خبراء يحذرون من المخاطر البيئية وتضرر التربة بسبب جدار العزل في غزة

الثلاثاء 22 سبتمبر 2020 02:16 م / بتوقيت القدس +2GMT
خبراء يحذرون من المخاطر البيئية وتضرر التربة بسبب جدار العزل في غزة



غزة / سما/

حذّر خبراء وبيئيون من مخاطر جدار العزل العنصري تحت الأرض، الذي يواصل الاحتلال إقامته بصورة متسارعة شرق وشمال قطاع غزة، بذريعة "مكافحة أنفاق المقاومة"، مؤكدين أنه يتسبب بحصار مائي خطير للقطاع، ويفقد الأرض خصوبتها وحيويتها، في حين اشتكى مزارعون تقع أراضيهم قرب الجدار المذكور من تراجع كبير في خصوبة التربة منذ بدء إنشائه.


حصار مائي
ويؤكد الدكتور أحمد حلس، رئيس المعهد الفلسطيني للبيئة والتنمية، أن الجدار المذكور والذي ينزل في باطن الأرض بعمق عشرات الأمتار، يحرم قطاع غزة من كمية مياه كبيرة "سطحية وتحت أرضية"، تقدر بملايين الأمتار المكعبة، كانت تصل من منطقة النقب وتغذي الخزان الجوفي المنهك، حيث يصل استهلاك قطاع غزة السنوي من الخزان المذكور 220 مليون متر مكعب من المياه لخدمة 2 مليون نسمة، في حين أن 70 مليون متر مكعب فقط من مياه الأمطار تصل إلى الخزان الجوفي، وأن الجدار سيحرم غزة من نصف هذه الكمية على الأقل.

وأوضح حلس أن "الجدار" جاء امتداداً للحصار المائي الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ عقود طويلة، والذي بدأ في سبعينيات القرن الماضي؛ حين أنشأ الاحتلال سدوداً وعبارات مياه حرمت القطاع من جريان وديان سطحية كانت تمد القطاع بالمياه مثل وادي السلقا ووادي غزة، وهذا حجب ما بين 25 – 30 مليون متر مكعب من المياه سنوياً. ثم بدأت المرحلة الثانية بسلب المياه العذبة عبر ٢١ مستوطنة كانت تمتد من شمال قطاع غزة حتى جنوبه، قبل الانسحاب الإسرائيلي من القطاع.

أما المهندس نزار الوحيدي، خبير التربة والمياه، والمدير العام السابق في وزارة الزراعة، فأكد أن "الجدار" له آثار بيئية مدمرة، فهو يمنع التبادل الحيوي الطبيعي فوق وتحت الأرض، ويحول دون الحركة الطبيعية للكائنات الحية من حيوانات أو زواحف أو ديدان، كما أنه يمنع الحركة الطبيعية للكائنات الدقيقة تحت الأرض، فهناك كائنات دقيقة ومجهرية تتحرك باستمرار داخل التربة، وتعمل على تجديد خصوبتها ومنحها حيوية وقابلية للزراعة، وهذا يتوقف تماماً بفعل الجدار الذي يمتد عشرات الأمتار في باطن الأرض، ويشكل فاصلاً صناعياً.

بينما أوضح حلس أن للجدار تأثيراً بيئياً خطيراً على الطبيعة الجيولوجية للتربة الزراعية الشرقية لقطاع غزة، وذلك في مرحلة البناء والإنشاء وعمليات الحفر التي تتزامن مع ضخ ملايين الأمتار المكعبة من الخرسانة التي تحمل مواد مضرة بالتربة، إضافة إلى الآليات التي تدك الأرض وتخلّف مواد ضارة بالبيئة، ناهيك عن تأثيرات الجدار حال اكتمال تشييده.


تراجع خصوبة التربة
وأكد عدد من المزارعين أن الجدار أدى إلى تعطيش التربة وفقدانها لحيويتها، ومع مرور الوقت انخفضت الخصوبة، وبدأ معظم المزارعين يشعرون بآثار سيئة للجدار المذكور.

ويقول المزارع خالد قديح: إنه بات يضطر لزيادة الاعتماد على الأسمدة والمخصبات الكيماوية، في محاولة لمواجهة تراجع خصوبة الأرض بالمنطقة الشرقية لمحافظة خان يونس.

ووفق قديح، فإنه منذ العدوان الإسرائيلي على القطاع صيف 2014، وإلقاء آلاف الأطنان من المتفجرات على الأراضي الزراعية، بدؤوا يلمسون تراجع خصوبة التربة، وقد ازدادت الأمور سوءاً منذ شرعت إسرائيل ببناء الجدار المذكور، وهذا أسهم في فقدان التربة لحيويتها، واتساع بقع التصحر في الأراضي الزراعية، وضعف الإنتاج الزراعي بشكل عام.

وشهد تصحر التربة وتراجع خصوبتها شرق القطاع تزايداً كبيراً خلال السنوات الماضية، إذ بلغ قبل العام 2015 نحو 115 ألف دونم، وزاد بواقع 50 ألف دونم حتى بداية العام 2019، وتواصلت الزيادة بعد إنشاء الجدار.

ونشرت وسائل إعلام عبرية معلومات تفصيلية عن الجدار الذي يتواصل بناؤه حول قطاع غزة، وهو عبارة عن حاجز إسمنتي فوق وتحت الأرض يمتد على حدود غزة بطول 60 كيلومتراً، حيث يبلغ "عرض قاعدة الجدار 50 متراً، وارتفاعه 6 أمتار فوق الأرض، وتم تثبيته بوسائل تقنية متقدمة لتوفير تغطية كاملة واستكمال الخط الدفاعي".

ويعمل في إقامة الجدار 1400 عامل أجنبي قدموا من عدة دول، في مجموعات منتشرة على طول مسار الجدار، حيث تعمل حوالى 50 مجموعة عمل في نفس الوقت، ولديها حوالى 100 آلية هندسية متطورة"، كما تبلغ التكلفة الإجمالية لإنشاء الجدار حوالى 3 مليارات شيكل.

الايام