أكد الدكتور حنا عيسى- أستاذ القانون الدولي بأنه منذ أن احتلت إسرائيل الأراضي الفلسطينية سنة 1967، شرعت السلطات الإسرائيلية في إقامة وجود استيطاني إضافة إلى وجودها العسكري، وقد تباينت وتيرة هذا الوجود بين منطقة محتلة وأخرى، تبعاً للتصورات الإسرائيلية المتباينة بشأن هذه المناطق ومستقبلها. حيث اتخذت إسرائيل سلسلة من الإجراءات والقرارات الهادفة إلى إحكام السيطرة على القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة من اجل إحداث تغييرات إدارية وقانونية في وضعها، والتمهيد للاستيلاء على أكبر مساحة واسعة من أراضيها وإقامة المستوطنات عليها.
واستمرت أعمال البناء وإسكان اليهود في القدس في ظل مفاوضات السلام وفي عهد الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، بل لعل وتيرة هذه الأعمال ازدادت في ظل حكومة نتنياهو الحالية رغم المناشدات الدولية والعربية والفلسطينية بوقف الاستيطان.
وفي أية حال، فان المحصلة الاستيطانية في مختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة جاءت منسجمة مع جوهر الاستراتيجيا الاستيطانية الصهيونية، التي سبق أن حددتها الهاغاناه منذ سنة 1943 "ليس الاستيطان هدفاً في حد ذاته فحسب، إنه أيضاً وسيلة الاستيلاء السياسي على البلد فلسطين". فقد ارتسمت خريطة الاستيطان الجديدة، سواء بانتشار المستوطنات فيها أو بتركيز هذه المستوطنات، وكأنها ترجمة دقيقة للاستراتيجيا الاستيطانية القديمة والثابتة.
وأضاف عيسى قائلا بانه وفي هذه الأيام تستمر سلطات الاحتلال في سباق مع الزمن في بناء وتوسيع المستوطنات وإقامة البؤر الاستيطانية الجديدة ضاربةً بعرض الحائط اللقاءات الرسمية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي والهادفة إلى وقف الاستيطان وتجميده وبالتالي إزالته أولا، وتعلم إسرائيل جيدا بان استيطانها يعد انتهاكا للقانون الدولي الإنساني، فالمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 تنص على انه "لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءا من سكانها المدنيين إلى الإقليم المحتل".
وتعتبر المادة 8/ب من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998 الاستيطان من قبيل جرائم الحرب ثانياً، كما وصدرت مجموعة من القرارات عن كل من مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة تطالب إسرائيل بالتوقف عن بناء أو توسيع المستوطنات، وتؤكد عدم شرعيتها ثالثا.
واختتم عيسى قائلا بان المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس تعد غير قانونية وتشكل خرقا للمادة 49 فقرة 6 من اتفاقية جنيف الرابعة. كما، أكدت محكمة العدل الدولية عدم قانونيتها في فتواها الأخيرة الصادرة بشأن الجدار الفاصل بتاريخ 9/7/2004. وتجدر الإشارة بهذا الصدد بان قرار مجلس الأمن رقم 465 الصادر في 1/3/1980 دعا إسرائيل إلى تفكيك المستوطنات القائمة، وان تكف بشكل خاص وبصورة عاجلة، عن إنشاء وبناء مستوطنات في الأراضي العربية المحتلة منذ العام 1967 بما فيها القدس.