مربط الفرس.. بقلم: محمد أحمد سالم

السبت 15 أغسطس 2020 04:17 م / بتوقيت القدس +2GMT
 مربط الفرس.. بقلم: محمد أحمد سالم



غزة /سما/

يقال في الأمثال" المصائب لا تأتي فرادى" أي أنها تأتي متتابعة في الكثير من الأحيان. المهم أن يصمد الإنسان للمحن، ويدرك أن لا شيء يدوم على حال ، وأن بعد العسر يسرا، وأنه بعد العاصفة يأتي الجو الصحو دائما. ولا تخلو حياة الشعوب من الإخفاق والتعثر، كما لا تخلو من النجاح والتوفيق . والمهم في جميع الأحوال أن يستخلص الإنسان الدروس من تجارب الفشل ويبحث في الأسباب التي أدت إليه ويحاول بقدر الإمكان معالجتها حتى لا يتكرر الفشل مرة أخرى.. أما البكاء على اللبن المسكوب، والحزن، والاكتئاب فليس لها أي فائدة بل وقد تلحق الضرر بالإنسان وقضيته ، فيكون فشله في هذه الحالة مضاعفا .

فأينما حل الدمار والخراب والفتنة كانت "إسرائيل" هي الرأس المدبِّر ويعينها على ذلك  حلفاءُها و رؤوس الفتنة و الفساد في الوطن العربي.
وعلينا أن نفهم أن قضية العرب، الشريفة العادلة و ما كان يمكن أن تنزوي، ويتطاول عليها الأقزام على النحو الذي رأيناه، لولا سنوات الانفصال و التيه وسنوات الغفلة والغفوة في عهد رداءة الممثلين ، واصاحب الاستراتيجية  الكلامية - الكلام كله كلام ، والذرائع البليدة ، والتي  ثبت مع مرور الوقت زيفها، وأنها ليست سوى أكاذيب كرى. تحمل في داخلها الكثير من  المصالح - الغير وطنية ، فجسد القضية  لن يتعافى على المدى الطويل إلا إذا أصبح جهازها المناعي قويا والجهاز المناعي يصبح قوياً عندما تكون هناك وحدة وطنية حقيقية بجانب حياة سياسية مفتوحة وحياة حزبية سليمة ، ومنظمات مدنية ونقابية قوية.

ولكن بين الترقّب والانفعال ,فالنقاش العام – اقصد موضوع الوحدة الوطنية.. في الوقت الراهن- وهو بالمناسبة نقاش فقير وبائس – تسيطر عليه إما ادعاءات متهافتة ، من قبل من يطلقون على أنفسهم خبراء، بامتلاك الحقيقة المطلقة ، فتعيد إلى الأذهان العصر الذهبي للمسرح الكوميدي ، وبجانب عمليات تسفيه لأصحاب الرؤى والأطروحات المغايرة من خلال شخصنة الاختلاف ونزع الشرعية عن الاخر ، وتخوينهم، أو تكفيرهم . ولعل هذا هو السبب في أننا لم نحقق تقدماً يذكر في فهم أي قضية ، أو أي معضلة من المعضلات  الوطنية او الفكرية التي تواجه قضيتنا  والتي يتعين علينا فك مغاليقها حتى نستطيع أن نتبين طريقنا ونعرف مواطئ أقدامنا ؛ بعد ان اصبحت قضيتنا ، في منطقة السائل فيها أكثر من الصلب، فالازمات الداخلية في الدول العربية جعلتنا أضعف كثيرا من أن نواجه المشروع الصهيوني التوسعي وحدنا - وبانقسامنا المدمر.

فالوحدة الوطنية الحقيقية هي الطريق الصحيح  , وليس نفي الراي المعارض والجمود والتحلل من الالتزامات الوطنية . وعلى ما يبدو أن هذا الأمر سيستمر بسبب ما نعاني منه من ضحالة ، وقصور في الإدراك، وفقر مروع في الفكر الثقافي والفهم السياسي – أي  تنمية فقر الفكر.. وابداعنا بفكر الفقر ،  فلا يوجد لدينا  الآن " ديالوج" أي حوار بين أصوات متعددة، وإنما يوجد فقط" مونولوج" يتحدث فيه صوت واحد يخاطب نفسه غالبا ولكنه يتوهم انه يتحدث مع الآخرين !!  اى حورات بعيد كل البعد ، عن مربط الفرس - و ارمح فيها يا ابو لجام خيط. بعد خراب البيت .