اهنئكم على اجتماعكم الذي جاء بعد غياب ، والتئم بعد سنين من محاولات اللقاء ، وتزامن مع ظروف لا تخفى على احد منكم ولكنها للأسف بدت انها اكبر منكم مجتمعين.
تابعكم شعبكم، كل طفلٍ وشيخ وشاب وفتاة، كما تابعكم من هم في أجيالكم، وهم يعلمون انكم سبباً في كل ما وصلنا اليه من تراجع وانحسار، وفقرٍ وجوع وانقسام وتعصب لاحزابكم وبرامجكم التي لم تلبي حاجة طفل لحليب يومه، ولا سدت رمق أسرة لا تجد قوت وجباتها، ولا وفرت علاجاً لمريض يعجز عن شراءه، ولا قدمت رسوم طالب متفوق لا تستطيع أسرته تسديد رسوم دراسته، ولا حمت خريجاً بذل جهداً وعرقاً وسهراً من أجل أن يسند والديه، فوجد نفسه أمام بسطةَ سجائر مجبراً على بيعها، او متسولاً او منتحراً، ولم تحفظ نساء شعبكم اللاتي يعشن ليالٍ واياماً وسنين يبدو أنه يصعب على أي منكم فهمها أو الإحساس بها.
اجتمعتم اخيرا وتبادلتم الكلمات بالترتيب، حرصتم على أن يتحدث كل واحد منكم ليدلو بدلوه ويقدم موقفه تجاه قضية تدعون انها واحدة ذات هدف واحد وثوابت واحدة، وفي الواقع لم يجمعكم لا قضية ولا ثوابت ولم يوحدكم عذابات آسرى ولا دماء شهداء، تنافستم على من يتحدث أفصح من الآخر، ومن يجيد استخدام اللغة والبلاغةِ وطلاقة اللسان، ومن يجلس في المقدمة، واهتميتم ببروتوكول أقرب إلى وهم وتهريج مقابل نتائج أعمالكم.
أخيراً اجتمعتم، وقد كحل شعبكم عيونه بمشاهدتكم وقد وعي معظم الشعب على غالبية اسمائكم منذ خمسون عاماً وما زالتم في مواقعكم لا تعترفون بتعبٍ ولا فشلٍ تتذرعون أن نضالنا مفتوحٌ وقد يستمر مائة عام أو أكثر، معتقدين أن لديكم سر التحرير والاستقلال، وأنكم إن تركتم المواقع ستنتهي القضية، وستخترق القلاع، وستسقط الحصون كأنكم الرماة من على الجبل.
أخيراً اجتمعتم والقيتم خطاباتكم ظانين أنكم تقدمون وصفاتكم السحرية لطريق العودة والاستقلال اللتان اضعتموهما، وتجاهلتم أن شعبكم الفتي الشاب يتفوق عليكم بسنوات ضوئية من الثقافة والعلم والكفاح والصمود، وأنكم تكلستم ولم تسجلوا نجاحات واقعية، بل مستمرين بذات الشعارات والخُطب التي أكل الدهر عليها وشرب.
اجتمعتم أخيراً وشعبكم منقسم منهم من قطعت رواتبه على أيدي بعضٍ منكم، وجزء منه معاقب من بعضكم، وآلاف منهم اعتقلوا وعذبوا في سجون البعض منكم، ولم يستطع البعض الآخر منكم إعادة راتب قطع، ولا تحرير معتقلٍ لديكم، ثم أتيتم لتقولوا لهم أنكم ربن السفينة تقودونها نحو الحرية والكرامة!
فهل من سلبت كرامته من بعض منكم، ممكن أن يقتنع بقيادتكم نحو الانعتاق من العبودية وتحقيق الكرامة والاستقلال!
كنت أود أن أختم رسالتي بنصيحة، ولكن أعلم يقيناً أنها لن تجد منكم اهتماماً، فقد انهك شعبكم مطالبةً ومنشادةً واستغاثةً ورجاء من أجل أن تتوحدوا وتنكرتم له، وبقيتم تدعون تمثيلكم للشعب الفلسطيني مغتصبين إرادته وحقه قي اختيار من يمثله.
لقد اجتمعتم وغاب عن اجتماعكم الشعب الفلسطيني.