عجوز يعمق الأضرار وآخر لا يحتملها: ترامب وبايدن… مرشحان فاشلان في أجواء مسمومة

الجمعة 23 أكتوبر 2020 04:46 م / بتوقيت القدس +2GMT
عجوز يعمق الأضرار وآخر لا يحتملها: ترامب وبايدن… مرشحان فاشلان في أجواء مسمومة



القدس المحتلة /سما/

يديعوت - بقلم: سيفر بلوتسكر  "ظهر المرشحان في انتخابات الرئاسة الأمريكية في الآونة الأخيرة في لقاءات مع جمهور مؤيديهما، بعد أن ألغيت المواجهة السابقة والأخيرة. ألقى الرئيس الحالي ترامب، مرشح الحزب الجمهوري، خطابات نشطة بآلاف المحتشدين ممن يرون إصابته بفيروس كورونا دليلاً على القوى العظمى لزعيم قد لا يكون ذروة الثقافة، ولكنه أثبت قدراته الجسدية والروحانية في الانتصار على المرض. أما نائب الرئيس السابق جو بايدن، المرشح الديمقراطي، ففضل الظهور أمام قلائل في بث لجماهير الناخبين الليبراليين الذين يستمعون إليه بصبر وعطف ولكنهم يديرون رؤوسهم إلى الخلف حين يتورط بأجوبة على الأسئلة الأبسط.

يكاد كل شيء يكون هو الفاصل بين ترامب وبايدن: الأسلوب، المضمون، النبرة، الفكرة. ومع ذلك شيء واحد مشترك يميزهما ويخلق حلفاً خفياً بينهما: فهما غير مناسبين لقيادة الولايات المتحدة في السنوات الأربعة المقبلة. فهما كبيران في السن أكثر مما هو مرغوب فيه. ويفهمان الواقع حولهما أقل بكثير من المتوقع من أناس يدعون الوقوف على رأس القوة العظمى الأقوى والأكثر نفوذاً. ليس الأول ولا الثاني مصنوعين من مادة قيادية لإنقاذ أمريكا من الأزمة.

وعن ذلك عبر بطريقته الغريبة ترامب نفسه الذي كاد يعترف أو يهدد بأن هزيمته أمام “مرشح الرئاسة الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة” ستهربه –من شدة الخجل- إلى خارج حدود أمريكا. والأمر ذاته يمكن قوله، مع تغيير الأسماء، في منافسه جو بايدن. فهو يتنافس مع رئيس سيئ على نحو خاص: وقح عدم الكوابح، مفلس ومجنون، عنيف بالأنا، كان هزيمته سهلة لو لم يكن يقف أمامه سياسي تعب ومتآكل وعديم الكاريزما مثل جو بايدن ابن الـ 78.

إن البؤس البارز للمرشحَين لتاج الرئاسة الأمريكية يبعث على أفكار بشعة. كيف حصل أن أمريكا العظمى، ذات الجامعات الأفضل في العالم، والعلم الرائد في العالم والتكنولوجيا التي تغير وجه العالم… لم تنجح في عرض انتخاب رئيس شخصية بقامة زعامية تتناسب والمنصب؟

لم أجد جواباً على هذا التساؤل في محيط من المقالات التي نشرت هناك قبيل الانتخابات والتي معظمها، إن لم تكن كلها، مشبعة بسياسة انتخابية فورية. قد يكون هذا هو الجواب: عندما تكون أفضل العقول الأمريكية متجندة بكاملها في صالح هذا الجانب أو ذاك في الطيف الحزبي، فإن قدرتهم على التسامي إلى نظرة عليا تحليلية تتضرر بشدة بل اختفت تماماً.

إن مساحة الخطاب الجماهيري الأمريكي مشروخة حتى النزف بين المعارضين والمؤيدين لشخص واحد يعربد في أروقة البيت الأبيض؛ مخرب الأمة أو منقذها. ثلاثة أرباع الإعلام الأمريكي ينصب على الحملة ضد ترامب، بكل الوسائل وعلى كل المنصات، والربع المتبقي موظف لمدحه، وإن كان دون ذرة نقد ذاتي. لقد اختفى التنوع الفكري وحتى كُتّاب المقالات في الفيزياء النظرية ينجحون في إدراج كلمة “ترامب” فيها. لن ينبت على مثل هذه الأرض المحروقة مرشحون للرئاسة ملتزمون بفكر شامل وحكم رشيد. عبثاً يبحث المستطلعون عن التبرير الاقتصادي أو الاجتماعي أو الصحي المطلق الذي يحرك الناخبين لإعطاء صوتهم (عشرات الملايين صوتوا عبر مغلفات البريد) لترامب أو لبايدن: المعركة شخصية. وعليه، فلم تكلف قيادة ترامب الانتخابية نفسها عناء إصدار أي برنامج سياسي ولا حتى اقتصادي، بينما جمعت قيادة بايدن برنامجاً من أوراق عمل توفرت بالصدفة، دون ترتيب أو ارتباط. وفيها غير قليل من الاقتراحات الصحيحة والفهيمة، وبالتأكيد ليست “يسارية – شيوعية” مثلما يندد بها ترامب دون أساس، غير أن جو الناعس لا ينجح في ترجمتها إلى أقوال باعثة على الحماسة.

بايدن مرشح سيئ، وترامب رئيس سيئ، ومع ذلك لا توجد هنا مساواة في رؤية المستقبل. ترامب كرئيس في ولاية ثانية سيعمق ويوسع الأضرار التي سبق أن ألحقها في الوقت الذي يمكن لبايدن كرئيس في ولاية أولى أن يحتملها “فقط” لانعدام الوسيلة التي تميز حياته السياسية غير اللامعة. وبالتالي، فإن بايدن أفضل – ليس بفضل ذاته، ولا بفضل ما هو، بل بفضل ما ليس هو: هو ليس ترامب. هو النقيض لترامب، ويكفي لأجل الانتصار أن تسود أجواء سياسية سامة لانتخابات أمريكا 2020.