إدارة بايدن وتحالفات جديدة تؤثر على تحسين علاقات إسرائيل وتركيا

الأحد 27 ديسمبر 2020 03:45 م / بتوقيت القدس +2GMT
إدارة بايدن وتحالفات جديدة تؤثر على تحسين علاقات إسرائيل وتركيا



القدس المحتلة /سما/

رغم عدم صدور تعقيب إسرائيلي رسمي على تصريح الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أول من أمس الجمعة، بأنه يأمل في نقل العلاقات بين أنقرة وتل أبيب "إلى مستوى أفضل"، إلا أن وزيرا إسرائيليا اعتبر أن علاقات تركيا مع حركة حماس تضع مصاعب أمام تحسين العلاقات السياسية بين الدولتين، فيما أشار محلل إلى أن تعزيز علاقات إسرائيل مع الإمارات والبحرين، بين أسباب أخرى، تشكل حاجزا أمام تحسين علاقاتها مع تركيا.

ونقلت وكالة الأناضول عن إردوغان قوله في تصريحات صحافية، عقب أدائه صلاة الجمعة في أحد مساجد إسطنبول، إن "علاقاتنا مع إسرائيل على المستوى الاستخباراتي مستمرة ولم تتوقف ونواجه بعض الصعوبات مع الشخصيات في أعلى الهرم"، مضيفا أنه "لا يمكن أن نقبل بسياسة إسرائيل تجاه فلسطين وهذه هي نقطة خلافنا معها والتي تستند لمفهومنا للعدالة ووحدة أراضي الدول". وتابع أنه "ما عدا ذلك، نأمل أن ننقل علاقاتنا معهم إلى مستوى أفضل".

ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" اليوم، الأحد، عن وزير إسرائيلي "رفيع"، لم تذكر اسمه، قوله إن "الحالة التركية مختلفة بشكل أساسي عن الدول العربية الأربع التي وقعت على سلام مع إسرائيل، بسبب دعم تركيا لحماس". وأضاف: "حقيقة أن مقرا لحماس موجود في تركيا هو أمر إشكالي جدا. وهذا يصعّب جدا على المسألة كلها". وقال الوزير الإسرائيلي إنه "طالما لا تتغير توجهات تركيا لحماس، لن تتحسن العلاقات بين الدولتين".

كذلك نقلت الصحيفة عن السفير الإسرائيلي الأسبق في أنقرة، بيني أفيفي، قوله إنه "لم أفاجأ برغبة إردوغان بعلاقات أفضل مع إسرائيل، وإنما بأنه صرح بذلك بصوته، وتوجد لذلك أهمية هائلة. وثمة نقطتان مركزيتان بين مجمل الاعتبارات التي توجه إردوغان. الأولى هي ’العثمانية الجديدة’ والدفاع عن جميع المسلمين، والثانية هي ليس الاستمرار في إقامة العلاقات الأمنية والتدريبات المشتركة مع إسرائيل التي سادت في عهد أسلافه، وإنما الموضوع الاقتصادي الذي اتسع من مليار دولار إلى 5.5 مليار دولار".

وفيما يتعلق بالمجال الاستخباراتي، قال أفيفي "إنني لا أعلم ماذا يجري في الموضوع الاستخباراتي اليوم، لكن بإمكاني الإدراك أن الوضع الذي يتواجد فيه في سورية يؤثر عليه. وهو، مثل إسرائيل، يخاف جدا من الإيرانيين، وفي حالته ثمة أهمية للانتباه أن هذه الشيعة مقابل السنة. وصحيح أنه لم تنشب حربا بين إيران وتركيا طوال 300 عام، لكن توجد منافسة بينهما".

وأضاف أفيفي أنه "لا يوجد لدى إردوغان مقولة في الفم وأخرى في القلب. وإذا تحدث، فإنه يقصد ما يقوله. وعدا ذلك، أعتقد أن الدول العربية التي اتجهت نحو التطبيع مع إسرائيل أثرت عليه، وهكذا أيضا في حالة العقوبات الأميركية".

وكانت تركيا طردت السفير الإسرائيلي في أنقرة، قبل سنتين ونصف السنة، في أعقاب قمع إسرائيل الوحشي لمسيرات العودة عند السياج الأمني المحيط بقطاع غزة.

وقال الباحث الإسرائيلي في الشؤون التركية في "معهد القدس للإستراتيجية والأمن" و"مركز موشيه ديّان" في جامعة تل أبيب، د. حاي إيتان كوهين ينروجيك، إن "ثمة أهمية بالغة بالنسبة لإسرائيل، ليس فقط بإعادة السفير إلى أنقرة، وإنما بإعادة القنصل إلى إسطنبول، التي رغم أنها ليست العاصمة، لكنها العاصمة التجارية، واقتصاد تركيا اليوم ليس مزدهرا".

