"تبين أن معظم اليهود لصوص.. أنا أقول ذلك بصورة متعمدة وببساطة. لأن هذه هي الحقيقة مع الأسف" (بن غوريون رئيس الحكومة). ويضيف: "أبناء الغور سرقوا! الرواد من بين الطلائعيين، وآباء أبناء البلماخ! وقد شارك الجميع في السرقة ؛ أيضا أبناء نهلال! هذه ضربة شاملة. هذا أمر مخيف، لأن هذا يكشف بعض الخلل الأساسي. سرقة وسطو.. من أين جاءنا هذا؟".
الخبر المعتاد اليوم .. مستوطنون يسرقون ثمار الزيتون في نابلس، أصحاب الارض والزيتون في نابلس قالوا: رأينا حلمنا الكبير يذوب ويتساقط كما تتساقط حبات الندي عالقة بزهرة أو تذوب في شعاع الصباح ؛ و يجلب الماضي صور بغيضه، صور شقاء كثير! حين أطلقت العصابات الاجرامية ، ليعيثوا الفساد في المدن والقرى الفلسطينية ، ناشرين بذور فسادهم في الارض فلا يتورعون عن القتل والسرقة ، يتلفون المحاصيل ، ويقتلون الحيوانات ، وعندما يتذمر القرويون يطلقون عليهم الرصاص ثم يضرمون النار في بيوت القرى.
على كل حال، ما نحن بصدده في هذه السطور هو كتاب جديد نُشر حديثا في الكيان الصهيوني، بعنوان "سرقة الممتلكات العربية في النكبة عام 48" تقدر بالمليارات من الدولارات ؛ لم نقرأ الكتاب، بل قرأنا مراجعة له في بعض الصحف العربية و"النتيجة كانت صادمة"؛ يقول الكاتب : إذ شمل ذلك "أجزاء كبيرة من المجتمع الصهيوني، مواطنين ومحاربين قتلة ولصوص على حد سواء". في المراجعة الطويلة للكتاب، حكايات بالغة الإثارة يصعب نقلها جميعا؛ عن جنون النهب الذي أصاب الصهاينة، ولك أن تتخيّل بعد ذلك ما أورده الكتاب ذاته من حكايات. فالكتاب وثّق ما وجده عن "سرقة الممتلكات العربية من قبل اليهود ؛ من طبريا في الشمال وحتى بئر السبع في الجنوب. من يافا وحتى القدس؛ مرورا بمساجد وكنائس وقرى اخرى .
وشملت السرقة "محتويات عشرات آلاف البيوت والحوانيت، المعدات الميكانيكية، المصانع، المحاصيل الزراعية، الخيول الاصيلة، حتى الأغنام وغيرها. وشملت أيضا؛ كتب، ملابس، مجوهرات، طاولات، أجهزة كهربائية، محركات وسيارات". أما "النقاش حول مصير الأراضي والمباني التي تركها الـ 800 ألف لاجئ عربي ممن هربوا بدافع النجاة من عمليات الذبح الفوري أو طردوا، في الحرب، فيتركه لباحثين آخرين"، إذ ركز "على الممتلكات المنقولة فقط، أي الممتلكات التي كان يمكن تعبئتها وتحميلها في سيارات". أما الأكثر إثارة بالنسبة لصاحب الكتاب، فيتمثل في أن اللصوص لم يكونوا جميعا قادمين من البعيد، بل هناك من كانوا ممن يعيشون في فلسطين، بجانب الفلسطينيين، لكن ذلك لم يمنعهم من سرقة "جيران الأمس".
قدم الكاتب روايات جديدة عن فظائع الاحتلال، والمذابح وعمليات التهجير التي تم تنفيذها. فالشهادة الجديدة تبقى ذات قيمة مهمة في سياق كشف سلوكيات الصهاينة، في ذات الوقت الذي تفضح الكثير من الهرطقة التي يروّجها بعض صهاينة العرب الجدد، حول بيع الفلسطينيين لأراضيهم وممتلكاتهم، ويكشف الجريمة التي ارتكبت بحقهم. بعد ان حصلت "إسرائيل" على رخصة نافذة من المجتمع الدولي لكي تقتل وتحرق وتنتقم في الوقت وبالطريقة التي تحددها هي بنفسها ؛ كعدو قوته غاشمة جنونية ، ولا تسر عليه المعاهدات والقوانين الدولية ويتصرفوا كاستثناء فذ لقوانين التاريخ والسياسة والاجتماع, بينما تشير كل الشواهد الى انهم نشاز صارخ او نشاط اجرامي ضد الطبيعة نفسها، في عالم اثر ان يضفى رونقا على الارهاب الصهيوني ، كعادة كل الفلسفات والافكار العنصرية. والحروب الصهيونية الإرهابية التي جعلت لمجرمي هذا الكيان الارهابي الحظ الأوفر في العمليات الإجرامية الأشد بشاعة في العالم.
