لفت مقال رأي نشرته وكالة "بلومبرج" للأنباء اليوم الأربعاء، إلى أن واحدة من أكثر قضايا السياسة الخارجية إلحاحا التي تنتظر الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن هي إصلاح الضرر البالغ الذي ألحقه الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بالسياسة الأمريكية تجاه "الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وأوضح كاتب المقال الدكتور حسين إبيش، الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، "أنه على الرغم من الانطباع المتزايد في صالونات واشنطن وكذلك في قصور الشرق الأوسط بأن القضية الفلسطينية أصبحت أمرا صوريا تماما، أظهر هذا الصراع قدرة متجددة على معاودة الاشتعال فجأة".
ويضيف إبيش "أنه منذ نهاية الحرب الباردة، ظل هناك إجماع أمريكي بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري يدعم السلام القائم على التوصل لحل الدولتين عبر التفاوض. إلا أن ترامب والعديد من مساعديه البارزين، وخاصة صهره جاريد كوشنر، أمضوا السنوات الأربع الماضية في محاولة تدمير هذا الإجماع من خلال دعم الضم الإسرائيلي للأراضي المحتلة في الضفة الغربية، والقضاء العملي على احتمالات قيام دولة فلسطينية على أرض الواقع".
ويحتاج بايدن إلى إعادة بناء دعم قوي وبشكل عاجل للسلام القائم على التفاوض باعتباره حجر الزاوية في سياسة الحزبين. ولا يعني هذا فقط تجاهل المقترح الذي قدمه ترامب في كانون ثان/يناير ويدعو إسرائيل إلى ضم مساحات كبيرة من الضفة الغربية، وإنما أيضا التبرؤ صراحة من هذا المقترح.
ويمكن لبايدن "الاستفادة من عملية التطبيع بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين، والتي تضمن في المقابل تعليق إسرائيل لخطط الضم، على الأقل حتى نهاية عام 2024. ويتيح هذا الوقت للسياسة الأمريكية العودة للامتثال للقانون الدولي، والالتزام بالتعهدات السابقة وخاصة إعلان المبادئ الذي تم توقيعه مع الفلسطينيين عام 1993".
ويتطلب تمهيد الساحة للجهود التي تهدف إلى استئناف المفاوضات في النهاية توضيحا فوريا "بأن الولايات المتحدة لن تدعم جهود إسرائيل لاستغلال مقترح ترامب للضم كنقطة انطلاق، كونه يتناقض مع الإطار المتفق إليه عام 1993".
ولفت الكاتب إلى أن "مثل هذه الخطوات يجب أن تتزامن مع تشجيع المزيد من الدول العربية على الانخراط دبلوماسيا مع إسرائيل"، مع "التشديد على عدم الخلط بين الضم والتطبيع".
وشدد على ضرورة أن تبدأ هذه العملية بإلغاء فوري للقرار المشين الصادر عن وزير الخارجية المنتهية ولايته مايك بومبيو "بتصنيف منتجات مستوطنات الضفة الغربية على أنها "صنعت في إسرائيل".."، كون هذا يمثل خيانة كاملة لاتفاقات 1993 التي تؤكد على أن قضايا الحدود والمستوطنات هي قضايا وضع نهائي يتعين التفاوض عليها وعدم تقويضها بأي إجراءات أحادية الجانب مثل الضم.
ويحتاج بايدن إلى التحرك بسرعة لإصلاح الأمور على المستوى العملي أيضا. فعليه أن يعيد المساعدات الأمريكية للسلطة، خاصة إذا قامت السلطة، "كما تقول إنها ستفعل، بمراجعة المخصصات التي تدفعها لعائلات الأسرى، لتهدئة المخاوف من تفسير الأمر على أنه مكافأة للعنف".
وبالنظر إلى أن السلطة أعادت العلاقات إلى سابق عهدها مع إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بالتنسيق الأمني، بطلب من بايدن، فإن عليه أن يعيد العلاقات الدبلوماسية الأمريكية مع الجانب الفلسطيني
ويتعين أن يتم إعادة الترحيب بممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، والتي تمثل في الواقع السفارة الفلسطينية. كما يتعين إخراج القنصلية الأمريكية، التي تمثل في الواقع السفارة الأمريكية بالنسبة للفلسطينيين، من السفارة الرئيسية الموجودة حاليا في القدس الغربية، وإعادة فتحها في القدس الشرقية المحتلة حيث يمكن أن تفي بشكل أكثر بمهمتها في الوصول إلى الفلسطينيين.
وأكد إبيش على ضرورة التركيز على جميع التدابير، كبيرها وصغيرها، "خلال مرحلة استعادة الدور الأمريكي البناء"، "الذي يمكن أن يمهد إلى اتفاق نهائي من شأنه أن 'يضمن للشعبين تقرير المصير ومواطنة من الدرجة الأولى'..."
ويحتاج بايدن إلى توضيح أن الولايات المتحدة ترفض بشكل قاطع الضم أحادي الجانب والنشاط الاستيطاني، خاصة عندما يغير المعادلة الاستراتيجية. كما يتعين أن تتحمل إسرائيل العواقب عن أي إجراءات من شأنها أن تجعل الأزمة أكثر استعصاء على الحل.
ولفت الكاتب إلى أن "العودة إلى الموقف التقليدي البناء الذي يؤكد على التعددية والدبلوماسية والنظام القائم على القواعد يتوافق مع الاتجاه العام للسياسة الخارجية الأمريكية للحزبين، إذا ما كان هدفهما، كما يؤكدان، هو تغيير سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط إلى دور قائم على دبلوماسية قوية من شأنه أن يعيد التوازن".
وختم الكاتب بالتأكيد على أن "للصراع الإسرائيلي الفلسطيني 'عادة خطيرة' بالعودة بصورة مثيرة إلى وسط المشهد العالمي، عندما يبدو وكأنه أصبح فقط على 'هامش التاريخ'.."، وشدد على أن "تجاهل الصراع سيكون خطأ جسيما".