وإن كان مصاب بالفعل فعلّه يدرك وضع المواطن الإيراني والسوري والفلسطيني

ترامب وكورونا قد تكون فبركة لكسب الانتخابات..د. حامد أبو العز

الإثنين 05 أكتوبر 2020 12:40 م / بتوقيت القدس +2GMT



أعلن الرئيس ترامب بعد يومين على المناظرة التي مُرغ أنفه بالتراب بها، أعلن عن إصابته وزوجته بفيروس كورونا. أعلن الجميع تعاطفه مع الرئيس وزوجته وتمنيا لهما الشفاء العاجل.

وبينما تمّ نقل ترامب إلى مستشفى “وولتر ريد”، تحدث الفريق الطبي عن استقرار حالة الرئيس وبأنه يستجيب إلى الدواء.
يتم الحديث اليوم عن أنّ الرئيس لّفق هذا الموضوع ليحصل على تعاطف معه في انتخابات الثالث من نوفمبر القادم. جميعنا يتمنى للرئيس وزوجته الشفاء العاجل، ولكن يجب أن نضع في الحسبان بأن ترامب كان يخوض حملة انتخابية مستمرة طيلة أربع سنوات من تواجده في البيت الأبيض. بحيث ما فتئ الرئيس يهاجم الخصوم، ويمتدح نفسه بالوقوف في وجه الأزمات وكل ذلك من أجل الحصول على ولاية ثانية.
وتظهر نظرية المؤامرة بقوة، خصوصاً بأن إعلان ترامب جاء بعد المناظرة الفاشلة التي أجراها أمام بايدن مباشرة. ونقل الرئيس إلى المستشفى مباشرة بعد إجراء الفحص أمر يُشك به، وذلك بأن الأعراض عادة لا تشتد إلا بعد مرور أيام.
ما يدفع كذلك إلى تصديق نظرية المؤامرة هذه عاملين رئيسين هما:

اعتياد الرجل على الكذب. وهذا ليس كلامنا بل كلام وسائل الإعلام الأمريكية. فليست وحدها واشنطن بوست من أحصت تعداد الأكاذيب التي أطلقها ترامب خلال أربع سنوات من حكمه. فقناة “سي ان ان” كذلك تظهر في برامجها آلية كشف الكذب للتحقق مما يدلي به الرئيس. وفي أغلب الأحيان تظهر هذه الآلية بأن الرئيس رجل غير موثوق به وهو يكذب تقريبا في أي شيء يقوله. ناهيك عن التصريحات التي أدلى بها مسؤولون سابقون في إدارته كمستشار الأمن القومي السابق “جون بولتون”، وتصريحات أقرباء الرئيس كإبنة أخيه التي وصفته بأنه أخطر رجل في العالم. والعديد العديد من الكتب التي تتهم ترامب بالكذب المتعمد ولعل أخر هذه الكتب كتاب الغضب لبوب وودوارد والذي تحدث عن أن ترامب تعمّد إخفاء خطورة الفيروس في بداية ظهوره لكيلا يدخل الشعب الأمريكي في حالة من الذعر.

تفصل بين ترامب وبايدن العديد من النقاط تقريبا (12 نقطة) لصالح بايدن كما تظهر استطلاعات الرأي. قد يكون الرئيس الأمريكي تحرّك كضربة استباقية للفوز بالانتخابات من خلال كسب التعاطف من قبل الرماديين الذين لم يقرروا بعد أيّ المرشحين سينتخبون. وكل ذلك بالاستناد إلى سوابق رفاقه في جناح اليمين كبوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني وبولسونارو الرئيس البرازيلي. حيث ارتفعت شعبية الأخيرين إلى مستويات غير مسبوقة بعد الكشف عن إصابتهما بفيروس كورونا.

يبدو بأن هذه الفرضية قريبة إلى الواقع خصوصاً بعد فشل الرئيس ترامب على جميع الصعد. فقد فشل في تحدي كورونا، والتغييرات المناخية، وفشل في إيجاد حلول سلمية مع إيران وكوريا الشمالية كما فشل في مواجهة الصين والكثير الكثير من الفشل الفادح.
على الرغم من تعاطفنا مع الرئيس ترامب في حال إصابته بالفيروس, إلا أننا نّذكر بسياسات الرئيس الدموية واللا إنسانية والرعناء، من بناء جدار بين الولايات المتحدة والمكسيك، فصل الأمهات المهاجرات عن أبنائهن ووضعهن في السجون، تقديم القدس والجولان والأراضي الفلسطينية المحتلة إلى نتنياهو على طبق من ذهب، فرض عقوبات جائرة على إيران وسوريا في الوقت الذي تمر فيهما البلدان بأوقات صعبة للغاية في نقص في المعدات الطبية والتجهيزات التي تلزم للكادر الطبي وتعجز البلدان عن تأمين الدواء والغذاء بسبب العقوبات التي فرضها الرئيس ترامب، دعمه لحصار غزة، غزة التي لا تملك اليوم أي شيء ومفروض عليها حصار جائر.
وختاماً، كم نتمنى أن يدرك الرئيس بعد إصابته (إن كان مصابا)، أن يدرك بأنّ المواطن السوري أو المواطن الإيراني أو المواطن الفلسطيني الذين يتعرضون لأقصى العقوبات لا يملكون فريقا طبياً مكونا من عشرات الأطباء والممرضين كالذي يملكه الرئيس. ولا يملكون الدواء المناسب أو أجهزة الأكسجين بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على هذه البلدان بل لا يملكون لقمة الخبز.
باحث السياسة العامة والفلسفة السياسية
كاتب فلسطيني