شدد رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، إيهود أولمرت، أول من أمس الجمعة، على تمسكه برفضه القاطع لانسحاب إسرائيلي من البلدة القديمة في القدس المحتلة. ويأتي ذلك فيما يعتبر أولمرت رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي قدّم خلال المفاوضات التي أجراها مع الفلسطينيين المقترح الإسرائيلي "الأكثر سخاء" من حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
وكان أولمرت، كرئيس لبلدية القدس حينذاك، قد هاجم، في نهاية العام 2000، رئيس الحكومة الإسرائيلية حينها، إيهود باراك، بعد تردد ادعاءات بأن الأخير يوافق على نقل السيادة على الحرم القدسي الشريف إلى الفلسطينيين.
وقال أولمرت حينها، وكان أحد أبرز قادة حزب الليكود بزعامة أريئيل شارون، إنه "لا شك أن هذا سيسجل كقرار تاريخي كبير، وسيمحو باراك من أي طريق شرعية في تاريخ دولة إسرائيل. وسيكون في الفصل الأكثر ظلاما لليهود: الرجل الذي سلم جبل الهيكل إلى جهة أخرى للمرة الأولى في التاريخ اليهودي".
وأضاف أولمرت حينها، أنه "صليْنا لهذا المكان طوال 2000 عام. وهذا أهم مكان تاق الشعب اليهودي إليه، حلم به وآمل بالعودة إليه. وجاء أحد ما، بعدما فقد ثقة الجمهور، ولا يتمتع بأي ثقة وقاعدة برلمانية، بعدما استقال من منصبه، وأعطى جبل الهيكل. ماذا يساوي الاعتراف الفلسطيني قياسا بارتباطنا بالجبل بالنسبة لي؟ وهذا الشعب (اليهودي) لن يبقى في الوجود إذا لم يتم الاعتراف بحثه في القدس، والقدس هي جبل الهيكل".
وقال أولمرت في مقابلة لصحيفة اليمين الاستيطاني "ماكور ريشون"، أول من أمس، إنه "لم أغيّر رأيي بكل ما يتعلق بالجانب الإيماني والذاكرة التاريخية. وجبل الهيكل هو المكان الأكثر أهمية. وصلينا من أجل العودة إلى جبل الهيكل وليس إلى كريات يوفيل (حي في القدس). وما انتقدته في حينه هو استعداد باراك لتسليمه لغرباء وما زلت على موقفي. وبالمناسبة، أعتقد أن باراك لم يعتزم تسليم جبل الهيكل. واعتذرت لباراك على أقوالي تجاهه في هذا الموضوع".
وتابع أولمرت أن "سيادة حصرية لدولة إسرائيل في جبل الهيكل تعني أنه لن يكون هناك سلاما مع الفلسطينيين إلى الأبد. ولم أقترح أبدا سيادة لدولة أخرى أو شعب آخر على جبل الهيكل ومحيطه. وكانت هناك مراحل تحدثت فيها مثلما تتحدث أنت اليوم (أي مثل اليمين المتطرف الاستيطاني) بالضبط، وأنا أعترف ولا أنفي ذلك، لكني توصلت إلى الاستنتاج أن الطريق الوحيدة لنصع سلام يستوجب تنازلات. وأعترف بخطأي بشأن أقوال أدليت بها عن القدس في الماضي، وكل هذه المعادلات البالية عن ’القدس غير المسمة’ مع جبل المكبر وعيسوية".
وأضاف أولمرت أنه "وافقت أن تكون هناك وصاية دولية في جبل الهيكل، بحيث تضمن حقوقنا هناك، وألا تمنع المسلمين في التوجه إلى أماكنهم المقدسة. وللمسيحيين أيضا. لأن سيادة حصرية تعني أنه لن يكون هناك سلاما أبدا، وأن جبل الهيكل سيكون دائما مركزا للمرارة والحروب والإرهاب. وفي المقابل، فإن إدارة دولية تضمن الحق الكامل، غير القابل للتنازل، للشعب اليهودي بالصلاة في أماكنه المقدسة".
وقال أولمرت إنه "لا توجد مشكلة لدي بإعطاء شعفاط وبيت حنينا ومخيم شعفاط للفلسطينيين. فليأخذوها. من يحتاج إلى 300 ألف فلسطيني كجزء من القدس، وفيما سيشكلون في أحد الأيام أغلبية ستنتخب رئيس بلدية فلسطيني ’للعاصمة الأبدية غير المقسمة للشعب اليهودي’؟ واليهودي الذي يريد هذه المناطق مؤمن من صميم قلبه أنه سيكون بالإمكان في أحد الأيام طرد العرب من هناك، ولكن لا يمكن طرد العرب. ولا شيء في شرقي المدينة مهم، باستثناء جبل الزيتون والبلدة القديمة وفي مركزها جبل الهيكل. وهذه الأماكان الهامة الوحيدة".
وأشار أولمرت إلى أنه "وفقا لمفهومي الأخلاقي لن يكون بالإمكان سيادة حصرية لنا في الجبل، وأعتقد أنه بموجب التسامح الذي يبديه العالم تجاه هذا الأمر أيضا. وجميعنا نتعطر من رائحة حكم ترامب، لكنه قد يختفي في الأسبوع المقبل أو بعد أربع سنوات. ومحاولة رسم صورة بموجبها جميع الفلسطينيين هم كارهو إسرائيل غير صحيحة".
ووصف أولمرت اقتحام شارون للحرم القدسي، في نهاية أيلول/سبتمبر العام 2000 بأنه "خطوة استفزازية. هل جاء شارون إلى هناك من أجل الصلاة؟ لا، فلماذا صعد؟".