هآرتس: بهذا تضمن إسرائيل وجودها إلى الأبد وتدخل جامعة الدول العربية

الجمعة 04 سبتمبر 2020 06:47 م / بتوقيت القدس +2GMT
 هآرتس: بهذا تضمن إسرائيل وجودها إلى الأبد وتدخل جامعة الدول العربية



القدس المحتلة /سما/

 هآرتس - بقلم: جبريئيل موكيد "يبدو لي بأن ما يسمى المعسكر الوطني لدينا (في المقام الأول الليكود)، لا يثبت لنفسه بأنه أصبح موجوداً في الوضع الأقرب لتحقيق التطلعات القومية السائدة لديه، فإذا نظرنا إلى أرض إسرائيل/ فلسطين بالتزامن مع قطاع غزة والمملكة الأردنية، فنحن بالفعل في وضع قريب جداً من رؤيا جابوتنسكي حول ضفتي نهر الأردن. صحيح أن الشعار المعروف لجابوتنسكي “هناك ضفتان للأردن، هذه لنا وتلك أيضاً لنا”، يجب أن يمر بتحديث بسيط للشعار الموضوع في عنوان هذا المقال. أطلب من القراء النظر فيه بصورة يكون فيها هذا الشعار قريباً من شعار آخر معروف لجابوتنسكي الذي سيخلق وضعاً يرضى به “ابن العرب وابن الناصرة وابني”.

ماذا أعني بهذا التصريح الذي يبدو مثيراً بشأن وضع سياسي وأمني أصبح قريباً اليوم من حلم جابوتنسكي، دون حاجة إلى أن نزيد عليه مستوطنات عبثية على التلال. فمن الجانب الغربي لنهر الأردن يسود هدوء وتعاون أمني مع السلطة الفلسطينية، كما يوجد تعاون أمني بعيد المدى مع المملكة الأردنية، الذي يمنع دخول جيوش أجنبية إلى هذه المملكة. هكذا وجد فضاء أمني واحد من البحر المتوسط وحتى صحراء العراق. هذا الإنجاز الجيوسياسي مهم جداً. هذا الإنجاز مهم وليس ذا خطوتين فارغتين، الأولى رسمية والثانية تكاد تلمس السطح المادي: الخطوة الرسمية الزائدة هي محاولة ضم أجزاء مختلفة من أراضي الضفة الغربية إلى جانب خلق عداوة في معظم دول العالم، وبالطبع من جانب الفلسطينيين أنفسهم. في حين أن الخطوة العبثية الثانية هي إقامة مستوطنات صغيرة على رؤوس التلال في السامرة. من الواضح تماماً أن الوضع الأمني الحالي يقتضي، من خلال علاقة مع السلطة الفلسطينية من جانب ومع المملكة الأردنية من الجانب الآخر، تعمقاً ثلاثياً: في مجال التطوير الصناعي، وفي مجال الثقافة، وفي مجال السياحة والقدس. وأضيف هنا بأن المنظمة الإرهابية الأولى في غزة، حماس، قررت فعلياً التوصل إلى تسوية لوقف إطلاق النار لفترة زمنية مقابل تسهيلات تكنولوجية ومالية في إدارة القطاع (السلطة الفلسطينية تعارض خطوات مصالحة كهذه مع حماس من خلال خوف مبرر من إقامة دول فلسطينية صغيرة).

يجب أن لا تكون الخطوة القادمة لحكومة إسرائيل هي عمليات الضم العبثية على أشكالها، بل مناقشة جدية مع السلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية ومعظم الدول العربية. ويجب أن يكون النقاش حول التقدم التدريجي من هذا الوضع بالاتجاه السياسي، موازاة باتجاه التعاون الاقتصادي بعيد المدى وإزالة مظاهر العداء والتشهير في العلاقات الثقافية بين الشعوب. في هذا المجال، يجب على السلطة في المقام الأول أن تفعل الكثير لتكف عن إنكار التاريخ اليهودي في هذه البلاد، مع رؤية أحادية الجانب لأحداث القرن العشرين.

من المفهوم أن برنامج التطوير الاقتصادي الموجه بالأساس للتعاون مع السلطة الفلسطينية، يجب أن يكون له زخم واضح ويرفع العلاقات القائمة اليوم مع جمهور العمال في الضفة. ويجب أن تكون هناك برامج تطوير رئيسية في مجالات المياه والكهرباء والصناعات المتطورة مندمجة مع برامج تدريجية ولعدة سنوات لتأهيل أحفاد اللاجئين الفلسطينيين، الذين لن يكتفوا بدفع التعويضات في أماكن سكنهم.

