ماتياس شمالي.. إنسان جدير بكل التقدير والاحترام..احمد يوسف صالح

الأحد 04 أكتوبر 2020 02:28 م / بتوقيت القدس +2GMT
ماتياس شمالي.. إنسان جدير بكل التقدير والاحترام..احمد يوسف صالح



لقد تشرفت بمعرفة عددٍ من مدراء عمليات وكالة غوث وتشغيل الاجئين (الأونروا)، ولكنَّ الشخص الذي تركت إنسانيته وجهوده في نفسي وسجل ذكرياتي بصمة وأثر كان ماتياس شمالي الألماني الجنسية، والشخص الآخر كان جون كينج الإيرلندي الأصل.. لقد عرفت أحدهما عن قرب خلال فترة عملي بالحكومة، وتعرفت على الآخر عبر الوفود الدولية التي اصطحبتها للقاء به، حيث كنت أشارك أحياناً في اجتماعات خاصة لمناقشة أوضاع قطاع غزة المأساوية، وأيضاً في إطار لقاءات أخرى مع جهات دولية، بغرض توفير متطلبات ضرورية للقطاع الإغاثي والتعليمي والصحي. في الحقيقة، كنت ألمس في كل منهما الصدق والعمل على بذل الجهد، وكذلك توخي الحرص على كرامتنا الإنسانية.
خلال الأيام الماضية، لمست للأسف أن هناك من يحاول الإساءة إلى السيد ماتياس شمالي بطريقة لا تليق بأخلاق شعبنا، ولا تعكس وعياً بحقيقة المؤامرة التي تتعرض لها وكالة الأونروا، وتقف خلفها أمريكا وإسرائيل، بهدف شطب هذه المؤسسة الأممية، وإعدامها من صفحات التاريخ، وهي التي ما تزال تمثل جامعاً للهوية الفلسطينية، عبر الحفاظ على بطاقة اللاجئ، التي تشكل وثيقة قانونية ومستنداً إنسانياً وسياسياً وشاهداً بالأماكن والصور على وجود قضيتنا ومأساتنا في مخيمات اللجوء والشتات.
لقد شعرت بالحزن والأسي عند تطاول بعض الجهلة والموتورين من أبناء قطاع غزة على السيد ماتياس شمالي وسخربة البعض الآخر منه، وهو الشخص الذي يتصدى لحملة تفليس الوكالة، ويتحرك مع الأوروبيين والعرب من أجل تغطية ميزانية استمرار عملها.
من الجدير ذكره، أن استهداف وكالة الأونروا ليس أمراً جديداً، بل هي حملة بدأتها الحركة الصهيونية ومعها الحكومة الإسرائيلية، من خلال مراكز الدراسات ووسائل الإعلام في الغرب متذ أكثر من عشر سنوات، بغرض التحريض عليها وتشويه صورتها عبر توجبه الاتهامات للجهات المسؤولة ونعتها بالفساد الإداري والمالي!!
إن حجم المؤامرة على وكالة الأونروا كبير جداً، وهو يتطلب منا إدراكاً ووعياً كبيرين مع صحوة راشدة، حتى لا تنحرف سهامنا في الاتجاه الخطأ. إن من يقود اليوم مؤامرة إنهاء عمل الوكالة وشطب قضية اللاجئين والتخلص منهم هي أمريكا، ولكن برغبة وتخطيط إسرائيلي.. ولقد نتفاجئ في الشهور القادمة بقطع وتقليص المزيد من المساعدات الدولية للوكالة، أو حتى وقف الدعم الذي يأتي -عادة- من جهات عربية خليجية، وذلك بتحريض وضغط أمريكي، بهدف المزيد من سياسات التجويع والتركيع للفلسطينيين، حتى تمضي صفقة القرن إلى نهاية مشوارها التآمري على شعبنا وقضيتنا.
إن علينا كفلسطينيين أن نتفهم لعبة المتآمرين الكبار، وألا نخسر شخصيات دولية راقية كالسيد ماتياس شمالي، الذي يستحق أن نقف إلى جانبه مؤازرين، للحفاظ على هويتنا الوطنية وبطاقة اللاجئ التي هي اليوم وثيقة قانونية تشكل غُصَّة في حلق المحتلين الغاصبين.