أن تكون الناجي الوحيد تروي تفاصيل الراحلين ليس بالأمر السهل ،جراحات ينكؤها الزمان مع كل لحظة يتذكر فيها المرء خلانه الذين قضى معهم أجمل الأوقات ، لحظات عصيبة مرت على مساعد أول عبد ربه الغفري في العام 8002 حيث تعرضت وحدة الخيالة للاستهداف الغاشم.
يقول الغفري: “ كنت الناجي من وحدة الخيالة بعد أن فرقتنا آلة الحرب الإسرائيلية في السابع والعشرين من شهر ديسمبر لعام 2008 ، كانت الوحدة مكونة من 20 عنصر بدأنا يومنا بممارسة عملنا وأداء التدريبات الاعتيادية وكان الطيران الحربي يومها كثيفاً لكننا مارسنا عملنا مع أخذ الحيطة والحذر ولكن قدر الله كان هو النافذ” .
وتابع الغفري عند الساعة الحادية عشرة وعشرون دقيقة شاهد أحد عناصر وحدة الخيالة شيئا يسقط من السماء ففوجئنا بصاروخ من طائرة الاستطلاع، سقط على إثره عدداً من الشهداء واستطعت أن أبتعد عن المكان قليلا حتى عاودت الطائرات الاستهداف وسقط عدداً آخر من الشهداء .
ويصف الغفري المشهد بعد الاستهداف “ عدت بعد انتهاء الغارة لتفقد المصابين فوجدتهم مقطعين أشلاء والدماء متناثرة في كل مكان وحاولت إسعاف اثنين منهم لكن اصابتهم كانت بالغة ،كان المشهد مهولاً مخيفاً لا يمحى من الذاكرة رغم مرور أكثر من عشر سنوات لكن المشهد محفوراً في الوجدان لقساوة ما رأيت “.
في اليوم الثاني للهجمة ورغم ضراوة الحرب إلا أنني ذهبت للمكان الذي تم استهدافه لتفقد الخيل وقدمت لهم الطعام والشراب وبعد أيام قمت بنقلها الى مكان آخر لخطورة المكان .
أراد العدو باستهداف العنصر البشري استهداف الإرادة والعزيمة لكن رغم ما ألمًّ بنا إلا أننا لازلنا على رأس عملنا بعد حروب ثلاث طاحنة استهدفت خلالها آلة الحرب الصهيونية البشر والشجر والحجر وكل مقومات الحياة في قطاع غزة .
وفي الذكرى الثانية عشر لرحيل الشهداء العظماء لازالت الغصة في قلوبنا على أشخاص عايشناهم ورأينا لحظاتهم الأخيرة قبل الموت ، لكن مازلنا على عهدهم باقون فهم شامات عز محفورة في ذاكرتنا وذاكرة الوطن فلهم منا كل الإخلاص .