إسرائيل اليوم - بقلم: يوآف ليمور "مالت أوساط إسرائيل أمس لقبول الرواية الغزية في أن خللاً في العتاد يعود لحالة الطقس هو الذي تسبب بإطلاق الصاروخين نحو مركز البلاد".
لا تعتمد إسرائيل فقط على المعلومات والحرج الذي ساد في غزة عقب إطلاق النار، بل على حقيقة أن حفر إطلاق النار التي أطلقت منها الصواريخ تعود لحماس وليس للجهاد الإسلامي. لو كان تنظيم الجهاد هو الذي أطلق النار، لأمكن إيجاد مبرر لذلك. ظاهراً، أحيا التنظيم الأسبوع الماضي الذكرى السنوية لتصفية زعيمه في القطاع، بهاء أبو العطا، وإطلاق نار كهذا كان كفيلاً بأن يتم من جانبه على سبيل الثأر.
أما حماس فليس لها ما تثأر له. العكس هو الصحيح: فقد بذلت المنظمة في الآونة الأخيرة جهداً كبيراً للجم نشطاء الجهاد الإسلامي ومنعهم عن إطلاق الصواريخ نحو الأراضي الإسرائيلية. وخافت أوساط حماس من أن تؤدي مثل هذه النار إلى التصعيد، والتي تتعارض مع المصلحة الحالية للمنظمة المتمثلة بالهدوء المطلق، في محاولة للوصول إلى تسوية بعيدة المدى مع إسرائيل. ونقلت المنظمة أمس رسائل عبر كل وسيط محتمل وفي كل سبيل ممكن، أوضحت فيها بأن النار لم تكن مقصودة، بل ثمة خلل نبع من حالة الطقس (رطوبة أو ضربة برق) طالبة الامتناع عن التصعيد.
قد تكون إسرائيل أخذت هذا بالحسبان عندما اكتفت أمس برد قصير ومقنون نسبياً على إطلاق الصواريخ. ويضاف إلى جملة الاعتبارات -وعلى رأسها الرغبة في الامتناع عن التصعيد في الجانب الإسرائيلي أيضاً – حالة الطقس التي تجعل النشاط الجوي صعباً منذ نهاية السبت. بداية، كان في إسرائيل من اعتقدوا أن إطلاق النار قد تزامن مع العاصفة لهذا السبب (في محاولة للتصعيد على كشف مصادر إطلاق النار واعتراض الصواريخ)، وكما أسلفنا، كان الميل أمس تصديق حماس بأن إطلاق الصواريخ كان لخلل فني.
ولكن يخيل أن السياسة الإسرائيلية مغلوطة في هذه الحالة. فحتى لو تجاهلنا الأصالة المبالغ فيها بأن البرق ضرب مرتين وبالطريقة نفسها وتسبب بإطلاق صواريخ للمدى البعيد بشكل غير مقصود (في المرة السابقة جرى إطلاق الصاروخ نحو بئر السبع)، فمحظور على إسرائيل أن تمر مرور الكرام على حقيقة أن مئات آلاف السكان قض مضاجعهم في ظلمة الليل وهرعوا إلى المجالات المحصنة.
على إسرائيل أن تطالب حماس بضمان أمان هذا العتاد الحساس، والتأكد بألف طريقة بأن لا تقع ولن تقع حالات خلل. وإذا كانت الكلمات لا تكفي لنقل الرسالة – والنار الأخيرة تثبت أنها لا تكفي – فيمكن نقلها بطريقة أكثر تفجراً توضح لحماس ما هي الخطوط الحمراء التي يحظر اجتيازها. وكما تقول الدعاية القديمة: حالات الخلل لا تقع بل تفتعل – كنتيجة لمعالجة عليلة للعتاد أو لتخزينه بشكل فاسد – وعلى حماس أن تتأكد أنها لن تحصل مرة أخرى.
إن الامتناع الإسرائيلي عن التصرف بهذا الشكل قد ينقل رسالة مغلوطة إلى حماس، تقول إن إسرائيل هي التي تخاف التصعيد، ولهذا فهي تبحث عن سبيل لإنهاء كل حدث بسرعة. صحيح أن ليس لإسرائيل مصلحة على المستوى الاستراتيجي أن تعلق في التصعيد، وتفضل (وعن حق) الهدوء، ولكن ينبغي أن يكون واضحاً لحماس بأنه لا يوجد طرف واحد يصعد ويخفض اللهيب كما يشاء، وأنه مسموح لإسرائيل في الطريق إلى التصعيد أن يجن جنونها عندما يتم اجتياز خطوطها الحمراء.