يديعوت - بقلم: شمعون شيفر "منذ أسابيع ونحن نرافق بأنفاس محبوسة ترددات بيني غانتس حول مسألة متى يعتزم تفكيك الشراكة مع الليكود، ومتى سيعترف بأن عليه أن يشكل لجنة تفحص قضية الغواصات.
وللحقيقة، هذه مسائل هامشية. فماذا يهم إذا كان سيودع غانتس نتنياهو، أو يخلي غابي أشكنازي مكانه في وزارة الخارجية. فعلى أي حال، ليس لهما أي تأثير.
وبخلاف ذلك، ثمة معنى بعيد الأثر لبيان وزير الخارجية بومبيو تأشيرته على منتجات المستوطنات بأنها “إنتاج إسرائيل”. زجاجة النبيذ الذي سلمت له في أثناء زيارته في مخمرة “بساغوت” في بوابة بنيامين تؤشر إلى خط فصل في كل ما يتعلق بترسيم الحدود في المناطق التي أضيفت لإسرائيل في 1967. إن هذا البيان يشكل على نحو شبه رسمي نهاية فكرة “الدولتين”. من الآن فصاعداً قولوا: دولة واحدة للشعبين – وهذا نهائي. لقد أدار نتنياهو ولايته الطويلة في رئاسة الوزراء، على مدى سنوات، سياسة التظاهر بالتفاوض مع الفلسطينيين، ولكنه عملياً لم يقصد اقتسام المناطق مع السلطة الفلسطينية. ولا حاجة لانتظار المحاكمة التاريخية، ومسموح القول إنه سيسير في الطريق الذي رسمه أبوه الراحل البروفيسور بنتسيون نتنياهو، وبموجبه لا يجب التنازل عن أي ميليمتر من المناطق، ولن يستسلم للضغوط التي مارستها إدارات أمريكية على إسرائيل في الطريق إلى حل وسط.
الحقيقة، كل الحقيقة في جانب الأب، بنتسيون نتنياهو. لقد أدخل ديفيد رمنيك، محرر مجلة “نيويوركر” الليبرالية، في كتاب واحد، بعض المقابلات الشاملة التي أجراها في سنوات عمله في المجلة. وقبل بضعة أيام قرأت مرة أخرى المحادثات التي أجراها مع البروفيسور بنتسيون نتنياهو ومع ابنه بنيامين نتنياهو.
روى نتنياهو الابن بأن الأب التقى مع رئيس الوزراء بن غوريون بعد حرب الـ 1956. وكان نتنياهو الأب قلقاً: “الأمريكيون سيجبرونك على الانسحاب من سيناء”، قال رئيس الوزراء. “أعدك بأننا سنحتفظ بسيناء ألف سنة”، إجابه بن غوريون. “رغم الأسف” قال بنيامين نتنياهو، “بالطبع كان أبي محقاً”.
وعلى حول قول رمنيك، تعلم نتنياهو الدرس الذي لقنه إياه أبوه جيداً. “ليس صعباً تصور ما يحصل في المحادثات بين نتنياهو ورؤساء الإدارة الأمريكية”، كتب. كتاب المذكرات التي ينشرها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما هذه الأيام تمثل هي أيضاً فهم نتنياهو في أن على رئيس الوزراء الإسرائيلي واجب الوقوف عند ما يعتبره في نظره مبدأ وجودياً من ناحية إسرائيل.
سأل رمنيك نتنياهو إذا كان يرى نفسه شخصية غريبة في المشهد السياسي الإسرائيلي. “بحق الجحيم، أنت محق”، رد نتنياهو. غريب، أو ليس غريباً، نصف الإسرائيليين يواصلون انتخابه، الأصوليون أصبحوا حلفاءه رغم علمهم بطبيعته، ولا سيما عدم ولائه للغير.
“انظر كيف جلب بيبي لقاح كورونا بمكالمة هاتفية واحدة”، قال لي شخص أقدر مواقفه. وكان يخشى خطوات نتنياهو تجاه جهاز القضاء، ولكنه سيواصل انتخابه.
في الدقائق الأولى من المقابلة مع نتنياهو، يروي رمنيك، سحب بيبي سيجاراً باهظ الثمن من نوع دفيدوف وبدأ يدخن. انتبهت، كما يكتب، أنه لم يعرض على سيجاراً. أخلاق بائسة، أو ربما لأنه كان ينقصه المزيد من السيجار. في كل الأحوال، ملأ دخان السيجار الغرفة لدرجة أن الصحافي خاف على حياة المتحدث الشاب الذي كان في المكان، وبدا وكأنه قيض له أن يموت بالآلام. واصل بيبي التدخين. اذهب وقل إن القصص عن سلوك نتنياهو ليست متكررة. فهي موضوع دائم في شخصيته أو كما قال عنه إسحق شمير في حينه: “لا أؤمن بأنه يؤمن بشيء ما. لديه “أنا” ضخمة. هو كفؤ جداً ونجح بلا مقياس، ولكنه ليس مصداقاً.
وشامير لم يكن يسارياً.
روتجر كوهين، كاتب المقال الأهم -في نظري- والأكثر قراءة في “نيويورك تايمز”، تنقلت عائلته من شرق أوروبا إلى جنوب إفريقيا ومن هناك إلى إسرائيل، ثم إلى بريطانيا، وهبط في النهاية في أمريكا. جملة واحدة كتبها كوهين تبقى ثابتة عندي على نحو خاص: “للأشجار جذور، ولليهود أقدام”.
جذور عائلتي غرست هنا، بعد تنقلات طويلة.