يقولون إن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده ، وبسبب الانقسام المدمر، بات واضحا التشنج والانفعال المنتشر في تعليقات ومقاطع فيديو أوتغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي ، وأصبح سمة في لغة التفاهم بين الناس فالغالبية العظمي اصبح لديها وعى وثقافه لا تعتمد على خطيب سياسي ولا متكلم حزبي ، فمواقع التواصل الاجتماعي أحدثت ثوره ثقافيه عظيمه ، ولا شك أن صاحب هذا النوع من الابتكارات كان يعانى من الشعور بأن الدنيا ضاقت بمن فيها ومن عليها بسبب المصالح والتزييف و قلة الحقائق ، لذلك قرر ان يجعل الحياة اكثر سهولة وتواصل ؛ ولكن هذه المواقع بما تتشابه بإنشاء اتجاه جديد في التفكير يشبه كل دواء ناجح لابد أن تنتج عنه آثار جانبية. يجب الانتباه لها. و الا تحول الوضع من مناقشة هادئة الى حرب ابادة فكرية تتضاءل معها حرب الإبادة التي يوعدنا بها الصهاينة.
ومن المفارقات المأساوية ان المؤسسات الصهيونية منهمكة في التفكير والتخطيط للمستقبل وتحسين المستوي العام لديهم ،
قد نختلف في تقييم الماضي القريب فكل له رؤيته طبقا لثقافته وتجربته الشخصية وانتمائه و مكاسبه وخسائره والاهم درجه الوعي بالمصلحة العامة للقضية الشريفة العادلة ، وفي السياسة الخارجية مسموح بالمناورات مع الدول الى اقصى الحدود للحصول على مصالح القضية والشعب . أما المناوراة بالقضية و الشعب نفسه في الداخل والخارج فهذا غريب .. فالشعوب والديمقراطيات الحديثة لا تسمح ولا تتسامح في ذلك لان ادارة مصالح الشعب هي إدارة شؤون وليست إمارة او سلطة ابدية.. وهذه نقطة جوهرية يتم وأدها بكل السبل والطرق.
فلا ينبغي ان نخدع انفسنا او نخدع الاخرين بوهم على حساب القضية و القانون والدستور والمواطن ؛ بعد أربعة عشر عاما من الانقسام وفيها مئات الساعات من الحوارات والجلسات.. بعد أربعة عشر عاما من المناورات ، جاءوا يعلنون لنا أنهم مصلحون وأنهم سيصلحون! انظر قارئي (وأنا وأنت من مساكين هذا الشعب) ماذا جنى علينا أصحاب الرؤيا الانقسامية و الحزبية ؟ ثم ما دامت بيدهم الحلول الصائبة التامة فلماذا لم يُصلحوا منذ اعوام متطاولة ، رزح فيها شعبنا منقسما ، ليس تحت احتلال مجرم سفاح قاتل فحسب ، وايضا تحت أنظمة او _شبه حكم اصطلح علم فلسفة التاريخ في العالم كله على تسميتها بمنظومة الاستبداد الشرقي، التي امتدت بطول العالم العربي ومن الشرق الأوسط حتى الصين.
ولكلٍّ منهم بالطبع عوامله - مصالحه الحزبية والاقليمية الواضحة . لكننا لا نرى سوى العجائب
وقد نحاول العثور على ثغرة في هذا الواقع الآسن نحو تغيير وإصلاح يؤدي إلى خلاص وانعتاق شعبنا مما هو فيه ، وتنزل به النوازل والكوارث، وبرغم من ذلك يقف بعضنا بعضًا، ولم تجلب تلك التجارب سوى الخسائر المتتالية دون خلاص واضح في المستقبل المنظور ، نحن لسنا متفقين في العوامل السابقة ولذا احترم كل وجهات النظر والتمس العذر للمختلفين معي ،المهم الا نختلف كثيرا في تقييم الحاضر فنحن مسئولون عنه والمستقبل الذي يجب أن نساهم فيه.
و لكن حتى الآن - لا يوجد أي تقدم جدي باتجاه توحيد النظام السياسي باتجاه الوحدة بين أجزاء الوطن بين الضفة وغزة. وهذا الانقسام وصل الى حد مؤذي تماما للكل الفلسطيني. وقد بدا لنا أننا أمام مسرحية متعددة الفصول، فلم تنته بعد إنما يتم النفخ فيها ، بالأداء الأكثر بؤساً ، وهناك فارق شاسع بين ما نتمناه وما هو مفروض علينا أن نحتمله لنحقق ما نتمنى. بالضبط مثل الفارق بين النظرية والتطبيق.
المزعج هو هذه التراخ في انجاز الوحدة الوطنية والبدائية في التنفيذ، والرداءة في المعالجة. و البعض كثرت شكواه و ضنكت عيشته واختنقت روحه وضاق خلقه وعلا صوته؛ انها المعاناة بكامل أبعادها، فهل يتم رصد الانتقادات و المشكلات التي تواجه الناس وقياس اتجاه الرأي العام ورفع تقارير بشأنها للجهات المعنية كما هو الحال في معظم دول العالم ؟ من اجل فهم الغضب والاحتياجات ، التي قد تدفع البعض الى ما هو غير متوقع . و إزالة آثار الانقسام المدمر ، ومحاسبة المسئولين عنه بالحق والعدل، وليس توجيه الانتقادات .
فالانتقادات إذا ما كانت موضوعية ، ومن جانب مكونات مجتمعية تؤمن بالوحدة الوطنية ، وبالقانون والدستور ، لا تؤدي لتقويض أسس الوحدة الوطنية الحقيقية او القضية ، كما يدعي البعض. فالآراء والأفكار المختلفة عن الرأي الواحد، الذي يراد فرضه ، وإشاعة أجواء من حرية الرأي بما قد ينطوي عليه ذلك من انتقادات، يرسخ دعائم قضيتنا الشريفة العادلة ولا يقوضها. لكن للصبر حدود.. وبعدها فات المعاد.