انها نكبة فلسطين المتجدد والجرح النازف منذ العام 1948 ؛ هل من حديث عن المجني عليه المنهوب المطرود من وطنه, بعد ان تم السطو على املاكه؟ نعم .. بعد شهرين على قيام الكيان قال كبيرهم أشياء قاسية جدا عن المجتمع الإسرائيلي. مما قاله: (بن غوريون رئيس الحكومة) "تبين أن معظم اليهود لصوص.. أنا أقول ذلك بصورة متعمدة وببساطة. لأن هذه هي الحقيقة مع الأسف". هو يعلم أنه يتحدث بالكلام المفصلي الذي يفصح عما يمس مصالح ومصير هؤلاء الارهابين القتلة.
ترى هل ما يقوله "بن غوريون" هنا هو لون من الهزل؟ بالطبع لا هذا لا يصح عليه، عندما يجد الجد وينتفي الهزل ،الذي لا يكذب ولا يتجمل، وحجم الرجل، فلا شك أنه يعني ما يقول، وأنه ليس لديه أي سوء فهم للموقف، هل كان يرنو إلى المستقبل وهو يصدر حكمه المخيف والمرهب، مدوِّيًا رجع صداه هلعًا أينما سمعه؟
برغم ما قيل عنه في اخر أيامه ، بأنه مجنون مخبول معتوه؟. .. أم هو الكذب والتدليس والغش والوحشة والبؤس والرعب الذي ساد وتأسسًا عليه هذا الكيان الصهيوني الدموي، بهذه الصورة البغيضة التي رسمها كبيرهم"بن غوريون" لمجتمع تخلي عن كل القيم في حروب دموية رهيبة من أجل عملية إفناء مخزية، و مجازر نالت شرورها النساء والاطفال ،حتى يومنا هذا! وفق للكاتب فإن "هذه الأقوال مكتوبة، حرفيا في محضر جلسات رسمية لمركز "مباي"، المحفوظ في متحف حزب العمل".
قد يبدو الحديث عن السرقة أمرا هامشيا، بجانب ما كشفه "المؤرخون الجدد" سابقا عن المذابح التي ارتكبتها العصابات الصهيونية، والتي لم يكن لها من هدف سوى تهجير الشعب الفلسطيني، حيث كانت الخطة هي التهجير الكامل او القتل ؛ فأعمال القتل والسطو المسلح في هذا الكيان تعد قوانين عامة لهم ؛ و تأسس عليها ، مجتمع عنصري بسياسة استيطانية توسعية قائمة على التطهير العرقي والقتل؛ فقد جاءوا بدافع السطو واعمال السرقة، بسبب تشردهم بعد ان تم طردهم من دولهم لتعاملهم, بما يتنافى مع وجبات المواطنة بتلك الدول.
الغريب حقا ان اعلان الدولة التي استغلت الدين اليهودي ذريعة لقيامها ، قد رفض الكثير من قادتها التوقيع عليه لأنه يذكر كلمة (الرب) الذى لا يؤمنون هم بوجوده ! هذا ما كان من الأحداث على واقع الأرض في زمن النكبة الكبرى وهذا ما كان من تعقيبنا وهكذا اغرقهم الرجل في مستنقع الكذب والسرقة، بكله وكليله حتى أنفه ، طبعا لن يقره بحقيقة الأحداث بهدوء ليتركها لزمانها دون تجميل عندما فعلها كبيرهم هذا.
هذه نبذه بسيطة جدا ، عن جرائم "اسرائيل"واحة الديمقراطية بوسط صحراء الشرق الاوسط القاحلة نهديها للمنبهرين ، بها وبالحضارة الغربية التي ما قامت ، الا على المعاناة البشرية ، وأشلاء الأبرياء. إنها جرائم لا تسقط بالتقادم، لا سيما أن هناك شعبا ما يزال مصرّا على استعادة حقوقه، ومن ورائه أمّة لا تعترف بأي شبر من فلسطين للغزاة، وستبقى كذلك، مهما طبّع المطبّعون، وانبطح المنبطحون، ومهما رقص الساقطون في زفة ترويج غزاة أشقياء عينهم على تسيّد المنطقة برمتها ؛ وتبقى فلسطين الضمير والهاجس والشرف لهذه الامه.. المجد للشهداء.