المائدة المرتفعة ،،، محمد سالم

الخميس 17 سبتمبر 2020 11:14 ص / بتوقيت القدس +2GMT
المائدة المرتفعة ،،، محمد سالم



لأن المعاناة واحدة.. لم ولن يُدركها إلا من هو بداخلها.
ولأنّ قضيتنا  أسمى بالنسبة إلينا،  شاهدنا ذلك متألمين وبما أنّنا قادرين على تحمل العيش تحت الخطر الدائم ، وقدر شعبنا أن ينال تلك الضربة القاسية، لتضاف إلى سجل الألم الفلسطيني وسجل الانكسارات العربية ، وهو نفاق عربي غير مطلوب في السياسة.. المجاملة ممكن ان تكون مقبولة، لكن النفاق في السياسة أمر خطير للغاية. وتبين بوضوح المستوى الذي انحدر إليه الفكر السياسي والسلوك العربي

أنهم ألافضل.. خلف  المائد المرتفعة.
وتقليد المائدة المرتفعة:  يستخدم للأعضاء وضيوفهم في كليات أكسفورد، وكامبردج  وكلّيات ومعاهد أخرى في بريطانيا، وتوجد عادةً في قاعة العشاء على منصة مرتفعة ، ويُرتدى خلال الجلوس عليها رداء أكاديمي رسمي . لكن خلف المائدة المرتفعة في البيت الابيض..
كان المشهد فاضحا و فادحا ووضحا.
كان يومًا كارثي بجوٍّ رطبٍ ثقيل ، بعد أن هللت الصحافة وقنوات الاعلام..  حفلً...البيت الأبيض وتوقيع اتفاقيتي سلام بين الإمارات وإسرائيل، والبحرين وإسرائيل. و الاتفاق سوف يغير وجه الشرق الأوسط" و ... و  و كلام كله كلام. 

من قبل شخصيات تبدو  أنّها قادمة من عالم  الحكايات الخيالية ، وجميع القصص الخيالية كانت وكما هو الحال مثيرا  للسخرية، وبين الزائرين  الأقل شأنًا ومن خص باستقبال حارّ من اجل صفقةً مواتيةً للغاية وبين كلمات تافهة، مضيعةً للوقت، لا تستحق بذل جهد لسماعها وتفتقر إلى التجانس واشبه بالقعقعة الطويلة وتوقفات وتنافر مزعج ،  لم يلزمني الامر اكثر من دقيقة استماع لأدرك أنّ هذا المؤتمر لم يكن إلا لمديري جنازات  يسوّقون لمنتجهم وهي أكفان ، أخوة  عربية تصورنها ، والبعض متسترًا في موقف لا يحسد عليه  بوجود قوى عظمى تلعب مثل تلك الألعاب الخطرة بحقوق وحياة ومستقبل شعب يكافح من اجل الحرية والاستقلال.

ذلك اليوم جلست  مع عائلتي بكاملها  في دائرة صمت للمشاهدة والاستماع،  بينما جلستُ على الأرض على وشك الانفجار ، مع واقعًا تجاوز أقسى توقعاتنا ؛  لكنني  لم أخفي وجهي نيابة عن بعض العرب، استشعرت استياء وبددت الآمال بالمستقبل، لمن أصيب بخيبة أملٍ وانتزاع الظفر من اللحم ،  شعرت بالحيرة من هؤلاء الناس الذين يلعبون بثقة دور محامي الشيطان، ولكن بصورة مختلفة  او كمن يحاول  اخفاء الأتربة والغبار تحت السجادة  وكأن لا أثر لها. ويتباهى بالانسلاخ عن المبادئ العربية والإسلامية، ويتنكر لقضية الشعب الفلسطيني المظلوم.

أمام  دولة مارقة وخارجة عن القانون وتنتهج أساليب القتل والحرق والارهاب والتصفيات دون الأخذ بعين الاعتبار اى ضوبط او قواعد انسانية او قانونية او اخلاقية ولا يدل الأ على نظام قطاع الطرق يمتهنون الجريمة للوصول الى مأربهم وتحقيق سيطرتهم ومصالحهم.

لم يكن أحد  متأكدًا من أنّ هناك مستقبلًا يمكن التطلع إليه ؛ نحن الذين أجبرتهم الظروف على عدم الثقة بالكبار والتطورات المروعة المتوقعة منهم رغم كل التقلبات العاصفة وشدائد الحياة التي واجهتنا حيث لا يمكن توقع ما هو قادم وبقي لنا أن نتكهن ، باستثناء  تصاعد الحروب وآثارها الهائلة و صراعات سباق التسلح  الغير المنضبط في كل الشرق الاوسط ،فى مشهدٍ تسيطر عليه مضخات النفط المنتصبة برافعاتها الشبيهة بالوحش ألاسودَ يومئ برأسه صعودًا وهبوطًا.

شعرت بظهور شريكة ثانية بعد امريكا  تتسلل إلى الخليج ، وإذ تظهر تلك الشريكة لأول وهلة على شكل صديقةٍ هادئةٍ موثوق  بها، تشير إلى طريق التعاون والتقدم والنجاح والإنجاز ، لمن يتبعها لكنها أثبتت في الحقيقة أنّها منافسة شرسة، بارعة كأي عشيقة، تستدرج عشاقها بجاذبيتها الساحرة لتستحوذ عليهم كليا و تمدّ لهم  يد العون بطريقةٍ ما ولكن بثمن مرتفع للغاية. تلك المرأة المبهرة على الرغم من تألقها لتكون هي الاستثناء الذي يحصد محبة الجميع. يسيطر عليها شعور غامر  بالذل و العزلة عن بقية الحضارات .

وما زالت آثار العزلة  والذل و الصراع باديةً على قسمات وجهها الدموى ، برغم شبح الابتسامة، لتعوض  الازدراء الذي كانت محاطه به  ؛ وحروبها المأساوية التي عصفت بالشرق والغرب ، والتي كشفت عن نزعة فاشية قبيحة قاسية،  وبرغم وحشيتها وهمجيتها ، وإفراط القوة التي كانت تطغى على سلوكها الزائف.

عادة تسير الأمور معها مفجعة ، تتجه إلى التأزم في البادية .. والخراب التام في النهاية ؛ للأسف لن يكون هناك الكثير لتقدمه لهم ، وسوف  تتلاشى الاوهام الانفعالية بشأن الاستقرار والمصالح ،  لأنها ببساطة غير جديرةٍ بالثقة فقد ورثت تراثًا مشبوهًا لكيان يشارك في عملية ضخمة لهدر الأموال وتبذير الثروات ويكبّلًا الشعوب بالمشكلات الاقتصادية المتصاعدة والاضطرابات المتكررة ، فامبراطورية فسادهم لا تغيب عنها الشمس . لننتظر : ولأيام أفضل جهاز لكشف الكذب.