وحدها بل مشاركة مع أمريكا (خطة بوش الإبن يونيو 2002).
لا يمكن لعاقل أي كان خصومته مع الرئيس عباس، أو السلطة الرسمية الفلسطينية، ان يذهب بتقديم "براءة ذمة" لعدو قرر تصفية المؤسس الشهيد أبو عمار، ولأن السيدة سهى تتصرف وكأنها "من بلاد الواق الواق"، فليس لنا سوى تذكيرها بأنها لم تكن جزء من التطورات التي شهدتها تلك الحقبة ما قبل الاغتيال حتى تمكنهم منه.
في قمة كمب ديفيد سبتمبر 2000، كانت مفاوضات الحل الدائم (الحل النهائي مصطلح لا يرغبه اليهود كونه مقترن بأحداث النازية)، وكانت المعركة الكبرى حول هوية البراق (ساحة وجدار)، ولم يعد سرا أن الشهيد الخالد رفض كليا الاعتراف بأي أثر يهودي في تلك المنطقة، وعرض بديلا لما يدعون إقامة هيكلهم في جبل السامريين في نابلس...معركة كانت هي الفصل في مسار التفاوض.
وخلال ساعات وصل أول "تهديد رسمي" من الوفد الإسرائيلي، وكنت من تسلم ذلك، من وزيرين، أحدهما رحل هو أمنون شاحاك، والآخر لازال حيا، شلومو بن عامي، الرسالة تلخصت في التالي: "ليعرف الرئيس (أبو عمار) أن من ينكر تاريخنا وثقافتنا في القدس لا مكان له بيننا..."، نص ليس تفاوضي بل رسالة اغتيال ناطقة بلا أي التباس...
والثانية، هي أن يهود براك رئيس الحكومة الإسرائيلية أعلن في مؤتمر صحفي في كمب ديفيد، بعد مغادرة الخالد والوفد الفلسطيني، وتلك تصريحات يمكن لمبتدأ في الإعلام أن يحصل عليها، أن "عرفات لم يعد شريكا في عملية السلام".
رسالة وتصريح، استبقا العملية العسكرية الإسرائيلية ضد السلطة الوطنية والرئيس الشهيد، بدأت بزيارة في 28 سبتمبر 2000، عندما اتفق براك مع شارون قيام الأخير بمحاولة اقتحام "الأقصى" فكانت ملحمة وطنية استشهد خلالها عشرات الفلسطينيين، لتبدأ المواجهة الكبرى، بقيام قوات جيش الاحتلال بعمليات قصف وقتل بلا حساب، ولم يخسر جيش العدو القومي جنديا، وأول قتلى إسرائيليين حدثت بعد أسبوعين من اقتحام الأقصى، في رام الله، عندما دخل إسرائيليان المدينة وسط المعارك، فاعتقد الشباب المقاوم أنهما قوات خاصة لجيش العدو، وتم قتلهما.
تفاصيل كثيرة قبل أن يتم حصار الخالد، غابت عن ذاكرة السيدة سهى، التي أطلقت حكما غريبا بأنها كانت ضد" الانتفاضة"، وتجاهلت بشكل مريب حقيقة مسار العدوانية الإسرائيلية، ومسار الأحداث، التي قال عنها رئيس الشاباك في حينه وقبل استقالته، عامي آيلون، أن براك وشارون بدأ بالتحضير للخلاص من السلطة وياسر عرفات في شهر فبراير (شباط) 2000.
السيدة سهى، ما نطقت به في ظرف طبيعي يقودك الى القضاء، ولأن الأمر معقد، فأنت أمام القضاء الوطني العام، متهمة بتبرأة قاتل الخالد الشهيد مؤسس الكيانية الفلسطينية، تبرئة عدو صريح في اعلان الاغتيال، كما تشويه صورة حقيقة مسار المواجهة الكبرى من 2000 الى 2004، وكأن العدو كان "حملا وديعا" قام بالدفاع وليس جيش احتلال فرض غزوا وقتلا قبل أي رصاصة قاومت...
دون الكثير من التفاصيل...وكي لا يصبح الأمر خارج "التساؤل الوطني" ليصبح "شبهة وطنية" فصمتك خيرا...فالصمت موهبة أبلغ كثيرا من "ثرثرة من ضواحي باريس أو غيرها"!
بالمناسبة ياسر عرفات قائدا لشعب وليس زوجا لك، وما لك به ليس سوى "وراثة أملاك خاصة وفقا للقانون" دون ذلك ليس لك به شيئا.