ليلة امس مات ثلاثة اطفال حرقاَ بفعل شمعة في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين ’ مخيم النصيرات بقعة بائسة في عالمنا مثله مثل 59 مخيما انتجتها النكبة الفلسطينية قبل 73 عاما في كل من قطاع غزة والضفة الغربية والاردن وسورية ولبنان كلها تتشابه في البؤس والحرمان الا أن اكثرها بؤسا مخيمات قطاع غزة الاثني عشر مخيما ... في ليلة سوداء قاحلة كليلة امس كان الظلام يحف قطاع غزة بأكمله, فعدد ساعات الكهرباء التي تصل لقرابة 2 مليون مواطن هي اربع ساعات في اليوم نظرا لتوقف مولدات محطة الكهرباء الوحيدة في غزة بسبب انقطاع الوقود الذي يأتي عبر اسرائيل بتمويل قطري ... يترتب على انقطاع التيار شلل كامل في كافة مناحي الحياة , فمع درجة حرارة 35 في صيفنا الحار تعيش غزة في ظلام دامس و تنقطع ايضا المياه وتعوم مياه الصرف الصحي شوارع غزة وازقة مخيماتها او في افضل الاحوال تصب في البحر ... ناهيك عن تفشي فايروس كورونا في ارجاء مدن ومخيمات القطاع الحزين ... في مكان كغزة تعتبر المروحة الكهربائية نوع من انواع الترف يحسد اصحابه عليه اما المكيفات الكهربائية فأصحابها البرجوازيون يضعونها على جدران منازلهم مناظر لا تعمل لأنه ببساطة لا يوجد كهرباء تحركها ... وفي حلكة الليل وسكونه لا تسمع الا طائرات الاحتلال الجاسوسة التي تنقل معلومات وتصور كل شي على هذه البقعة السوداء من العالم الحر .
يوسف ومحمد ومحمود ثلاثة اطفال من عائلة الحزين وسبحان الله عائلة اسمها على مسماها ... فوالدة الاطفال ككل النساء الفلسطينيات تلملم نفسها وتدبر شانها في اطعام ابنائها أي شيء تسد به رمق جوعهم ... فكما علمتنا امهاتنا ( ان الخبز الحاف بيصنع كتاف ) اكل الاطفال خبزهم بالكاد فال 100 دولار المنحة القطرية الشهرية التي ينتظرها معظم سكان القطاع لم تصل بعد , ونصف رواتب الموظفين الذي يتقاضونه من الحكومتين الفلسطينيتين شمالا وجنوبا تاخرت والكل يترقب جوعا وعطشا وحرا , وكورونا و اخبارها حديث الجميع .
مات الاطفال الثلاثة محروقين بفعل شمعة اضاءتها عليهم الام الثكلى كي تمسح عنهم ظلام ليل غزة وظلمها .. مات يوسف وتبعه محمد ولحق بهم محمود ، ناموا ولم يستيقظوا لنهار جديد , ذهبوا عند الله طيورا للجنة تلعن ارواحهم من تسبب في بؤس حياتهم ... فالأسباب كثيرة وكثيرة لن نذكر منها سوى الانقسام الفلسطيني البغيض الذي حول حياة الفلسطينيين الى جحيم لا يطاق , فأربعة عشر عاما مضت تحول فيها المولود الى فتى يانع وما زال قادة الشعب الفلسطيني في غزة والضفة المنتهية صلاحيتهم جميعا يختطفون الشعب وما تبقى من وطن ان كان قد تبقى شيئا... اربعة عشر عاما وعشرات الجولات من المصالحة لم تنجح أي منها من اتفاق محبة حقيقي يسعد به الشهداء قبل الاحياء .. 14 عاما وما زالت النفوس شحيحة منغمسة في الحقد والكراهية وال أنا , لم تعد البراءة موجودة لدينا ولم يعد للفدائي والمجاهد هيبته لان مصلحة حزبه طغت وتجبرت وتكبرت وهيمنت على مصلحة الوطن والمواطن , ولم تعد فلسطين هي الاكبر منا جميعا ... ولا نستغرب كثيرا حين تأتينا الطعنات من اشقائنا العرب ولا نندهش حين تقتحم طائرات الاحتلال التي احتلت ارضنا اجواء بلادنا العربية بحثنا عن سلام على حساب فلسطين الجميلة التي رسمناها حين كنا صغارا من بحرها الى نهرها .
هل ستكون جريمة حرق الاطفال الاخيرة ؟
من هو خصم محمد ويوسف ومحمود عند الله ؟
متى سيفتح المعبر كي نشهد هجرة جديدة من شبابنا هروبا من جحيم غزة ؟.