وأضاف ينروجيك أنه "إذا أراد إردوغان تعزيز مكانته في السلطة، فإنه بحاجة إلى ازدهار اقتصادي. وفي ميزان الاستيراد والتصدير، تصدر تركيا أكثر إلى دولة إسرائيل. لذلك، فإن عودة القنصل الإسرائيل إلى إسطنبول ستسرع، على الأرجح، العلاقات الاقتصادية أكثر. إلى جانب ذلك، بالنسبة لعالم التجارة سيمنح هذا الأمر ’شهادة حلال’ للعلاقات مع تركيا. وغياب السفير في أنقرة والقنصل في إسطنبول يخلق وضعا يتخوف فيه رجال الأعمال الإسرائيليون والأتراك على حد سواء من تطوير الأعمال بين الجانبين".

حلف إسرائيل مع الخليج ومصر

واعتبر محلل الشؤون الشرق أوسطية في صحيفة "هآرتس"، تسفي برئيل، أن "إردوغان، مثل إسرائيل، بدأ يشعر بالضغوط الأميركية التي قد تمارس عليه لدى دخول الرئيس المنتخب، جو بايدن، إلى البيت الأبيض. وثمة ما يمكن أن يتخوف منه كلا الجانبين". وأشار برئيل إلى أن بايدن وعد ناخبيه بأنه "سأعرف كيف أتعامل مع إردوغان".

ولفت برئيل إلى أن السعودية فرضت "مقاطعة غير رسمية" على تركيا أدت إلى تراجع حجم التجارة بينهما بحوالي 16% منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي. ووصفت الإمارات تركيا بأنها "التهديد الأخطر في المنطقة، وأكثر من إيران". ولا يوجد حوار بين تركيا ومصر منذ صعود عبد الفتاح السيسي إلى الحكم.

وأضاف برئيل أن روسيا لا تعتبر تركيا حليفة إستراتيجية، كما أن الحرب في ناغورني قره باغ منعت تعزيز العلاقات بينهما، بسبب وقوف تركيا إلى جانب أذربيجان ضد أرمينيا. وقطعت تركيا علاقاتها مع النظام السوري في السنة الأولى من الثورة هناك، "وواشنطن ترى بها مصدر تهديد وأنها ألحقت ضررا بالناتو بسبب شراء منظومة الصواريخ المضادة للطائرات من روسيا، إضافة إلى سيطرتها على مناطق في سورية واستهداف الأقلية الكردية، والاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات عليها بسبب التنقييب عن الغاز والنفط الذي تنفذه في شرقي البحر المنوسط، وفي مناطق تدعي اليونان وقبرص سيادتهما عليها".

وتابع برئيل أن "إردوغان لا يستخف بالإغلاق السياسي الذي أخذ يشتد حوله ويحاول شق طرق جديدة ليغير من خلالها صورة بلاده. وهو يجري اتصالا مباشرا مع الملك السعودي سلمان، وليس مع ولي العهد محمد بن سلمان، الذي ينظر إليه كمتهم مباشر باغتيال الصحافي جمال خاشقجي".

وأشار برئيل إلى التغيير الحاصل في الخريطة الجيو سياسية: "لقد وجدت إسرائيل نفسها في وضع يتعين عليها فيه التشاور مع صديقاتها الجدد، وخاصة الإمارات وكذلك مع السعودية ومصر، وأن تنسق معها مواقف بالنسبة للعلاقة مع تركيا. وتفترض هذه الدول أنه لا تربطها بإسرائيل المصلحة الإستراتيجية بلجم إيران فقط، وإنما الإدراك بوجود تفاهم حيال التعامل مع تركيا. ومثل الدول العربية، علاقات إسرائيل مع اليونان وقبرص أيضا، ولاحقا مع الاتحاد الأوروبي، لن تكون بمعزل عن علاقاتها مع تركيا".

وتساءل برئيل: "هل ستتمكن إسرائيل من الاستمرار في عضويتها في منتدى غاز شرقي البحر المتوسط، الذي تشارك في عضويته مصر والأردن وفلسطين واليونان وقبرص، وانضمت الإمارات إليه مؤخرا، في وقت تعزز فيه علاقاتها مع تركيا؟ وهل العلاقات مع الدول العربية لن ترغم إسرائيل على اختيار محور المخلصين لها؟".

وأضاف أن "هذا التردد لم يكن موجودا خلال ولاية ترامب، لكن إسرائيل مطالبة الآن بإعادة النظر في سياسة بايدن تجاه تركيا قبل أن تسارع إلى منح إردوغان شهادة تأهيل".