هآرتس - بقلم: هجار شيزاف "العائلات الفلسطينية التي ولد لها أطفال منذ وقت التنسيق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل لا يمكنها الخروج من الضفة الغربية؛ لأن تسجيلها في سجل السكان الفلسطيني لم يتم تحويله إلى إسرائيل. وقد وصل في الأشهر الأخيرة لـ “موكيد” (مركز الدفاع عن الفرد) عشرات الشكاوى من عائلات أرادت مساعدتها في تسوية التسجيل لتمكينها من الخروج. نقلت “موكيد” 15 طلباً إلى الإدارة المدنية بهذا الشأن، ولكن لثلاثة طلبات منها فقط أعطي رد أولي.
الأولاد الفلسطينيون الذين ولدوا في الضفة يسجلون في سجل السكان الفلسطيني ويحصلون على بطاقة هوية وجواز سفر من السلطة الفلسطينية. والسلطة ملزمة -حسب اتفاقات “أوسلو ب”- بأن تنقل إلى إسرائيل معلومات عن جوازات السفر وبطاقات الهوية التي أصدرتها لسكان الضفة. أما الآن، في ظل غياب التنسيق، لا تنقل السلطة المعلومات إلى إسرائيل. وعندما جاءت عائلات فلسطينية في الأشهر الأخيرة إلى جسر اللنبي وأرادت الخروج رُفضت.
أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن وقف التنسيق مع إسرائيل في شباط الماضي، في أعقاب إعلان رئيس الحكومة نتنياهو نيته ضم مناطق في الضفة الغربية. فعلياً، توقف التنسيق في أيار.
هيا شبارو، إحدى سكان الضفة، انتقلت إلى الإمارات مع زوجها نضال، حيث يعمل هناك منذ سنة. في شباط عادت شبارو إلى الضفة مع ابنها للولادة قرب عائلتها. وسجلت علية، ابنتها التي ولدت في بداية نيسان، في وزارة الداخلية الفلسطينية في أيار في أعقاب الإغلاق الذي فرض هناك عند تفشي كورونا – بعد أن كانت السلطة قد قطعت علاقاتها مع إسرائيل.
حاولت شبارو في تموز مرتين الخروج مع أولادها من الضفة للعودة إلى الإمارات، ولكن السلطات الإسرائيلية لم تسمح لها بذلك لأن ابنتها غير مسجلة في سجل السكان الإسرائيلي. “ذهبنا إلى مقر الإدارة المدنية، وهناك قالوا لنا بأنه حالياً لا يوجد أي اتصال مع وزارة الداخلية الفلسطينية. وذهبنا إلى وزارة الداخلية الفلسطينية وهناك قالوا لنا إنهم لا يتحدثون مع الإسرائيليين”، قالت شبارو عن الوضع الذي يجد فيه السكان الفلسطينيون أنفسهم بين المطرقة والسندان.
دعاء رمضان، مواطنة أمريكية متزوجة من فلسطيني من الضفة، واجهت المشكلة نفسها. ابنها الطفل ليث ولد في 2019، قبل وقف التنسيق بين الطرفين. وقرر أبناء العائلة الانتقال إلى الولايات المتحدة مع أولادهم الثلاثة، ونسقوا هذا مع السفارة الأمريكية. وعندما وصلوا إلى جسر اللنبي قيل لهم بأنه لا يمكنهم الانتقال مع ليث لأنه غير مسجل في سجل السكان الإسرائيلي. لقد قمنا بحزم أمتعتنا وفجأة قالوا بأنه لا يمكننا المغادرة، دون أن يخبرنا أحد بأن ستكون لدينا مشكلة”، قالت رمضان. “نفسياً، من الصعب أن يبقى الأمر معلقاً في الهواء ولا نعرف متى يمكننا المغادرة”.
إن وقف التنسيق ترك الفلسطينيين بدون أي إجابة، سواء من إسرائيل أو السلطة. عدد من العائلات التي توجهت مباشرة إلى الإدارة المدنية لتسجيل أولادها تمت الاستجابة لها، لكن معظم سكان الضفة لا يعرفون أن عليهم التصرف بهذه الصورة – والسلطات الإسرائيلية والفلسطينية لا تهتم بإبلاغ العائلات بأن عليها التصرف بهذه الصورة. وليس لإسرائيل سياسة واضحة حول هذه الأمور، فإذا ما وجدت طريقة سهلة للفلسطينيين للتسجيل في السجل الإسرائيلي فلا لزوم للسلطة الفلسطينية، بصورة تخالف اتفاقات أوسلو.
هذا الأمر يسري أيضاً بخصوص دخول سكان قطاع غزة الموجودين في الخارج في طريق عودتهم إلى الضفة، ومن هناك إلى القطاع. في الأيام العادية يجب على الغزيين طلب تصريح عبور من الجهة التي تسمى “اللجنة المدنية” والتي تعمل من قبل السلطة من أجل اجتياز حاجز إيرز. مهمة هذه اللجنة هي التوسط بين سكان غزة الفلسطينيين وإسرائيل، وتركيز وترتيب طلبات الحصول على التصاريح حسب الأولوية – الترتيب الذي نصت عليه اتفاقات أوسلو. ولكن أوقفت اللجنة المدنية الآن نقل الطلبات إلى إسرائيل التي لم تبلور نظاماً بديلاً. كان يمكن لإسرائيل أن تمكن الغزيين من تقديم طلب التصريح بصورة مباشرة عبر موقعها في الإنترنت، ولكن هذا الأمر كان سيلغي وجود اللجنة المدنية الفلسطينية التي يعتبر هذا الأمر مهمتها.
“يجب عدم التسليم بالوضع المتواصل الذي فيه تعْلق فيه العائلات في مناورات القوة بين إسرائيل والسلطة”، قالت المديرة العامة لـ”موكيد”، جيسيكا مونتل. “لأن إسرائيل هي المسيطرة على المعابر الحدودية وهي التي تمنع الفلسطينيين من إدارة سجل سكان خاص بهم، فمن واجبها القانوني أن تمكن من حرية حركة كاملة للفلسطينيين دون علاقة بقرار السلطة”.
من مكتب منسق أعمال الحكومة في المناطق، جاء رداً على ذلك بأن “سجل السكان الفلسطيني كما نصت عليه الاتفاقات الانتقالية تديره السلطة الفلسطينية المسؤولة عنه. وبناء على ذلك، فإن من صلاحية السلطة إصدار بطاقات هوية وجوازات سفر للسكان الفلسطينيين، وكذلك تنفيذ كل تغيير في الحالة الاجتماعية المسجلة للسكان. وكجزء من الاتفاق، فقد تقرر بأنه من أجل تنفيذ مزامنة مع أنظمة المعلومات الإسرائيلية ومن أجل التمكين من تقديم خدمات مختلفة للسكان الفلسطينيين، يجب على السلطة الفلسطينية إبلاغ الجهات المعنية في إسرائيل عن أي تغيير في سجل السكان. ورغم وقف التنسيق الأمني والمدني مع إسرائيل من جانب السلطة، إلا أن طلبات التسجيل التي يتم تقديمها من قبل السكان الفلسطينيين للجهات ذات العلاقة في الإدارة المدنية يتم فحصها طبقاً للإجراءات”.