أيضاً لا يوجد شك بأن ميناءي حيفا وأسدود ستستخدمان في حينه بصورة موازية كموانئ لدولة إسرائيل والدولة الفلسطينية الآخذة في التشكل والمملكة الأردنية. عندها أيضاً لباقي الدول العربية المعتدلة. أي للجميع (بما في ذلك النظام في العراق) باستثناء سوريا بشار الأسد. وأضيف إلى هذا بأن ما يدور الحديث عنه ليس فقط تطويراً صناعياً ذا زخم كبير – من شبكة كهرباء وحتى قناة البحرين وتطوير منطقة البحر الميت وحقول الغاز – بل تطوير مشترك بمستوى كبير للسياحة في الأرض المقدسة، حيث 20 مليون سائح يعتبرون هدفاً مرحلياً.

وعلى هذه الخلفية، فإن الامتناع عن إعطاء مكانة رمزية لحكومة فلسطينية في جزء من البلدة القديمة في القدس سيعتبر بخلاً غير حكيم. على الرغم من أن هذا الجانب المتعلق بالقدس سيتطلب أيضاً تفكيراً إبداعياً في إدارة أجزاء مشتركة معينة في المدينة المقدسة، بما في ذلك المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وحائط المبكى.

ليس هناك شك في أن إطار برنامج كهذا وحلماً كهذا أيضاً سيطلب من الفلسطينيين تغييرات تتعلق بهم كشرط لاستقلالهم، بدءاً من الخطة التدريجية لملء الاستقلال بمضامين مختلفة وحيوية، وبالأساس التنازل في المجال الفكري. يجب عليهم التضحية بضحيتين:

الأولى، تنازل معين عن رواية نكبتهم، التي تتهم الجانب اليهودي – العبري بكل عواقب النزاع التي تتمثل بنفيهم الجزئي. والثانية هي أن عليهم تغيير مناهجهم التعليمية، المليئة بالتشهير غير المنقطع بالاستيطان اليهودي في البلاد وإنكار التاريخ اليهودي فيها. في النهاية أيضاً، على الرئيس محمود عباس (أبو مازن) أن يفهم ولمرة واحدة بأنه ليس هو الذي يحدد بأن هناك شعباً يهودياً في العالم وما هو، وبأن ادعاءاته وادعاءات السلطة القائلة بأنه لم تكن هناك ممالك يهودية في البلاد يوماً ما، هي ببساطة تزوير تاريخي غير معقول.

أضيف إلى ذلك بأنه حان الوقت لأن تتوصل الأمتان الساميتان الكبيرتان، العبرية والعربية، اللتان بقيتا على قيد الحياة وخلقتا في العصور الوسطى عصراً ذهبياً من الثقافة المشتركة، إلى تفاهم وصداقة. وفي هذا السياق، من المهم أن يبادر رجال الفكر والأدباء المستقلون من كلتا الأمتين إلى إقامة مشاريع مشتركة في المجال الثقافي ويجندوا دعماً من العالم كله.

من الواضح من كل أقوالي هذه أنني لست من مؤيدي الشعار الذي يركز فقط على “إنهاء الاحتلال”. في رأيي، الأهم هو برنامج السلام والتعاون، وإن كانت النتيجة على الأرض تسمى هذه الدول الثلاث بكونفيدرالية أم لا. ولكن إذا كنا قد ذكرنا مفهوم كونفيدرالية، فمن المفضل التفكير باحتمالية أن يكون لكل مواطن من وحدات الكونفيدرالية الحق في حرية الحركة والتجارة والعمل في أرجاء البلاد في ضفتي الأردن (باستثناء الحق في شراء الأراضي، وذلك من أجل تهدئة مخاوف السيطرة على الأرض). أجل، سيكون لكل مواطن حق غير محدود في زيارة محدودة بالأماكن التاريخية الهامة له.

في النهاية، حسب رأيي، إن الكونفيدرالية، هذه الوحدة السياسية كلها، يجب أن تقبل كعضو ثانوي في جامعة الدول العربية،  الأمر الذي يعزز دولة إسرائيل، بل والجامعة كلها أيضاً. وكل هذا حسب رؤية حلم زئيف جابوتنسكي بشأن الجدار الحديدي الذي يضمن وجود إسرائيل إلى الأبد.