تقدير إسرائيلي : الرئيس عباس يدفع ثمن تراجع علاقاته العربية

الثلاثاء 29 سبتمبر 2020 08:33 ص / بتوقيت القدس +2GMT
تقدير إسرائيلي : الرئيس عباس يدفع ثمن تراجع علاقاته العربية



القدس المحتلة / سما /

قالت كاتبة إسرائيلية خبيرة في الشؤون الفلسطينية إن "اتفاق إسرائيل مع الإمارات العربية المتحدة أحرجت الفلسطينيين بشكل لم يعرفوه من قبل، بحيث تلقى محمود عباس، الدبلوماسي الفلسطيني المخضرم، ضربة شديدة، ما يطرح السؤال حول إمكانية التعافي منها، وإعادة القضية الفلسطينية لجدول الأعمال الإقليمي والدولي".

وأضافت دانة بن شمعون في مقالها على منتدى التفكير الإقليمي، ترجمته "عربي21"، أنه "في نوفمبر 2012، صعد رئيس السلطة الفلسطينية على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحظي بتصفيق كبير، ثم احتضنه العالم، واعتنقه بحرارة، وكان واضحا للجميع أنه "فعلها"، وجلب إنجازا لشعبه، وعاد لرام الله بنجاح تاريخي، وتم اعتماد تصويت الأغلبية الذي يرسخ مكانة السلطة كدولة مراقبة، وليست عضوا في الأمم المتحدة".



وأشارت إلى أنه "على مدى العقد الماضي، انضم الفلسطينيون لعدد من المنظمات الدولية، ووقعوا عشرات الاتفاقيات الدولية، وحصلوا على ختم قانوني ليكونوا جزءا من أسرة الأمم المتحدة، وشكل هذا فصلا جديدا في التاريخ السياسي الفلسطيني، وإشارة إلى أن سياسة عباس في "دبلوماسية الصراع" تثبت نفسها، ومع هذه النجاحات، فتحت شهية عباس بتصميمه في هجوم دبلوماسي واسع النطاق".

اقرأ أيضا: الانتخابات مدخلا لإصلاح البيت الفلسطيني؟!


وأوضحت أن "عباس اعتقد أن هذه الطريقة الصحيحة والأكثر فائدة للضغط على إسرائيل، لإجبارها على العودة لطاولة المفاوضات، ولكن في النهاية حدث العكس، حيث شددت إسرائيل مواقفها، وشنت حربها الدبلوماسية الخاصة، متضمنة مغازلة الدول العربية، لمحاولة إقامة علاقات معها خارج القضية الفلسطينية، ثم جاءت "صفقة القرن" للرئيس ترامب، وحاول الفلسطينيون إقناع الدول العربية برفضها، ولكن بعد فوات الأوان".


وزعمت أن "الفلسطينيين لم يقرأوا الخريطة بشكل صحيح، بل بقوا أسرى التصور القديم والمألوف بأن الدول العربية لن تتخلى عنهم بأي ثمن، وكأن الشرق الأوسط هو نفسه، والمصالح ستخضع للأبد لمبادئ مقدسة، ما اضطر عباس لإرسال مبعوثيه لكل قارة ممكنة، كان مغرما بالأوروبيين، وعزز علاقاته معهم باستمرار، وفي علاقاته مع الدول العربية استثمر أقل قليلا".

وأضافت أن "عباس اعتقد أن العرب في جيبه، ولم يخمّن أن شيئا ما في الشرق الأوسط قد يتحرك دون إحراز تقدم بشأن القضية الفلسطينية أولا. وفي كلتا الحالتين، جاءت دعوة الاستيقاظ مع إعلان الاتفاق بين إسرائيل والإمارات، وتلقت القيادة الفلسطينية صفعة مؤلمة على الوجه، ودفعت الصدمة الأولية كبار مسؤوليها للرد بغضب على الإمارات، ووصفت اتفاقيتها مع إسرائيل بالخيانة والطعن في الظهر".

وأشار إلى أن "عباس خلع بدلة الدبلوماسي، وهاجم الإمارات بشكل علني، واختار هذه المرة سياسة (كل شيء أو لا شيء)، مع العلم أنه أثبت كيف يخرج نفسه من الأزمات، ويجد سلالم للنزول من الشجرة عندما يرغب بذلك، كي يتعافى قليلا من الضربة التي تعرض لها، والاستفادة من الزخم الناتج عن رفض خطة الضم".

وأوضحت أن "السنوات الأخيرة شهدت سلوكا من القيادة الفلسطينية اتسم في الغالب بالرد وعدم المبادرة، وبدلا من الانغماس في الإحباط والغضب، كان بإمكان عباس اقتراح خطة مضادة لترامب، وطرح مبادرته على الطاولة".

وتساءلت: "هل يجد عباس الآن أذنا صاغية، وينجح بتحقيق التعاون؟ أم سيواجه ترددا بين بعض الدول التي لن توافق على تعريض علاقاتها مع الولايات المتحدة للخطر، والدخول بمواجهة معها؟ وهل ينجح بالحصول على وعد من الدول العربية بأن الدفء بعلاقاتها مع إسرائيل سيكون مشروطا بحل القضية الفلسطينية ودفع المفاوضات؟ وهل ينجح بالتأثير على المغرب وعمان والسودان والسعودية وبقية دول الخليج؟".


وأشارت إلى أن "هناك فرضية أخرى، مفادها أنه قد يحدث العكس، بمعنى أن الدول العربية ستحاول إقناع عباس بقبول الجزء الاقتصادي من صفقة القرن، وفتح قنوات اتصال هادئة مع الأمريكيين، والتوصل لاتفاقيات غير بارزة، ما يؤكد أن القيادة الفلسطينية تنتظر قرارات صعبة، وسيتعين عليها تقييم سياساتها، وإعادة فحصها بمواجهة الحقائق المتغيرة".

وأكدت أن "دبلوماسية الصراع التي انتهجها عباس أثمرت عن نتائج لم تصمد قط، وعند مفترق الطرق هذا، عليه أن يختار إطلاق خطوات وبناء استراتيجية مختلفة عن سابقاتها، رغم التساؤل القائم حول تأثير التطورات الأخيرة، ولعل الفلسطينيين يدفعون ثمنا باهظا لإهمال العلاقات بالدول العربية، وغياب المبادرة، والنتيجة هي فشل دبلوماسي لاذع ومدوّ، وليس من المؤكد أن عباس سيوقف قطار التطبيع الذي انطلق بالفعل".