هآرتس: بين وهم “الصفقة الشاملة” وإصرار النووي الإيراني: متى تستيقظ إسرائيل؟

الجمعة 11 ديسمبر 2020 08:12 م / بتوقيت القدس +2GMT
هآرتس: بين وهم “الصفقة الشاملة” وإصرار النووي الإيراني: متى تستيقظ إسرائيل؟



القدس المحتلة / سما /

هآرتس - بقلم: أودي أفنطال وراز تسيمت   "هناك حدثان بارزان أعادا المشروع النووي الإيراني مؤخراً إلى مركز الاهتمام في إسرائيل والعالم: تصفية العالم محسن فخري زادة، الذي اعتبر الشخص المهيمن في مشروع السلاح النووي الإيراني قرب طهران، والمقابلة التي أجراها الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن مع “نيويورك تايمز”، التي كرر فيها نيته الانضمام مرة أخرى للاتفاق النووي مع إيران ورفع العقوبات التي فرضها عليها الرئيس التارك، ترامب.

سارع رئيس الحكومة نتنياهو إلى التحذير من أن العودة إلى الاتفاق النووي المعيب، حسب قوله، سيكون خطأ. ومثلما في خطابه بالكونغرس عام 2015، قال نتنياهو إنه هذا الاتفاق لا يقطع طريق إيران للوصول إلى قنبلة، بل ويسمح لها بتمويل جهاز الإرهاب والاحتلال والتدمير في أرجاء الشرق الأوسط.

هناك خبراء كثيرون ومعاهد أبحاث وشخصيات رفيعة المستوى في إسرائيل والولايات المتحدة يدعون أن أي اتفاق مع إيران، يرتكز على الذرة فقط ولا يعالج التهديدات الأخرى التي تضعها، سيكون غير مستقر ومصيره الفشل.

في لقاء مع أعضاء لجنة الخارجية والأمن مؤخراً، قال وزير الخارجية غابي أشكنازي بأن على إسرائيل إقناع إدارة بايدن بإيجاد علاقة بين القضية النووية وبرنامج الصواريخ الإيراني ودعمها للإرهاب. وقال مبعوث الرئيس ترامب، إليوت أبرامز، إن أحد النواقص الرئيسية للاتفاق النووي كان تركيزه على عنصر واحد فقط هو “سياسة إيران الخطيرة”، وأن تضمين باقي عناصر التهديد في المفاوضات معها سيؤدي إلى “صفقة أفضل”.

رغم هذه التقديرات، وثمة شك بأن السعي إلى “صفقة شاملة مع إيران” تعالج جميع عناصر التحدي متعدد الأبعاد الذي تضعه، سيخدم مصالح إسرائيل العميقة. وعلى المستوى الاستراتيجي، يبدو أن المطالبة بربط مجمل القضايا ستعزز الشعور بأن إسرائيل رفعت في السنوات الأخيرة تركيز جهودها على المجال النووي إلى وقف عمليات إيران في المنطقة، مع التركيز على مشروع زيادة دقة صواريخ حزب الله. هذا ترتيب أولويات خاطئ.

ليس هناك شك بأن تسلح أعداء إسرائيل بالصواريخ، وبالتأكيد بصواريخ دقيقة، يضع أمامها تهديداً استراتيجياً. مع ذلك، إن سعي إيران إلى السلاح النووي هو أكثر خطورة في ترتيبات الأهمية، وعليه أن يواصل وجوده على رأس سلم الأولويات الوطنية لإسرائيل. وإذا أصبحت إيران دولة نووية فسيؤدي هذا إلى تغيير أساسي في قواعد اللعب في المنطقة وإلغاء إنجازات المعركة بين حربين. خلافاً لنجاح إسرائيل في إعاقة تمركز إيران العسكري في المنطقة وجهودها لتسليح حزب الله بوسائل قتالية متقدمة، فإن قدرتها على مواجهة سعي إيران لتكون دولة نووية، تضاءلت بدرجة كبيرة على مدار السنين.

أما على المستوى العملي، فيتوقع أن تعارض إيران بشدة ما هو -حسب رأيها- تنازل عن مصالح قومية ضرورية مثل استمرار تأييدها لحلفائها في المنطقة، وعلى رأسهم حزب الله، وما هو تراجع عن مبادئ الثورة الإسلامية. وإذا كانت إيران مستعدة لمناقشة قضايا إقليمية، فمن المتوقع أن تطرح في المفاوضات طلبات خاصة بها، على سبيل المثال: تقييد نشاطات إسرائيل في سوريا ولبنان، وتقييد وجود الولايات المتحدة في العراق والخليج. هذا الأمر يتوقع أن يعقد المفاوضات معها، التي هي معقدة أصلاً، وسيمكّنها في هذه الأثناء من التقدم أكثر في برنامجها النووي بصورة تمنحها رافعة ضغط في المفاوضات.

إضافة إلى ذلك، حتى إذا أصبح هناك اتفاق رسمي مع إيران حول ضبط سياستها الإقليمية، فإن القدرة على تنفيذ ذلك ستكون محدودة جداً، لأنها تفضل بصورة تقليدية استخدام الأدوات والنشاطات بصورة غير معلنة تماماً بدلاً من نشاطات مباشرة وصريحة. والأهم من ذلك أنه إذ كان بالإمكان إثبات خرق إيران للاتفاقات في مجالات الإرهاب، فمن المشكوك فيه أن ترى الساحة السياسية، وحتى إسرائيل، في ذلك ذريعة كافية لتعطيل اتفاق مستقبلي، إذا قُدم رد معقول على التحدي النووي.

من خلال فهم هذا الواقع، وبسبب رغبة في ابتعاد عن وضع ستضع فيه إيران طلبات لتنازلات من قبل الغرب فيما يتعلق ببرنامجها النووي، مقابل تنازلات فيما يتعلق بسياستها الإقليمية، فقد عارضت الولايات المتحدة وإسرائيل، خلال سنوات، طلبات طهران بأن تتضمن المفاوضات جوانب إقليمية، واعتبروها “انسحاباً”.

باختصار، يجب على متخذي القرارات في إسرائيل الاستيقاظ من وهم أنه يمكن فرض “صفقة شاملة” على إيران. هذه الصفقة ليست واقعية، والسياسة التي تتمسك بهذه الأهداف العالية جداً تبعد إسرائيل عن هدفها الرئيسي، وهو كبح برنامج إيران النووي وتعديل العيوب الخطيرة في الاتفاق النووي.